عبرعدد من سكان محيط جبل الشعانبي وسفوحه أول أمس من خلال لقائهم مع وسائل الإعلام عن صعوبة الأوضاع التي يعيشونها وترديها بعد اندلاع الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة. وبين هؤلاء أن العديد من سكان تلك المناطق قد غادروا منازلهم باتجاه مدينة القصرين أوغيرها من الوجهات، وذلك في محاولة منهم الفرار من المخاطرالتي تحيط بهم، وأيضا وعلى وجه الخصوص من انعدام وصول المواد الاستهلاكية وانقطاع الماء الصالح للشراب بتلك القرى والمناطق التي يقطنون بها. و يرى البعض أن ما قام به هؤلاء السكان يبقى أمرا طبيعيا أملته عليهم الأوضاع التي أحاطت بهم في تلك الجهات، لكن هؤلاء هم تونسيون ووجب على السلط أولا ثمّ على قوى المجتمع المدني والأحزاب السياسية مآزرتهم والشدّ على أياديهم وتوفيركافة مستلزمات الحياة لهم حتى لا يشعروا بالخوف والخصاصة وحتى يدركوا أن الحكومة لا تتخلى على التونسيّين .. كل التونسيّين حيثما كانوا وكيفما كانت الظروف المحيطة بهم على أرض الوطن. لقد كان من الواجب أن تضع الحكومة خطة خاصة لتزويد تلك الجهة بمستلزمات الحياة اليومية لسكانها في هذه الظروف الخاصة التي تحيط بهم وبجهتهم وذلك لطمأنتهم وشدّ أزرهم وإشعارهم بتواصل مجرى الحياة بشكل طبيعي. كما وجب أيضا أن تهبّ كافة مكونات المجتمع المدني من منظمات وأحزاب وجمعيات لمساندتهم من خلال قوافل النجدة والمساعدات التي طالما مثلت سابقا وفي ظروف عصيبة مرّت بها البلاد مظهرالتآزرالوطني الرّاقي الذي يتسم به الشعب التونسي. كما وجب على أعضاء الحكومة وقيادات الأحزاب والمنظمات الحقوقية وغيرها التوافد على المنطقة وزيارة سكانها لإشعارهم من أن تونس تقف وقفة الرجل الواحد عند الشدائد مع كل سكانها وكافة جهاتها، وأن هؤلاء الدخلاء على المنطقة من الإرهابيين لن يكون لهم أي تأثيرعلى الحياة العامة في البلاد، وأنّ كل الأطراف الاجتماعية في البلاد معنية بما يجري في كل جهة، ومهتمّة به وتسعى بكل ما تملكه لصدّ هذا الخطرالداهم ودحره بعيدا عن أيّة جهة من جهات تونس. هذا ما كنا نترقبه منذ اندلاع أحداث الشعانبي وإلى اليوم، لكن أن يقف الجميع على مسافة من هذا الواقع، وأن يوظفه كل طرف لخدمة مصالحه السياسية إما عبرالتقليل من أهميته ومخاطره أوالنفخ فيه بشكل يرعب المواطنين فتلك هي السياسات الخاطئة وذلك هوالتشتّت والحسابات الضيّقة التي طالما واجهت به القوى السياسية الفاعلة في البلاد الواقع الذي تمرّبه البلاد.