الآن وقد تجاوزنا عقدة تشكيل الحكومة الجديدة بكل ما كان فيها من صعوبات وشد وجذب بين الطوائف السياسية، فقد حان الوقت للعمل وتطبيق البرنامج المرحلي الذي يتطلبه الوضع في البلاد بكل ما فيه من أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وتنموية وأمنية. وأول ما يجب أن يتسم به نشاط أي وزير هو مباشرة جملة الملفات الحارقة والعاجلة الموضوعة على مكتبه دون تردد أو تأجيل، ودون ذلك التعقيد الذي كانت تسير عليه الأمور مثل العودة في كل قرار إلى رئاسة الحكومة أو المجلس الوزاري أو غيرهما من القرارات المركزية التي كانت تعطل القرارات وتؤجلها أكثر مما تسهل إنجازها. وهذه المطالب العاجلة واضحة وسبق أن تمت برمجتها ورصد ما يلزمها من تمويلات واتخاذ قرارات سريعة من أجل تنفيذها، ولذلك فإن إنجازها لا يتطلب إلا عزيمة صادقة وقرارات جريئة ومبادرات يتخذها كل وزير في ميدانه بعيدا عن كل ما من شأنه أن يعطلها. ففي الجانب السياسي مثلا لا بد أن يتخذ الوزير الأول كافة التدابير ليحيط نفسه أولا بكل القوى السياسية لتساعده على وضع خارطة طريق لكافة المواعيد التي ينتظرها الجميع بخصوص الوفاق الوطني حول جملة المحطات السياسية القادمة وتواريخها. وفي الجانب الاقتصادي فلا بد على الوزراء المشرفين على هذه القطاعات أن يبادروا بوضع خطط عملية للضغط على الأسعار وتفيكيك مظاهر وأسباب التهريب ودعم المراقبة الاقتصادية والحد من مظاهر الانتصاب العشوائي وغيرها من المجالات التي تمثل حلولا لتنقية الأجواء ذات العلاقة الواضحة بنشاط الأسواق والناشطين فيها، إلى جانب دعم كافة المبادرات في مجال الإستثمار الداخلي والخارجي التي طالما تعطلت وتأجلت بسبب جملة من العوامل والأسباب التي تبقى في بعض الأحيان تافهة. كما وجب الإسراع والاهتمام بكافة الجهات الداخلية والعمل على تنفيذ طلبات سكانها سواء بخصوص دعم مجالات التشغيل هناك أو انجاز بعض المشاريع الاجتماعية والتنموية أو فك الحصار المضروب عليها بفعل تعطل المشاريع والتخفيف من الصعوبات التي طالت لقمة عيشهم بسبب غلاء الأسعار وقلة الإمكانيات والظروف الصعبة المحيطة بهم. وفي الجانبين الاجتماعي والأمني فإنه لا بد من اتخاذ قرارات عاجلة وفاعلة تبدد جملة المخاوف التي تراكمت وتزايدت أسبابها وذلك بتمكين قوى الأمن من العمل ضمن خطة واضحة لا تخضع فيها إلا للقانون وتمارس فيها نشاطها تحت يافطة الأمن الجمهوري بعيدا عن أي ضغط حزبي أو عقائدي، وكذلك مباشرة كافة القضايا الأمنية دون تأجيل وفي مقدمتها الكشف عن جريمة اغتيال المناضل شكري بالعيد. وهذه المطالب العاجلة لا يمكنها أن تتجزأ مادامت جميعها قد مثلت استحقاقات عاجلة طالب بها الطيف السياسي والنسيج الاجتماعي في كافة جهات البلاد، ولذلك فلا بد أن ينكب عليها الفريق الحكومي الجديد ويعمل على تنفيذها بأسرع وقت حتى يحصل التوازن المنشود في كافة المجلات ويشعر الجميع أنه تم بالفعل تجاوز مظاهر الصعوبات وفتح الآفاق أمام الجميع.