يبدو للمتابع للشأن العام والسياسي أن حركة النهضة قد خف حماسها بعض الشيء عن تبني مشروع تحصين الثورة وذلك من خلال عدة مؤشرات آخرها التصريحات الأخيرة لرئيس كتلة حركة النهضة في المجلس الوطني التأسيسي الصحبي عتيق على إحدى موجات الإذاعات الخاصة حين قال:"نداء تونس غير معني بقانون تحصين الثورة وان هذا القانون هو تحصين سياسي للثورة". زد عل ذلك اختلاف الآراء والمواقف في مجلس الشورى الأخير حول هذا المشروع فهناك من وافق على تمريره وهناك من رفض ذلك بينما يعلم الجميع انه تم تمرير مشروع القانون للجنة التشريع العام ليناقش ويعرض فيما بعد على جلسة عامة. يرى نور الدين العرباوي رئيس المكتب التنفيذي ل«حركة النهضة» والمكلف بالعلاقات مع الأحزاب ان قانون تحصين الثورة يحمل نفس الفكرة التي جاءت بالمرسوم عدد 15 الذي أصدرته الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة او ما يعرف بهيئة بن عاشور الذي منع عديد المسؤولين السابقين من المشاركة في الانتخابات السابقة. وحول تصريحات عتيق بان قانون تحصين الثورة لا يستهدف نداء تونس قال العرباوي"نداء تونس كحزب تأسس حديثا منذ اقل من سنة في حين مشروع قانون تحصين الثورة مطروح منذ بداية عمل المجلس الوطني التأسيسي إضافة إلى ان هذا القانون لا يستهدف احزاب بعينها بل الأشخاص الذين تسلموا مسؤوليات في النظام السابق". واعتبر المتحدث ان حركة النهضة لم تكن هي وراء إحداث المرسوم عدد 15 بل من أمضى المرسوم هو رئيس الحكومة السابق الباجي قائد السبسي وبالتالي هو من قام بإقصاء عديد الأشخاص المحسوبين على التجمع المنحل. ليس موجها لرئيس "نداء تونس" ومن جانبه قال رئيس كتلة حركة النهضة الصحبي عتيق ان قانون تحصين الثورة ليس مخصصا لرئيس حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي"لأننا لم نصغ قانونا لاستهداف أشخاص او أحزابا فالتجمعيين ليسوا موجودين في عديد الأحزاب غير نداء تونس وكذلك موجودون في هياكل الدولة". وفق تعبيره. "كلمة حق.. أريد بها باطل" رأى المؤرخ والسياسي مصطفى التليلي ان مشروع قانون تحصين الثورة هو "كلمة حق أريد بها باطل لان من قام بالثورة هو الشعب التونسي والعملية الديمقراطية هي الفرصة التي تعطى للتونسيين ثقتهم في من يعتبرون انه أهلا ليمثلهم." وقال"إذا أردنا التأسيس لمجتمع ديمقراطي لا يمكن ان نستبق حكم الصندوق لأنه ليس هناك قوة سياسية لها شرعية تاريخية تسمح لها من ان تحدد من يقف إلى جانب الثورة وأهدافها ومن يعارضها ". واضاف:" إذا كانت هناك إرادة في إعادة إنتاج الفصل 15 الذي على أساسه أجريت انتخابات التأسيسي فالمقارنة لا تصح الآن لأنه في تلك الفترة الأمر كان ناتجا عن ظرفية تاريخية وكان هناك تخوف من إفشال الانتقال الديمقراطي فتم الاتفاق على المرسوم عدد 15 كاستثناء وليس قاعدة". إجراء استثنائي وبين ان القوى السياسية في هيئة بن عاشور أجمعت على هذا الأجراء الاستثنائي والمؤقت وانه بعد إقرار دستور جديد للبلاد لا يمكن بأي حال من الأحوال منع أي تونسي من حقوقه السياسية في الترشح او الانتخاب إلا بحكم قضائي والآن لا يوجد أي مبرر لإصدار قانون يحرم أي تونسي من الترشح او من الانتخاب والقول بان تحصين الثورة لا يستهدف نداء تونس ليس المشكل بل الإشكال في حال قبل التونسيين بقانون إقصائي يؤسس لديكتاتورية جديدة. الفصل 15 انتهى.. وبعد نفى احد الخبراء في هيئة بن عاشور كون لجنة الخبراء قد تقدمت بمقترح إقصاء حسب تصريحات عتيق الأخيرة واعتبار ما قيل مغالطة أكد أمين محفوظ أستاذ القانون الدستوري ان لجنة الخبراء لم تقدم فصلا إقصائيا لأنها حاربت بدورها الإقصاء إضافة إلى أن لجنة الخبراء ليست تقريرية، اما بالنسبة للمرسوم عدد 15 فقد فرضته حركة النهضة والمؤتمر من اجل الجمهورية وحركة الوطنيين الديمقراطيين آنذاك. وأكد استاذ القانون الدستوري انه تم الاتفاق على ان يكون الفصل15 صالحا لانتخابات "التأسيسي" فقط ومن اقتطف ثمار الفصل 15 في انتخابات التأسيسي وأعجبته اللعبة يريد إعادة إنتاجها لاقتطاف ثمرة جديدة.