تونس - الصباح يعد قطاع الاتصالات من أكثر القطاعات التي تشهد نموا متسارعا في تونس التي دعمت مناخ المنافسة على مستوى إقامة الشبكات واستغلالها وتوفير مختلف الخدمات الاتصالية إلى جانب تفعيل الدور التنظيمي للهيئة الوطنية للاتصالات بوصفها السلطة التعديلية للقطاع. وكان إحداث الهيئة الوطنية للاتصالات وفتح قطاع الاتصالات إلى المبادرات الخاصة وإقرار مبدأ المنافسة فيه من أهم مظاهر تطور القطاع. وتركز الهيئة الوطنية للاتصالات إلى جانب وزارة تكنولوجيات الاتصال على إرساء قواعد المنافسة الشريفة والنزيهة في قطاع الاتصالات وخلق بيئة تنافسية جاذبة للاستثمار، مع ضمان حقوق كل المتدخلين في القطاع وتحديد قواعد التعامل بينهم. وبالرغم من حداثة عهد السوق الاتصالية التونسية بالعمل بقوانين المنافسة، فإن النتائج التي أمكن تحقيقها انطلاقا من شروع مشغل الشبكة العمومية الثانية للهاتف الرقمي الجوال 'تونيزيانا' في تسويق خدماته بداية من يوم 27 ديسمبر 2002، إيجابية جدا اعتبارا لارتفاع عدد المشتركين في خدمة الهاتف الجوال وانخفاض معاليم الاشتراك فيها وما أفضى إليه كل ذلك من حركية وتنوع في الخدمات. وقد ساهمت الهيئة في تحقيق هذه النتائج من خلال تدخلها لفض النزاعات وتقريب وجهات النظر بين المشغلين، ومراقبتها المستمرة لمدى وفائهم بالتزاماتهم الناتجة عن الأحكام الترتيبية والتشريعية في مجال جودة الخدمات وضبط التعريفات وحظر الممارسات المخلة بقواعد المنافسة الشريفة إن العمل بقواعد المنافسة الحرة والنزيهة في قطاع الاتصالات يقتضي حتما الاعتراف بحرية المشغلين في تحديد سياستهم التجارية وضبط التعريفات التي يعتبرونها مناسبة للخدمات التي يقدمونها إلى حرفائهم، غير أنه ونظرا لما لتلك التعريفات من تأثير على القدرة الشرائية للمستهلك وعلى نمو القطاع وتطوره وحتى لا يهيمن مشغل دون آخر على السوق الاتصالية, تدخل المشرع لوضع حدود لحرية المشغلين في ضبط التعريفات ومن أهمها : - حتمية مصادقة الوزير المكلف بالاتصالات على التعريفات القصوى للخدمات الأساسية للاتصالات. - قيام الهيئة بمراقبة مدى احترام المشغلين لالتزاماتهم الناتجة عن الأحكام التشريعية والترتيبية خاصة فيما يتعلق بالتعريفات وجودة الخدمات - إبداء الهيئة لرأيها حول طريقة تحديد تعريفات الشبكات والخدمات - إمكانية مطالبة الهيئة مشغلي الشبكات العمومية بمراجعة التعديلات التي ينوون إدخالها على تعريفاتهم إذا تبين لها أن تلك التعديلات لا تحترم قواعد المنافسة ووحدة التعريفات الوطنية وتوجهها نحو الكلفة. جودة الخدمات وفي نطاق قيامها بمهمة مراقبة احترام المشغلين للإلتزاماتهم التشريعية والترتيبية في ميدان الاتصالات، تقوم الهيئة الوطنية للاتصالات سنويا بتحقيق حول جودة خدمة الهاتف الجوال وذلك بالتنسيق مع المشغلين ومنظمة الدفاع على المستهلك. ويهدف هذا التحقيق إلى التأكد من تطابق جودة خدمة الهاتف الجوال مع المعايير المعمول بها دوليا ومع ما تضمنه كراس الشروط من مقاييس تتعلق بجودة الخدمة، وكانت الهيئة الوطنية للاتصالات أنجزت سابقا تحقيقا حول جودة خدمة الهاتف الجوال بتونس الكبرى. كما قامت بتحقيق شمل كامل تراب الجمهورية بما في ذلك المناطق السياحية وحتى المناطق والمسالك النائية. ويتم بعد الانتهاء من أعمال التحقيق والحصول على نتائجه إعلام المشغلين بما أفضى إليه التحقيق حتى يتمكنوا من تلافي النقائص التي تمت ملاحظتها. ويذكر أن عدد المنخرطين في خدمات الهاتف الجوال فاق اليوم ال9 ملايين مشترك لدى كلا المشغلين. ويلجأ المشغلون كل حسب خططه وبرامجه لكسب المزيد من الحرفاء عبر عمليات اشهارية تسويقية يستفيد منها المشترك بشكل كبير. لكن ظلت جودة الخدمات تتراوح بين المتوسطة والسيئة نتيجة العروض التجارية المتسارعة والنسق المرتفع في تطور مستعملي الشبكة مما حدا بوزارة تكنولوجيات الاتصال إلى وضع برنامج عاجل يتضمن العديد من الإجراءات الفنية والتنظيمية المتمثلة خاصة في تعزيز دور الهيئة الوطنية للاتصالات على مستوى المراقبة ورصد أكثر من 100 مليون دينار للارتقاء بنوعية أداء شبكة الهاتف الجوال. كما تم إحداث خلايا داخلية تعنى بالجودة وتقبل الشكايات وأخذها بعين الاعتبار وهو ما ساعد على انخفاض نسبة اختناق الشبكة بصفة ملحوظة على أمل القضاء نهائيا على هذا الاكتظاظ خلال السنة الجارية للاقتراب من المعايير والمواصفات العالمية.