تعاقبت جلسات الحوار مع الشباب في كثير من المدن والاحياء الشعبية.. بمشاركة شخصيات علمية وسياسية وثقافية عديدة.. بينها ثلة من كبار المسؤولين في الدولة.. وحسب ردود الفعل الاولية فإن بعض ندوات الحوار مع الشباب بدأت تطرح عددا من الاسئلة المسكوت عنها.. أو المحرجة.. أي التي تخوض في "المحظورات".. وما يسمى في بلدان المشرق "بالمنطقة الحمراء".. ولا شك أن الهدف من الحوار مع الشباب هو الاستماع إليه أولا.. والاستفادة من ملاحظاته واقتراحاته ثانيا.. ثم السعي إلى بناء جسور تواصل جديدة معه.. والبرهنة على أنه يوجد فعلا استعداد للحوار.. حول كل القضايا.. بما في ذلك حول "الممنوعات".. وكل ممنوع مرغوب فيه.. وإن كان الحديث يشمل عوالم الحب والجنس والمخدرات والعنف والتطرف والمقدسات الدينية والمسلمات الاجتماعية والسياسية.. هناك أسئلة كبيرة وخطيرة يريد الشباب أن يطرحها.. ويفتح حوارا جريئا حولها.. مع "الكبار" و"الصغار".. تهم حقه في ان يرى بلده يتقدم بسرعة فائقة.. ("لا يكبحها "الرادار" وعلامات المرور).. من بين أسئلة الشباب المسكوت عنها في عالم الكبار والتي تتسبب احيانا في انحراف تيار منه نحو الميوعة والتسيب وتيار آخر نحو السلفية والتطرف: لماذا يسمح لأترابه خارج المجتمعات العربية والاسلامية بأن تكون له علاقات اكثر"ليبيرالية" بالجنس الاخر غير تلك التي تسود في مجتمعه؟ لماذا لا يقنن المجتمع العلاقات الجنسية "غير الشرعية" رغم انتشارها بسرعة في صفوف المراهقين والكهول في الاوساط "الراقية" والشعبية؟ لماذا يسمح باستهلاك أنواع من "المخدرات الخفيفة" Drogue douce في بعض البلدان الاوروبية دون بلده رغم انتشار الظاهرة في بعض شوارع بلاده ليلا ونهارا؟؟ لماذا لا توجد مراكز علاج عمومية مجانية كثيرة لضحايا استهلاك المخدرات ("الخفيفة") عوض اختزال رد الفعل في الحكم بسجنهم في صورة الكشف عنهم؟ لماذا لا تراجع جوهريا سياسات التشغيل والتوازن بين الجهات بعد النقائص التي برزت ومنها البطالة في صفوف نسبة مهمة من الشباب؟ لماذا لا يفتح نقد علني وواضح للمفاهيم السائدة عن الدين والمرجعيات الاسلامية؟ لماذا لا تؤسس قناة تلفزية تونسية ثقافية اسلامية بعد نجاح قناة "الزيتونة" الاذاعية في فتح حوارات مفيدة؟ لماذا لا يفتح حوار حول بعض الملفات المالية والاقتصادية "الحساسة"؟؟ لماذا لا يتحسن دور وسائل الاعلام العمومية والخاصة.. لتصبح لتونس صحف وفضائيات اذاعية وتلفزية تنافس فعلا وقولا مئات الفضائيات "التحررية" الخليجية؟ لماذا لا يستفيد بعض المسؤولين من الكفاءات الوطنية المستقلة والخبراء المخلصين لتونس ورموزها رغم بعض مواقفهم النقدية؟ لماذا لا تتنوع أساليب مقاومة مظاهر التسيب الاداري مع توسيع هامش الحريات في البلاد؟ لماذا لا يتمكن الشباب دائما من التعبيرعن رأيه بحرية حول كل القضايا دون "روتوش"؟؟ لماذا لا يتمكن الشباب احيانا أن يسال بصراحة: لماذا؟