كنا قد أوردنا سابقا مقالا عن الخدمات السيئة والرديئة التي تعشش في المستشفى الجهوي بالجهة، سيما وأنها تسببت في عديد الإخلالات على غرار تسجيل عدد من الوفيات جراء قلة العناية والإهمال الطبي المتكرر سواء كان ذلك بقسم النساء والتوليد، أو طب القلب والشرايين أو جناح العناية المركزة "الإنعاش"، أمّا قسم الجبس الخاص بالكسور الحادة والتي تستدعي أحيانا حالة المصاب وضع الجبيرة لكن لعدم وجود إطار كفء مختص في هذا المجال يتم نقل المريض إلى أحد المستشفيات بتونس العاصمة لتلقي العلاج، وصادف يوم بينما كنا باحد أقسام المستشفى اذ بمجموعة من المواطنين متجمعين وعلامات "النرفزة" على وجوههم تصحبها شرارات من الغضب، يتذمرون ويصرخون فحاولنا الاقتراب منهم وبقينا ننصت لما يدور حولهم لنفهم أنهم مستاؤون من الخدمات الرديئة التي لا تزال تتدهور يوما بعد يوم، وأصبحت تشكل خطرا كبيرا على المرضى، وما يدور عبر أروقة هذه المؤسسة الصحية إلى درجة أنّ المريض "يموت صبرا" في انتظار الطبيب خصوصا خلال العطلة الأسبوعية، ويبقى يعاني ويتضرع إلى خالقه. هذا المستشفى تنعدم فيه أبسط مقومات العمل وأدنى قواعد الصحة وأقل مستلزمات الرعاية والإحاطة، وأمام نقص الخدمات التي يمكن القول أنها غير متوفرة أصلا في مؤسسة إستشفائية جهوية، تفد عليه مختلف الفئات العمرية من كافة المعتمديات وحتى من خارج الولاية للحالات الاستعجالية الطارئة خصوصا حوادث المرور لا قدر اللّه، أمّا دورات المياه فهي باتت تستغيث من ركود المياه وغياب مواد التنظيف لتتحول ليلا إلى وكر ترتع فيه الحشرات بشتى أنواعها خصوصا في قسم التوليد. هذه الخدمات المزرية والفاقدة لمضمونها نتيجة النقص الفادح في التعامل معها بكل جدية وحرفية ومطالبة سلطة الإشراف بالتدخل السريع والعاجل لإنقاذ هذه المؤسسة من النزيف الذي يلازمها منذ سنوات رغم الإعتمادات التي تمنحها السلط المعنية، يجعل المواطنين يطرحون عديد الأسئلة: أولا وجب على سلطة الاشراف أن تهتم بتكثيف المراقبة وتنظيم زيارات للتفقد الفجئي دون الإعلام المسبق حتى يتسنى للفريق معرفة الحقائق التي تنزف وتنخر في المستشفى وثانيا على مدير المستشفى أن يتحرك ويترك كرسيه جانبا ويشمر على ساعده ويقوم بمراقبة الإطار الطبي وشبه الطبي والعملة ويطلع على كل المستجدات التي تهم هذه المؤسسة وتكثيف معلقات التحسيس والتوعية وبالتالي يقع تفادي هذه التجاوزات التي تحدث يوميا بصفة مستمرة وهنا يحس المريض بالطمأنينة ويقبل للتداوي، ويبقى السؤال المطروح والملّح: متى يتم التفكير في إنقاذ هذه المؤسسة الإستشفائية حتى توضع في مسارها الصحيح وتؤدي وظيفتها التي بعثت من أجلها.