عرف القطاع الصحي بولاية سيدي بوزيد تراجعا وتدهورا كبيرين نتيجة تخلي الدولة عن تقمص أدوارها المحورية فيه قبل وضع أسسه ومخططاته مما أدى بصفة مرئية إلى تدني مستوى الخدمات العلاجية والاكتظاظ والمواعيد البعيدة في تناقض صارخ مع تطلعات الأهالي، إذ اتفق المستجوبون على أن "أمراض" المؤسسات الصحية العمومية بالجهة تتمثل في فقر الأدوية في مجال طب الاختصاص حيث يضطر المرضى للتنقل إلى الولايات المجاورة للتداوي. وفي هذا السياق تأكد أن المستشفى الجهوي بسيدي بوزيد والذي صارت خدماته المسداة محل وقفات احتجاجية وانتقاد حاد من جميع من التقيناهم سواء في المؤسسة المذكورة أو خارجها يفتقد فعليا إلى أطباء إنعاش وتبنيج كما أن النقائص تشتمل جراحة الأعصاب والعظام والأمراض الجلدية والحروق وقسم التوليد وقسم الأشعة الذي يحتوي على آلة سكانار وحيدة قديمة وكثيرة التعطب. يبقى المستشفى في حاجة ملحة لآلات طبية للتصوير بالصدى والكشف عن سرطان الثدي "mammographie " وتخطيط الجنين وتحاليل الدم والتعقيم وكذلك طاولة ثابتة لقسم الاستعجالي ووحدة لإنعاش الرضيع إلى جانب تعزيز الإطار الطبي ولا سيما شبه الطبي والفني واستنادا إلى بعض المؤشرات التي تبين من خلالها أن عدد الأسرة لكل ألف ساكن لا يصل إلى حدود السرير الواحد وتقريبا سيارة إسعاف لكل 12750 ساكنا فقد أشار أعوان القطاع إلى دعم التجهيزات الصحية وتفعيل دور مراكز الصحة الأساسية حتى لا يضل محصورا في الشأن الجاري وإعادة النظر في توزيع الإطار حسب عدد المرضى على المستوى الوطني وتعويض الأطباء الأجانب الذين غادروا الجهة إبان الثورة. المرضى يشتكون كما استمعت "الصباح" إلى تشكيات بعض المرضى والمواطنين من سوء الاستقبال وطول الانتظار وغياب الأدوية في صيدلية المستشفى الجهوي وإجراء التحاليل وصور الأشعة لدى القطاع الخاص متسائلين عن جدوى بطاقات العلاج المجاني والمنظومة العمومية. محدثونا اقترحوا إحداث مستشفى جامعي وقيام بدراسة ميدانية لمعرفة أسباب انتشار بعض الأمراض على غرار السرطان والقصور الكلوي وتقصي سبل الوقاية منها بالإضافة إلى ظاهرة الوفيات بقسم التوليد الذي يمثل النقطة السوداء في المؤسسة الاستشفائية مما دفع العديد من المتضررين إلى رفع قضايا في الإهمال والتقصير وتركيز مصحة متنقلة أخرى للإنعاش الطبي والاستعجالي. آفاق إن الملف الصحي لولاية سيدي بوزيد لا يمكن معالجته بمعزل عن واقع التنمية المكبل الذي ظل مساره يدور في حلقة مفرغة جراء السياسة المافيوزية البائدة المكرسة لعدم التوازن الجهوي المفرط مما عمق أوضاع الجهات المحرومة والمنسية، وبخصوص الولاية فهي تضم مستشفى جهويا واحدا و8 مستشفيات محلية و117 مركز صحة أساسية ومركزا واحدا لتصفية الدم وبما أن الصحة تعد قطاعا مهما في المخططات التنموية وعنصرا أساسيا في تحسين جودة الحياة للمواطن مما يقتضي تكثيف حجم الاستثمارات وتكوين الموارد البشرية قصد تجاوز النقائص المسجلة سواء من حيث علاقتها بمستوى الرعاية المؤسساتية أو بطبيعة الآليات المعتمدة قصد بلورة استراتيجيا للارتقاء بنوعية الخدمات العلاجية المسداة فقد تم بعد الثورة انتداب 30 طبيبا عاما و19 طبيب اختصاص و4 أطباء أسنان و7 صيادلة و148 ممرضا وممرضا مساعدا و62 فنيا ساميا فيما تم تدعيم المستشفى الجهوي بآلة جراحة بالمنظار بكلفة 110 ألف دينار و6 سيارات إسعاف كما أن هناك عديد المشاريع المقترحة لتحسين الوضع الصحي في ولاية سيدي بوزيد خلال السنة القادمة والمتمثلة في الخصوص في تطوير المستشفيات المحلية بجلمة والرقاب والمكناسي إلى مستشفيات جهوية صنف "ب" و ذلك بقيمة جملية تقدر ب 10 مليون دينار وإحداث أقسام ذات صبغة جامعية بمستشفى سيدي بوزيد علاوة على بعث مركز وسيط متعدد الاختصاص وآخر للصحة المدرسية والجامعية وتطوير مدرسة علوم التمريض إلى مركز بيداغوجي للتكوين المستمر وتقريب الخدمات من خلال إحداث مستوصفات بالمناطق ذات الأولوية.