يتواصل ارتفاع أسعار اللحوم بكافة أنواعها وخاصة منها الحمراء وذلك على الرغم من المحاولات التي بذلتها وزارتا الفلاحة والتجارة لإيجاد مخرج من هذا الوضع الذي اتسم بالغلاء الفاحش لهذه المادة التي فاقت أسعارها في تونس ما هو معمول به في العديد من الدول الأوروبية. وزارة التجارة سعت إلى إبرام اتفاق يتم بموجبه التخفيض من أسعار اللحوم ولو نسبيا، وحددت أسعار النوع الأحمر من هذه اللحوم في حدود 16 دينارا، غير أن هذا الإجراء ذهب أدراج الرياح، ومارس الجزارون نشاطهم طبقا لتقدير الأسعار التي تناسبهم كما عمدوا لممارسة ضغوطات على المواطنين والحكومة بانتهاج سياسة الإضراب والإعراض عن العمل مما خلق فراغا في السوق. هذا الواقع مازال يتواصل حيث تتراوح أسعار لحوم الضأن بين 19 و20 إلى 21 دينارا في معظم جهات البلاد، علاوة على أساليب الذبح والبيع غير القانونية التي تمارس في كافة الجهات دون استثناء وعلى مرأى ومسمع من المراقبة الاقتصادية والأمن البلدي داخل المدن، وبشكل طليق اليدين في القرى والأرياف. هذا التعاطي داخل قطاع اللحوم جعل العديد من المواطنين يحرمون من هذه المادة في شهر الصيام، وذلك على الرغم من نداءات منظمة الدفاع عن المستهلك وبعض قوى المجتمع المدني التي عبرت عن امتعاضها مما يجري في هذا القطاع، ومن ممارسات القصابين التي تحولت إلى لوبي ضغط على الجميع. ونظرا لما آلت إليه الأمور تبقى مسؤولية الحكومة قائمة حيث لم يتم الاستعداد الكافي لمجابهة الوضع والتصدي للمزايدات التي تحولت إلى أمر واقع، فلا جابهت السلط الناشطين في القطاع بالضغط عليهم، ولا هي تدبرت الأمور بجلب ما يكفي من اللحوم المبردة لخلق توازنات وتعديل الأسعار داخل السوق. وفي واقع الأمر فإن مسألة ارتفاع أسعار اللحوم كانت من الأمور المنتظرة وذلك على ضوء إهمال البعد الاقتصادي وعدم معالجة ملفه الشائك من قبل الحكومة وذلك على الرغم من الأصوات التي ارتفعت منذ أشهر تنبّه لهذا الخطر الداهم الذي سيزيد من الصعوبات لكافة المواطنين.