تونس - الصباح: لا أحد ينكر أن الاشكاليات المتعلقة بمسألة حماية البيئة من التلوث كانت وما تزال من أبرز المشاغل التي حظيت بمتابعة لصيقة من قبل أعلى هرم في السلطة. وما يثلج الصدور في هذا المجال هو في تتالي القرارات والإجراءات الرئاسية التي تجسم حلولا عملية ناجعة لمشكل تلوث البيئة والمحيط وعلى وجه الخصوص ما تعيشه بعض المناطق الحضرية بالمدن الكبرى من انعكاسات بيئية من أبرز أسبابها تلك المتصلة بما تفرزه المناطق الصناعية المجاورة للمدن على غرار مدينتي صفاقس وقابس من ملوثات خطيرة على البيئة وصحة الإنسان، تحتم البحث في حلول عاجلة لدرء تلك المخاطر البيئية وتحسين نوعية الحياة لدى المواطنين وهو ما تجسم في عديد القرارات لعل آخرها قرار رئيس الدولة "بضبط برنامج لنقل وحدة تحويل الحامض الفسفوري (سياب) من صفاقس وذلك قبل موفى المخطط الحادي عشر." ملف البيئة وحماية المحيط خصوصا في المناطق الحضرية الآهلة بالسكان كانت على غرار غيرها من الملفات العديدة التي تهم مباشرة المشاغل اليومية للمواطنين من بين المواضيع التي بادرت «الصباح» بطرحها بعمق في عديد المناسبات، بل كانت «الصباح» سباقة بنقل أهم الاشكاليات المتعلقة بتلوث البيئة والمحيط وبحثت في أسبابها وعواملها واقترحت الحلول. كما كانت «الصباح» حاضرة في موقع البؤر الملوثة مسلطة الأضواء على خطورتها البيئية المحتملة على المحيط والإنسان التي تم إثباتها علميا وصحيا من خلال عديد التقارير والدراسات التي أنجزتها هياكل صحية وبيئية وطنية. فقد كتبت «الصباح» أكثر من مقال وتحليل ولفتت الأنظار إلى خطورة التلوث البيئي الذي تعيشه على الأخص مدينتا صفاقس وقابس ونقلت بكل شفافية آراء اهالي المدينتين في عدة مناسبات، وحتى قبل بعث وزارة تعنى بالبيئة في تونس التي رأت النور سنة 1991. ويكفي التذكير في هذا الشأن أن افتتاحية «الصباح» في عددها يوم 16 أكتوبر 1991 غداة بعث وزارة البيئة أثارت فيها الوضع البيئي في ولايتي صفاقس وقابس ودعت إلى الإسراع بالبحث في حلول عاجلة للتلوث الذي يعشه سكان المدينتين. وعلى سبيل المثال لا الحصر كانت «الصباح» من أول المبادرين للتعمق في ملف التلوث بالمدينتين ذات الكثافة الصناعية الكبيرة عبر عقد ندوة بشأن ذات الموضوع في ديسمبر 2004 بمدينة صفاقس شارك فيها أساتذة وأطباء وجامعيين ومهندسين مختصين في الشأن البيئي وممثلين عن هيئات وهياكل بلدية وحكومية وجمعياتية من ولايتي صفاقس وقابس تعنى بحماية البيئة. وقد نشرت تفاصيل الندوة تباعا بتاريخ 24 و25 ديسمبر 2004. وبحثت الندوة المذكورة بإسهاب من خلال تدخلات المشاركين فيها عن أسباب تلوث المدينتين ومصادره وتأثيراته وتم اقتراح عديد الأفكار والحلول العملية في هذا الاتجاه. كما تم بالتوازي مع الندوة نقل شهادات ومشاغل مواطني مدينة صفاقس بشأن التلوث الذي تعاني منه مدينتهم. وقد لفت بعض المواطنين آنذاك إلى خطورة التلوث الذي يتسبب فيه مصنع «السياب» جراء الانبعاثات الغازية الملوثة ومصب فضلات المصنع إذ أثبتت دراسات خطورته المؤكدة ليس فقط على تلوث المحيط لكن أيضا على صحة متساكني الجهة.. وطالبوا بغلق المصنع او على الأقل نقله إلى مكان آخر لا يشكل خطورة على سكان المدينة. ذاك غيض من فيض والأمثلة عديدة عن ما تبذله «الصباح» من دور إعلامي في هذا المجال وهي تعد قرائها على المضي قدما في هذا النهج حتى تكون دائما قريبة من مشاغل الناس وتنقل حقيقة الصعوبات أو المشاكل التي يعيشونها.