تونس - الصباح الأسبوعي ترتبط «ظاهرة الإرهاب» في أي بلد في العالم بعدة عوامل داخلية وخارجية، كذلك الأمر بالنسبة إلى محاربة هذه الظاهرة ومحاولة اقتلاع جذورها والقضاء عليها هذا ما يؤكده المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي الذي يعتبر- في اتصال هاتفي مع «الصباح الأسبوعي» - أنه لتجاوز أزمة الإرهاب لابد أن نفهم هذه الظاهرة بأبعادها وأسباب انتشارها وهي مسألة لم تحظ في رأيه بالتعمق المطلوب. فالأمر لا يتعلق بعامل واحد بل بعدة عوامل .. إذ لابد من وجود خطة ورؤية شاملة لمجالات مختلفة حتى نتمكن من التصدي لخطر الإرهاب ومزيد انتشاره.. ويعدد الجورشي جملة من النقاط التي يجب التعامل معها للتصدي للإرهاب في تونس، أولها في رأيه إعادة ترتيب الوضع السياسي الخاضع إلى جملة من التجاذبات والصراع على السلطة طوال الفترة الماضية. فإيجاد حلول للوضع السياسي الراهن سيخفف من حدة التجاذبات السياسية ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم لاستكمال عملية الانتقال الديمقراطي وبناء مؤسسات قوية مما سينعكس إيجابا على الوضع الأمني. فالفوضى وتراجع هيبة الدولة وغياب الاستقرار السياسي يسمح لهذه المجموعات الإرهابية بالتمركز والانتشار الأمني مرتبط بالسياسي لا قيمة للحل الأمني في هذا الإطار حسب ما يراه الجورشي دون الوفاق السياسي والاستقرار في مؤسسات الدولة. إذ أن السياسيين تغاضوا عن المؤشرات الأولى لتصاعد الإرهاب في تونس ولم يدركوا أهميتها وخطورتها إلى أن اصبحت حالة مستعصية كما يؤكد الجورشي أنّ البعد الثقافي والديني هامين جدا في التعامل مع ظاهرة الإرهاب، فمن الضروري إعادة بناء المشهد الديني في البلاد، فالراديكالية التي نعيشها اليوم ظهرت في ظل خطاب ديني متشدد. ولابد من إعادة النظر في المشهد الديني وبث خطاب معتدل كما أنه على المؤسسات المعنية كجامع الزيتونة والجامعة الزيتونية والمساجد ومؤسسات التربية والتعليم والجمعيات أن تقوم بدورها في هذا المجال وأن تتصدى لخطاب العنف والتحريض والدعوة إلى القتل. لتقدم خطابا معتدلا يعكس القيم الحقيقية للإسلام ويمثل مرجعية قوية للشباب حتى لا ينساق وراء التيارات المتشددة التي تقدم مفهوما مغلوطا للدين التصدي للفقر والتهميش وفي خضم ذلك لا يجب أن ننسى كما يؤكد محدثنا البعد الاجتماعي والاقتصادي، فالجماعات المتشددة عادة ما تجد ضالتها في الطبقات الاجتماعية المعوزة والمناطق المهمشة وتستخدم في عمليات غسيل الدماغ المال والخطاب الديني من أجل استقطاب أعضاء جدد، فكلما انتشر الفقر والتهميش والبؤس كلما أمكن التأثير في بعض الشرائح واستقطابها..لذا لابد من توفير الظروف اللازمة اقتصاديا واجتماعيا لمحاربة التهميش والبطالة والفقر.. «وصفة» محاربة الإرهاب من وجهة نظر محدثنا إذن لا تقوم على عنصر واحد بل تأتي في سياق تصور شامل يتعامل مع جذور الظاهرة ولا يقتصر فقط على الحل الأمني وإنما يكون الحل أمنيا وسياسيا ودينيا واجتماعيا..