بعد تهرب أو لنقل مغالطات من قبل المسؤولين في الحكومة وخاصة من وزير المالية حول الوضع الاقتصادي الراهن للبلاد، لم يعد لهؤلاء من مهرب سوى التراجع والكشف عن بعض الحقيقة التي طالما لوّح بها الخبراء في الاقتصاد.. وزيرالمالية تحدث مؤخرا عن المؤشرات الاقتصادية واكد على انزلاق العجزفي الميزانية الى 7.4 بالمائة اي قرابة 8 الاف مليون دينار وعجز في الميزان التجاري الى حدود شهر سبعة من السنة الجارية بحوالي 6.507 مليون دينار وبلوغ حجم الديون المتخلدة بذمة الدولة هذا العام نسبة 44 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي؛ وهو ما يعني التوجّه المباشر نحو منطقة الدين الخطير(50 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي)... أرقام خطيرة تؤكد خطورة المرحلة وصعوبتها وهو وضع ليس بالجديد؛ لكن السيد الوزير وعددا من اعضاء الحكومة لطالما حاولوا تنميقه وتجميله بلغة مطمئنة هاجمت من يقول عكس ذلك من خبراء الاقتصاد الذين حذروا بالأرقام والمعطيات والدلائل من خطورة الوضع الاقتصادي ومن غياب مؤشرات اصلاح وانقاذ أكدتها حتى المؤسسات المالية والمصرفية الدولية. فالسيد الوزير ومستشارو الحكومة وعوض الأخذ بالرأي والنصيحة والإقرار بخطورة الوضع والبحث مع الخبراء والمختصّين عن حلول الانقاذ، بادروا بمهاجمة المختصين والمحللين الذين كشفوا الواقع متهمين إياهم بوضع العصى في العجلة وتوجيه الانتقادات لأسباب سياسية تخدم الأحزاب والأطراف المعارضة للحكومة.. وها أن "الزنقة وقفت بالهارب" كما يقال ولم يعد هناك مجال ل"تغطية عين الشمس بالغربال".. فالوضع الاقتصادي الكارثي الذي تمرّ به تونس اليوم لا أحد بإمكانه ان ينكره في ظل نسبة النمو الضعيفة المسجلة وتواصل سياسة التداين وارتفاع نسبة العجز وضعف ان لم نقل انعدام التنمية.. الواقع الاقتصادي الراهن مردّه ان الانتظارات التي تمّ على أساسها إعداد ميزانية الدولة لم تكن واقعية رغم ان المناخ الاجتماعي تحسن سنة 2013 كما أن الإضرابات والاعتصامات قلتّ مقارنة بالسنة التي سبقتها وعادت "مكينة الفسفاط" الى الدّوران وسجلت السياحة ارقاما محترمة بنجاح الموسم السّياحي ووجود مؤشرات جدّ ايجابية بالنسبة لموسم ما بعد الذروة (سبتمبر-اكتوبر – نوفمبر)... من الضروري اليوم وقبل اشتعال الضوء الأحمر والوصول الى مرحلة الخطر وربما الإفلاس وضع برامج انقاذ ترتكز خاصة على التقشف في نفقات التنمية والتصرف ووضع خطط عاجلة لتوفير الموارد من الداخل بعيدا عن سياسة الاقتراض والتداين الخارجي والشروع في اعداد مشروع ميزانية الدولة لسنة 2014 بناء على الواقع الاقتصادي الراهن والمؤشرات الاقتصادية الحقيقية رغم ان هذا الامر يصعب حاليا بالنظرالى التأخرالكبير في تحديد ملامح الميزانية وغياب مشروع الميزان الاقتصادي وتأخرعدد من الوزارات في تقديم مشاريع ميزانيتها وهوما يجعل الامور تصعب وتجعل مشروع الميزانية مهتزّا منذ البداية.. على وزارة المالية ان تعمل وتسرع في مشاريعها واصلاحاتها بعيدا عن التجاذبات السياسية القائمة وبعيدا عمّا يمكن ان تؤول اليه المفاوضات حول استقالة الحكومة من عدمها وفي صورة العكس فان سنة 2014 ستكون سنة كارثيّة على اقتصاد البلاد وستكون تبعاتها وخيمة على مستقبل البلاد لسنوات قد تطول