في خضم الاحتجاجات التي يقوم بها بعض شباب عين دراهم من المعطلين عن العمل وعلى هامش هذه الأحداث اجتمعنا بنخبة من المتخرجين من المعهد الأعلى للتوثيق المتحصلين على شهادة الاستاذية في التوثيق وعلوم المكتبات والارشيف تلك الطاقات المهدورة التي تحتج منذ سنوات وترفع شعار:"أمّة بلا كتاب لا يحسب لها حساب" حدثتنا بالخصوص منى هلالي خريجة المعهد العالي للتوثيق ولخصت بطريقتها الوضع باسمها وباسم من يشترك معها في نفس القضية: قالت لقد تمّ توجيهنا إلى المعهد العالي للتوثيق وما تحمّسنا لذلك إلاّ لأن هذا الاختصاص مشغّل مثله مثل المعاهد العليا لتكوين المعلمين ومتخرّجي التربية. الانتداب حسب قائمة الانتظار والترتيب الذي لا يرتكز إلاّ على سنة التخرّج، ولكن ما راعني إلاّ أن هذا الحق سلب مناّ عنوة وأصبحت المناظرات تسير حسب أهواء أصحاب القرار منذ سنة 2003 رغم عديد الأصوات التي نادت بعدم إهدار طاقات الإطارات المتخرجة من هذا المعهد والتي بإمكانها أن تنهض بمكتباتنا العمومية وبالإدارات لترتقي بها إلى المستوى العالمي: رقمنة المكتبات وإدخال الإعلامية والطرق العصرية التي للأسف تفتقر إليها إداراتنا التونسية وذلك للمحافظة على الموروث الثقافي والزاد المعرفي لبلادنا. ولكن ضاعت مجهودات المتخرجين في التحصيل سدى وتواصل العبث بمقدراتها بلا حسيب ولا رقيب والسبب في ذلك عدم انتداب الإطارات العليا وخاصة في اختصاص التوثيق والأرشيف في الإدارات في المناطق الداخلية التي قلّ وندر أن نجد فيها موظفين في هذا الإختصاص (مكتبة/معتمدية/ بلدية/ مستشفى/ قباضة...). ومع العلم أن المتخرّجين من المعهد العالي للتوثيق الحاملين للأستاذية في التوثيق لا يتجاوز عددهم في الجملة 700 عاطلا عن العمل وقد ظلموا بتغيير قانون الانتداب لاستيعاب كل المعطّلين بدون استثناء إذ كانوا يعيّنون مباشرة إثر التخرّج ليستفيد منهم القطاع الذي هو في حالة تطور علميّ سريع... كفانا استثناءات تزرع الفتنة والكراهية وتدفع إلى استعمال الطرق الملتوية لتبجيل هذا على ذاك رغم أن كلّ التونسيين سواسية أمام القانون مثال ذلك العائلات المعوزة فهي ليست مقياسا صحيحا للانتداب فكل المتخرجين من الإطارات العليا بذلوا نفس الجهد للحصول على الشهادة العلمية ويتعين أن تكون لهم نفس الحظوظ مثلثهم مثل أبناء الموظفين الكادحين الذين يناضلون من أجل تعليم أبنائهم بلا معين وينتظرون ثمرة تضحياتهم بلا أمل ونحن نتساءل ما ذنب شبابنا المعطّل عن العمل بعد تكوينه في مجال اختصاصه وقيامه بالعديد من التربّصات في المكتبات والإدارات آخرها ضمن برنامج" أمل"؟؟ نتساءل أيضا عن المدينة الثقافية بالعاصمة وطاقتها الاستيعابية لذوي الاختصاص الذين بقوا مهمّشين خارج دور الثقافة وخارج المكتبات والإدارات بينما يصول فيها أناس لا يمتّون بصلة إلى العمل الذي يقومون به بصفة عشوائية وغير تقنيّة ولا علميّة البتّة. ولنقم بإحصاء في هذا الشأن وسنرى أن الإدارات يسيرها عملة غير مختصّين وتفتقر إلى تعيين الإطارات العليا في العديد من المجالات وانتهت المتحدثة بأنها تتوقع من وزير الثقافة أن يولي الاهتمام اللاّزم بهذه القضية، وكذلك الإسراع ببعث المدينة الثقافية للوجود الفعليّ والفعّال لتكون وزارة الثقافة الرائد الأول في عملية التشغيل لأنّ: "أمّة بلا كتاب لا يحسب لها حساب". والكلام لها