أمام انسداد افق الخروج من الازمة التي تمر بها البلاد منذ 25 جويلية تاريخ تسجيل الاغتيال السياسي الثاني لنائب "التاسيسي" محمد البراهمي وتمطيط التفاوض و"فشل" المنظمات الراعية للحوار الوطني في تحضير وإعداد أرضية لقاء بين الفرقاء السياسيين..دعا مؤخرا نجيب الغربي عضو مجلس الشورى لحركة النهضة إلى "تدويل الازمة السياسية التي تمرّ بها تونس عن طريق الاحتكام إلى الاممالمتحدة" ورأى أن الخروج من الازمة "يمكن أن يتم بوساطة دولية وخصوصا عن طريق الاممالمتحدة."
مطالبة بالتدويل سبقها في الأشهر الاخيرة عدد من اللقاءات بين سفراء ( سفير المانيا وامريكا وفرنسا والاتحاد الأوروبي..) وامناء عامين ورؤساء عدد من ابرز الأحزاب السياسية..ادت في بعض الاحيان الى حلحلة قرارات وتغيير مواقف.
فهل يمكن أن تصنف هذه اللقاءات كشكل من أشكال التدخل الاجنبي في الشأن الداخلي لتونس؟ أم أنها تتنزل تحت عنوان تفاعل دول صديقة وشقيقة مع الشأن الداخلي التونسي؟
قال عبد المجيد العبدلي أستاذ في القانون الدولي ان تونس "دولة مستقلة لها سيادتها والاممالمتحدة يحجر عليها طبقا للمادة 2 من الفقرة السابعة من ميثاق الاممالمتحدة التدخل في اي دولة :" يمنع على منظمة الاممالمتحدة اي تدخل في الشؤون الداخلية للدول." باستثناء الدول التي الوضع فيها يهدد السلم والامن الدوليين.
واعتبر ان "الدعوى الى تدخل الاممالمتحدة في تونس ناتج عن عدم فهم، وما ورد بمثابة اللغط السياسي.. فالاممالمتحدة منظمة دولية مستقلة عن الدول تونس عضو فيها منذ 1956."
وأشار العبدلي الى ان : "من أهم شعارات الثورة التونسية استقلالية القرار وبدعوى الى تدخل الأممالمتحدة أو غيرها وكأننا بصدد استباحة التراب التونسي ووضعه ملعبا للغير."
وذكر ان قواعد القانون الدولي تحمي الدولة التي تحترم نفسها لكن عندما نطلب تدخل الأممالمتحدة أو اللجوء الى محققين دوليين فذلك فيه إنقاص من شأن الدولة يؤدي إلى عدم احترامها في المحافل الدولية ويصبح من السهل التدخل في شؤونها الداخلية.
وقال: "من يحمل الجنسية التونسية وله من الوطنية ما يكفي لا يطلب تدخل اجنبي..والمشاكل الداخلية تحل بتوافق تونسي- تونسي دون اي تدخل مهما كان شكله."
تدخل السفراء..
أما بالنسبة للزيارات المتبادلة بين ممثلين عن منظمات من المجتمع المدني أو أمناء عامين لعدد من الأحزاب مع سفير ألمانيا والولايات المتحدةالأمريكية وسفير الاتحاد الأوروبي.. قال عبد المجيد العبدلي أن السفراء يبحثون في تنقلاتهم ولقاءاتهم عن مصلحة الدول التي يمثلونها لا غير..
واضاف أنه من غير المنطقي ان يمر طلب سفير امريكا اعادة محاكمة المتهمين في احداث السفارة مرور الكرام دون اية ردة فعل تذكر.
وبيّن الخبير في العلاقات الدولية:"معاهدة 18 افريل 1961 المتعلقة بالعلاقات الديبلوماسية تنظم السفرات الاجنبية، تعطي للسفير الحق في الحصول على المعلومة من البلد المضيف لكن عبر القنوات الرسمية.. لكن يبدو في تونس أنه طاب البقاء للسفراء الاجانب حيث يتنقلون ويجبون البلد بكل سهولة كما يجمعهم لقاءات مع منظمات واحزاب.."
واللوم هنا -حسب رايه- لا يقع على السفراء فهو موظف لدى حكومته مطالب باعداد تقارير على البلد المستقبل .. وانما يقع اللوم على المسؤولين في الحكومة وممثلي المنظمات والاحزاب الذين يقدمون في مادة جاهزة لهؤلاء الموظفين.. وراى ان "ما تقوم به الحكومة والمعارضة في علاقة مع السفراء الاجانب خطر على مستقبل البلاد."
وذكّر العبدلي بالتقارير التي اصدرها موقع ويكليكس والتي كانت عنوان معلومات ضخمة عن عدد من الرؤساء والمسؤولين.. استهزأ خلالها بدول العالم الثالث.
واعتبر ان "رقصة السفراء في تونس تثبت ان تونس لها قرارغير مستقل.."
مشيرا الى ان " الاجانب لا يقدّمون حلولا..هم يخدمون مصالح دولهم.. وان لم يكن الشعب مصدر حل الازمة فتلك هي المصيبة الكبرى."
بخصوص الجلسة التي جمعت بين راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة والباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس برئيس الجزائر عبد العزيز بو تفليقة، أوضح العبدلي ان الجزائر دولة جارة يهمّها الوضع الامني الداخلي في تونس فهناك خطر يهدّد الدولتين ومن حقها ان تبحث عن الاستقرار في تونس لكن يجب ان يكون ذلك عن طريق المؤسّسات الرسمية للدولة وهي رئاسة المجلس التاسيسي كونها السلطة الشرعية الاولى للبلاد يليها رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية.
وكان من الاجدر ان تقوم الديبلوماسية الجزائرية التي تعرف بذكائها وفطنتها بالتعامل داخل الاطر الرسمية وان لا تقوم بدعوة رئيسين لحزبين في تونس تاركة مؤسّسات الدولة وراى ان ذلك "فيه خطر على الدولتين."