أعرب رئيس التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الإنتقالية عمر الصفراوي عن استغرابه لعدم تشريك التنسيقية في الحوار الوطني، مشيرا إلى أن الإنتقال الديمقراطي والخروج من الأزمة السياسية الراهنة لا يمكن أن يتم ما لم تتحقق العدالة الإنتقالية. وأكد الصفراوي امس خلال ندوة صحفية بالعاصمة وجود تغييب مقصود لهذا الملف منذ حكومة محمد الغنوشي ليستمر مع الحكومات المتتالية التي تحمست لمتابعته، ليقع بعد ذلك نسيانه وتهميشه لغايات سياسية ضيقة.. وحمل رئيس التنسيقية المسؤولية للسلطة والمعارضة والمجتمع المدني واتهمهم بالتقصير.. كما اتهم وزير العدل السابق نورالدين البحيري بإضعاف العدالة من خلال تكريس القضاء وتطويعه خدمة لمصالح حزبية ضيقة.. من جهتها اعتبرت ممثلة المعهد العربي لحقوق الإنسان نزيهة بوذيب أن الممارسة الحالية للعدالة الإنتقالية تتسم ب"الإنتقائية وغياب الشفافية والنزوع نحو المصالح الضيقة". وذكرت في هذا السياق بان تفعيل المرسوم المتعلق بالعفو التشريعي العام، وخاصة الجانب المتعلق بالتعويض للمنتفعين الذين التحقوا بالوظيفة العمومية، اتخذ في ظل غياب تام لمعايير الموضوعية والكفاءة والشفافية خاصة أنه فعّل قبل المرور بمسار كشف الحقيقة. كما انتقدت الطريقة التي توختها الحكومة في إقصاء القضاة باستخدام آلية الإعفاء بدعوى إصلاح المنظومة القضائية وهو ما اعتبرته "تعاطيا خطيرا نظرا للإلتباس الذي رافقه، نجم عنه طمس للملفات المتعلقة بالفساد الموجود في المنظومة القضائية.. وانتهاك صارخ للحق في معرفة الحقيقة التي تعتبر ركيزة أساسية في العدالة الإنتقالية." وفي نفس السياق أشارت نزيهة بوذيب إلى خطورة إقامة القطب القضائي ومباشرته لمهامه والنظر في القضايا المتعلقة بالفساد والرشوة دون سنّ قانون إطاري يضبط اختصاصاته وصلاحياته، وهو ما ترتب عنه عشوائية في العمل.. خطأ جسيم كما اعتبرت أن إنشاء وزارة حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية "خطأ جسيم في حق الثورة"، لأن تأمين نجاعة وشفافية مسار العدالة الإنتقالية موكول للمجتمع المدني بدرجة أولى.. وأبرزت في هذا الإطار أن إنشاء هذه الوزارة ترتب عنه تعقيد وبطء كبير في صياغة الآليات المرتبطة بمسار العدالة الإنتقالية، وقد استأثرت الحكومة بهذا الملف بهدف توظيفه وفق أجندات سياسية معينة، مقابل تهميشه من قبل المجلس الوطني التأسيسي. واعتبرت أن التعاطي مع ملف رجال الأعمال المفترض تورطهم في منظومة الفساد، "اتسم بالضبابية وعدم الشفافية حيث أبرمت صفقات مع عدد منهم مقابل الولاء السياسي.." وأشارت في نفس الإطار إلى تعمد الحكومات المتعاقبة إتلاف جانب كبير من الأرشيف في مختلف الإدارات يشكل عائقا في سبيل كشف الحقيقة وتحديد المسؤوليات.. من جانبه أكد الأمين العام المساعد لإتحاد الشغل المولدي الجندوبي أنه لا يمكن الحديث عن تحقيق أهداف الثورة دون تفعيل وإرساء مسار إنتقالي في كنف عدالة شفافة ونزيهة، مجددا حرص المنظمة الشغيلة على فتح جميع ملفات الفساد العالقة في إطار جمعياتي، تجنبا لتوظيفها سياسيا من قبل السلطة.. يذكر انه وفي إطار تكثيف نشاطها لتسريع الكشف عن الحقائق بخصوص الفساد والجرائم التي حصلت قبل الثورة، وضعت التنسيقية الوطنية للعدالة الإنتقالية برنامجا طموحا من أجل إرساء منظومة متكاملة، حيث سيتم تركيز مرصد وطني للعدالة الانتقالية، واحداث خلية لمتابعة ملفات شهداء و جرحى الثورة.. كما سيتم العمل على إحداث قطب قضائي متخصص في مقاومة الإرهاب.