ضبطت مصالح المراقبة الاقتصادية والصحية هذه الفترة عمليات تحيل وغش في مادة الحليب في مستوى عدد من مراكز التجميع بباجة والفحص من ولاية زغوان تراوحت حسب تقارير رسمية بين إضافة مادة الفورمول وهي مادة كيميائية خطرة على الصحة استعملها عدد من أصحاب المراكز للترفيع من كثافة الحليب وبين إضافة الماء استوجب تحرير محاضر ضد المراكز المخالفة وعددها 14 مركزا من بين17 تمت مراقبتها. فيما تمثلت أخطر المخالفات على الإطلاق التي تم ضبطها في تعمد عون مخبر بمركز تجميع بالفحص إلى خلط الحليب بمادتين كيميائيتين هما البوتاسيوم والصودا مع ما تشكله الصودا من مخاطر صحية جسيمة تتسبب في أورام سرطانية عند استهلاكها. وقد تم إتلاف 17 ألف لتر من الكميات المحتوية على المادتين.. هكذا هو حال فوضى الغش والضرب عرض الحائط بأبسط معايير السلامة والجودة التي يفترض أن تكون محترمة بل ومقدسة في التعاطي مع المواد الغذائية لا سيما منها الحساسة والأساسية في غذاء التونسي مثل الحليب. ومهما كانت محدودية الحالات (كما ذهبت إلى ذلك بعض الأطراف المهنية) التي وقعت في قبضة المراقبة تبقى حصيلتها مفجعة وصادمة لما تشكله من خطر يقين على الصحة. وهو ما يدعو إلى التصدي بصرامة لمثل هذه العمليات وعدم التسامح مع مرتكبي هذا النوع من الغش والتحيل من أجل تحقيق مصالح مادية ضيقة عبر السمسرة والمخاطرة بصحة المواطن. وتكثيف حملات المراقبة المشتركة بين مختلف الوزارات المعنية. في هذا الصدد واستنكارا لهذه العمليات أعلن رئيس الغرفة الوطنية لمراكز تجميع الحليب سعد الله الخلفاوي في تصريح ل"الصباح" عن تنديده المطلق بعملية الغش التي جدت بمركز التجميع بالفحص وشدد على وجوب تحمل صاحب المركز مسؤولية ما حدث باعتباره المسؤول الرئيسي عن أشكال التلاعب التي تم رصدها لما تلحقه من ضرربصحة المواطن ولما فيها من تشويه لصورة القطاع رغم أنها حالات معزولة ومحدودة العدد-على حد قوله- داعيا إلى تطبيق القانون وردع كل تجاوز. وأكد الخلفاوي أن الغرفة لا تقبل بهكذا ممارسات وبأنها أصدرت بلاغا في هذا الشأن تؤكد فيه ضرورة التصدي لهذه الظاهرة من أجل تطهير المهنة. وأورد بأن الغرفة حريصة على احترام مقومات الجودة والسلامة الصحية في مادة الحليب وفي دفع أصحاب المجامع إلى الانخراط في هذا المجهود وبادرت منذ يوم3سبتمبر بطلب تنظيم اجتماعات عمل مع مختلف حلقات منظومة الألبان لتباحث سبل دعم الجودة. وقد تجاوب المجمع المهني للحوم الحمراء والألبان مع هذه الدعوة حسب تعبيره وانتظمت أول أمس أولى الجلسات مع مركزيات تصنيع الحليب،أسفرت عن توصية باقتراح من الغرفة تقر توحيد مقاييس قبول الحليب لدى مختلف المركزيات حتى لا يجد المنتوج المرفوض من إحدى الوحدات قبولا لدى الأخرى بفعل تباين واختلاف معايير القبول النوعية. وبالعود إلى موضوع التحايل البغيض في مركز الفحص قال رئيس الغرفة "إنه رغم خطورته وإدانته يبقى عملا معزولا وسط تواجد 236 مركز تجميع تجتهد في احترام قواعد الجودة والسلامة." وحول المخاوف من أن تكون كميات من الحليب المغشوش قد تم ترويجها واستهلاكها فند المتحدث ذلك موضحا أن مراكز التصنيع لها من تقنيات المراقبة والتحليل ما يسمح لها بالتفطن لهذه العمليات ورفض المنتوج بصفة آليا. حملة مراقبة واسعة على مراكز التجميع من جانب الجهة المكلفة بالمراقبة الصحية للمنتجات الغذائية في مختلف حلقاتها أفاد د محمد الرابحي مدير عام حفظ الصحة أن عمليات المراقبة لمراكز التجميع روتينية ويتم عادة التدخل الإداري السريع عند التفطن لحالات التجاوز بتطبيق القانون واتخاذ ما يلزم من إجراءات. وهذا واجب محمول على الإدارة في أي موقع أو جهاز حكومي كانت. وقال إن فرق المراقبة الصحية بالتعاون مع فرق التجارة قامت بزيارات معاينة وتفقد منذ أيام لمراكز التجميع وتم رصد حالات التجاوز المذكورة التي أثبتتها التحاليل وتم التدخل بإتلاف المنتوج. وحول إمكانية تسرب كميات مغشوشة إلى سوق الاستهلاك استبعد ذلك وطمأن الرأي العام بأن الحليب الموجود بمراكز التجميع لا يقع ترويجه مباشرة بالأسواق بل يوجه إلى مركزيات التصنيع بعد أن يخضع في مرحلة أولى إلى مراقبة ذاتية داخل مركز التجميع ومراقبة ثانية أكثر دقة لدى وحدات التصنيع. وشدد بأن فرق المراقبة بالمرصاد للمتحيلين وبأن تطبيق القانون بكل صرامة أمر واجب في هذه الحالات دون أي مرونة أو تسامح. وأعلن عن انطلاق حملة كبرى تستهدف مراكز التجميع للمراقبة والتحسيس باحترام قواعد الجودة والسلامة الصحية. منع قبول الحليب بعد التاسعة صباحا من بين التوصيات التي يعمل المجمع المهني المشترك للألبان مع حلقات المنظومة على تدارسها وتبنيها لدعم مقومات جودة الحليب مقترح يدعو إلى منع قبول الحليب بمراكز التجميع بعد الساعة التاسعة صباحا حتى لا يكون عرضة للحرارة والتعفن وبالتالي تتقلص محاولات التحيل بإضافة مواد مصبرة أو حافظة. وحسب مدير عام المجمع لطفي الشماخي سيتدعم التركيز على منظومة الجودة من خلال تكثيف لقاءات العمل المشترك بين مختلف الأطراف وإرساء برنامج متكامل بما يكفل التصدي لمحاولات الغش والتحيل. ولئن أدان بشدة حالات الغش التي تم ضبطها وطالب بتطبيق القانون بصرامة فإنه أكد أنها تبقى محدودة بالنظر لتواجد مايناهز230مركز تجميع يحرص معظم أصحابها على احترام كراس الشروط وتوفير ظروف العمل المطلوبة وتأهيل مراكزهم واعتماد المراقبة الذاتية قبل تسليم منتوجهم للتصنيع. هكذا إذن أصبح التفنن في الغش عملة مشاعة ومباحة في نظر البعض قد لا يتوقف نزيفه لكن حتما وجب التصدي لهذه الممارسات وبقوة لأن العبث بصحة المواطن وسلامة قوته أمرا مرفوضا ومدانا. سواء تعلق الأمر بالحليب أو غيره من المواد الاستهلاكية. وعلى أجهزة المراقبة الصحية والفلاحية والاقتصادية توحيد جهودها وتدخلاتها في إطار هيكل موحد وتكثيف تدخلاتها وحملاتها بشكل منتظم حتى لا يجد المتمعشين من وضع الانفلات السائد طريقا "للاستكراش" والاستغناء في أي مجال كان على حساب المواطن.