40 اصابة بداء الجرب في صفوف تلاميذ مدرسة بسيدي زهار من معتمدية تالة من ولاية القصرين.. حالتا وفاة بداء الكلب مع تسجيل لحوالي 250 ألف حالة اصابة حيوانية في ظل انتشار ملفت للنظر للكلاب السائبة.. تسجيل اصابات بعدوى البوصفير صنف "أ".. اصابات متفرقة بحمى النيل والتيفويد والمالاريا وانتشار للقمل.. امراض اجتماعية دخلت لسنوات طي النسيان واعتقد المواطن أن المنظومة الصحية قد قضت عليها تعود اليوم لتتحول الى مشكل محرج لكل الفاعلين في ما يهم الصحة والبيئة على حد السواء..في ظل وضع بيئي يفتقد لكل مقومات العناية بالنظافة ويتميز بتراكم للاوساخ والزبالة ولا مبالات وغياب التحرك المطلوب من المسؤولين.. "الصباح" بحثت في الموضوع من اجل تسليط الضوء على الاسباب الكامنة وراء بروز هذه الامراض من جديد على السطح ؟ ومعرفة المخططات والبرامج التي تم رصدها للتصدي لها.. "الفقر، انتشار الأوساخ وحالة التراخي التي تعاني منها مؤسسات الدولة الرقابية والصحية هو ما أدى الى عودة ظهور الامراض الاجتماعية.." تشخيص اتفق عليه كل الاطراف التي التقتها "الصباح" سواء كانت رسمية أو من مكونات المجتمع المدني.. الوضع الصحي تحت السيطرة؟؟ أكد عفيف بن صالح مدير الادارة العامة للصحة الأساسية في نفس السياق "ان الوضع الصحي تحت السيطرة وانه خلافا لما يتبادر الى الذهن لم تسجل هذه الامراض ارتفاع على مستوى الاصابات بل تعرف حالة استقرار ولا تثير الارقام المسجلة الى حد الان القلق." واشار الى أن قطاع الصحة "يشهد ضغطا كبيرا على مستوى المقاومة الوبائية خاصة أن النظام السابق قد خرب نظام الوقاية الصحية." وقال :" من حسن الحظ أن المنظومة الصحية تمتلك تقاليد وقائية لاباس بها"، داعيا الى ضرورة عودة بقية الهياكل الى اداء مهامها لان "منظومة الوقاية غير قادرة على الصمود لمدة طويلة.." الفقر..ومحدودية الوعي عن الفقر ومحدودية الوعي لدى المواطن اوضح مدير مركز الصحة الأساسية أن "المنظومة الصحية لم ترى بعد ثمار الثورة.. وقال إن الامراض الاجتماعية "هي امراض فقر تتكاثر وتنتشر في الأوساط التي تعاني قلة وجود الماء وضعف الحال والخصاصة وهي مربوط في الحقيقة بالمستوى المعيشي وليس بالنظام الصحي.." كما أن تراجع هذه الامراض مربوط بالقضاء على التفاوت الطبقي والهشاشة الاجتماعية. ويفسر بن صالح: "مرض الجرب والقمل أمراض تنتشر في الاوساط التي يتراجع فيها اسس حفظ الصحة والنظافة بصفة عامة كما ان مرض البوصفير صنف "أ" أحد اهم اسبابه استهلاك الخضر الملوثة بالمياه المستعملة وغير المعالجة أو استهلاك المياه غير المراقبة." وما يزيد من تأزم الوضع -حسب رايه- هو ما تعاني منه هذه المنطق من نقص في أعوان الصحة العمومية ومحدودية الوعي الصحي في هذه المناطق ومنطقة سيدي زهار من ولاية تالة التي سجلت 40 حالة اصابة بالجرب من ابرز الامثلة التي تؤكد ما سلف ذكره.. فهي عمادة تعني من مستوى فقر مرتفع ونقص في اعوان الصحة العمومية وغياب شبه كلي للوعي الصحي.. استقالة مؤسساتية من جانبه رأى الحبيب بوجناح رئيس جمعية الصحة والبيئة أن "التراخي وعدم الاكتراث الذي تتعامل بها مؤسسات الدولة هو المشكل الاساسي الذي يهدد الوضع البيئي الذي يؤثر بدوره مباشرة على الوضع الصحي العام.. فهناك غياب كلي للتنسيق بين المتدخلين على غرار وزارة الصحة والبيئة والداخلية.. كما يسجل تراخي في تطبيق القانون من قبل جميع الهياكل المعنية بالمراقبة والمتايعة فضلا على تواصل تأجيل ضبط مخطط وطني صحي - بيئي. واعتبر بدوره مدير الصحة الاساسية أن مشكل "الفوضى العام" التي انتشرت في المؤسسات الرسمية هي التي ادت الى تدهور الوضع البيئي الصحي فغياب مراقبة مياه الري المتأتية من اكثر من مصدر (الاودية ومياه التطهير..) هي التي ولدت مخلفات صحية تسببت في ظهور مرض ابوصفير صنف "أ" هذا المرض الذي ينتج أساسا على استهلاك الخضر الملوثة بالمياه المستعمل غير المعالجة أو شرب مياه ملوثة غير مراقبة.. أما بالنسبة لداء الكلب الذي حصد عدد من الاصابات وسجل حالتي وفاة الى حد الان قال بن صالح : "التحكم في الاصابات بمرض الكلب مرتبط اساسا بمدى نجاعة البرنامج الوطني لمكافة داء الكلب الذي حقق بلوغ صفر اصابات بشرية في بعض السنوات." وأضاف:" اننا في حرب مع الكلاب السائبة"..واعتبر أن تراجع جهود التدخل الوقائي القائم على رصد الكلاب السائبة والحد من انتشارها مع تكثيف الجانب التحسيسي لدى المواطن هو الذي أدى الى استفحال الظاهرة وهذا ما ادى الى ارتفاع مؤشرات خطر مرض الكلب.. مبينا ان 2013 لم يشهد ارتفاع في المعدل الوطني لحالات العض التي يتعرض لها المواطن وتقع معالجتها والتي تصل الى حدود 40 ألف اعتداء في السنة. وحسب مصالح رصد المرض التي بادرت منذ 5 سنوات برصد ومتابعة المرض تعد منطقة القصرين والقيروان وبنزرت ومنطقة الحدود مع جندوبة وباجة المناطق الاكثر قابلية لظهور الاصابات البشرية والحيوانية بداء الكلب وبدرجة أقل ولاية سوسة. ودعا في الاطار مدير مركز الصحة الاساسية البلديات للعودة الى العمل ورفع الفضلات التي تمثل مجال لتجمع الكلاب السائبة وشدد على اهمية حماية المصات واهمية العودة الى معلجة المياه المستعملة وتطبيق القانون في كل ما يهم المراقبة الفلاحية مع التركيز على الجانب التثقيفي الدور الاساسي لمنظمات المجتمع المدني.. كما لفت انتباه لوزارة الداخلية والفلاحة والبيئة من اجل التكاتف ووضع برنامج وطني لضمان سلامة المحيط. الاحزاب والجمعيات الخضراء.. توقعنا ان يكون من ركائز عمل حزب الخضر هو التنديد والضغط من أجل التمتع ببيئة سليمة أو يكون من مبادرات عمل جمعيات ومنظمات المجتمع المدني تبني احياء والسهر على ترسيخ ثقافة بيئة نظيفة لدى المواطن غير أننا لمسنا نفس الاستقالة التي قدمتها المؤسسات الفاعلين في مجال الصحة والبيئة من قبل المجتمع المدني "الأخضر" حيث علل رئيس جمعية الصحة والبيئة محدودية أنشطتهم فيما يهم التوعية والتنبيه الى حساسية الوضع الصحي وانتشار الفضلات والأوساخ، بتجديد المكتب التنفيذي للجمعية وعدم ضبط برنامج واضح للجمعية. مشيرا الى أن الجمعية سيكون من أولويات عملها بعث نوادي صحة وبيئة داخل المعاهد والمدارس خلال الأشهر القادمة. أما بالنسبة لحزب الخضر فأوضح ناطقه الرسمي مصطفى الزيتوني أنه "رغم رفعهم لاكثر من مراسلة للسلطات الرسمية رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية ينادي خلالها بمجلس وطني للبيئة يوحد المخطط الوطني للحفاظ على بيئة سليمة ويشرف على برامج العمل الخاصة بالمحيط العام الا ان الحكومة تعتمد في نفس سياسية التهميش والإلغاء التي كانت تعتمدها حكومة النظام السابق." وأضاف :"حتى التوصيات التي بعث بها حزب الخضر للمجلس التأسيسي فيما يهم إدراج الحق في بيئة سليمة والحق في التقاضي في الجرائم البيئية بالدستور لم يعرها أعضاء المجلس التأسيسي أي اهتمام وصدرت أكثر من مسودة للدستور دون أي إشارة الى الحقوق البيئية على غرار حماية الخيرات الطبيعية وضمان حق الأجيال القادمة في بيئة سليمة والتوزيع العادل للماء الصالح للشراب ومنع الطاقة النووية.." ورأى الزيتوني أن "تونس تحتاج اليوم الى سياسية بيئية تنموية واضحة تحدد عمل كل الفاعلين في المجال البيئي والصحي على حد السواء..واعتبر أن البيئة سياسة تهم كل الوزارات دون استثناء."