إذا تعمقنا في البحث عن بعض المؤشرات الدالة على مستوى العيش والتنمية سنجد أنّ سوق الجديد التي تعدّ 19210 نسمة موزعين على7 عمادات تقبع في آخر مرتبة بالنسبة لباقي معتمديات ولاية سيدي بوزيد سواء من حيث نوعية التجهيزات والمرافق الأساسية أو من حيث حجم الإستثمار في المجالات الحيوية فما تمّ انجازه على مدى عقدين ظلّ دون استحقاقات التنمية والحاجيات الاجتماعية والاقتصادية كمّا وكيفا وذلك على عكس ما يبيّنه موقعها الجغرافي وإحصائياتها الرسمية المتسترة عن حقيقة الأوضاع السائدة بالمنطقة. " ارتفاع نسبة الأمية".. بالرغم من أنّ معتمدية سوق الجديد تم اقرارها منذ 1992 فإنها ظلت تتميز بهيمنة الطابع الريفي حيث لم تسجل تزايدا في نسبة التحضّر وربما يعود ذلك إلى الهجرة المتواصلة نحو مناطق الشريط الساحلي والعاصمة للبحث عن موارد الرزق ومن أهمّ الإشكالات التي تدعم ضعف التمدن والتشبث بالريف ارتفاع نسبة الأمية إذ بلغت 72% وهم من الذين لم يتجاوزوا مرحلة التعليم الابتدائي وهذا بطبيعة الحال له أسبابه ومبرراته بإعتبار محدودية المستوى المعيشي وعجز القدرة الاقتصادية عن تلبية متطلبات الدراسة بالجامعة.. وتجدر الإشارة إلى أنّ تصاعد نسبة الأمية بصورة لافتة شكّل بدوره عائقا موضوعيا أمام فرص وامكانات التأهيل والتكوين بهدف الانخراط في مجالات جديدة للعمل حيث تمثل الفلاحة الملجأ الأساسي لضمان العيش بالنسبة لمتساكني المنطقة رغم كلّ الصعوبات والعراقيل التي يعانيها هذا القطاع الذي ظلّ يراوح مكانه عاجزا عن تقديم الإضافة والنقلة النوعية المأمولة جرّاء سياسات التهميش والإقصاء والمخططات التنموية الفاشلة وغير المدروسة إبان العهد البائد وفي ظلّ هذا الوضع المعيشي تحت سقف القطاع الفلاحي يصعب الحديث بصريح العبارة عن قطاع صناعي أو تجاري حيث نسجل غياب التصنيع مع وجود بعض الحرفيين على غرار الحدادة والنجارة والتجارة المفصلة للمواد الغذائية وعليه فإنّ دخلهم متواضع جدا ولا يساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية مع انعدام تام لنقاط بيع مواد البناء والأقمشة " تهميش معمم".. يمكن اعتبار معتمدية سوق الجديد من الصنف الرابع وذات الأولوية نظرا لإمكانياتها الفلاحية واقتصادها الأحادي المرتبط بها في ظلّ غياب أهم مقومات الحياة الكريمة وهذا واضح من خلال ضعف البنية التحتية في مجال الخدمات الصحية والتربوية والثقافية والنقل الشيء الذي عمّق استفحال ظاهرة البطالة فنسبة امتلاك الهاتف القار مثلا لا تتجاوز العشرين خطّا إضافة إلى تردي شبكة الطرقات حيث لا تتجاوز مسافة المسالك المعبدة 60 كلم. أما التعليم فهو خير دليل على سياسة التهميش التي تواجهها المنطقة فالظروف الصعبة التي يمرّ بها المدرس كغياب المعدات البيداغوجية والتجهيزات العصرية والوضع المادي للأقسام يعكس الفوارق التي لها تأثير سلبي عند بلوغ التلميذ مرحلة التعليم العالي فالحاسوب لا يستعمله في غالب الأحيان إلا بالجامعة هذا إن استمر في مقاعد الدراسة إذ يجد التشجيع على الانقطاع والتفرّغ للعمل الفلاحي وتفيد الإحصائيات أنّ معتمدية سوق الجديد تعدّ 1421 تلميذا وتلميذة موزعين على معهد ومدرسة إعدادية و11 مدرسة ابتدائية كما أنّ المنطقة المذكورة تضمّ مركزا شبابيا لا تتوفر فيه وسائل الترفيه والتثقيف إلى جانب عدم تعهده بالصيانة اللازمة بسبب الأضرار التي لحقته خلال أحداث الثورة، ينضاف إلى كلّ ذلك شبكة الماء الصالح للشراب المفصولة عن أغلب المناطق الريفية وعجز مركز البريد عن تقديم الخدمات لفائدة رواده في أحسن الظروف إن الوضع في سوق الجديد عكس حقيقة الإمكانيات بهذه المنطقة فما وجدناه أثناء زيارتنا من إشكاليات تعيق المسار التنموي يمكن تجاوزها بتوفير حلول ناجعة لتدارك النقائص المسجلة ويبقى ذلك رهين العناية الضرورية بمثل هذه المناطق المنسية والمضطهدة