حوار: أروى الكعلي - تونس- الصباح الأسبوعي - السياسة الخارجية الإيرانية الجديدة بقيادة الرئيس حسن روحاني ..والتقارب بين طهرانوواشنطن.. والعلاقات الإيرانية-التونسية.. هي بعض من المسائل التي تناولها الحوار الذي أجرته "الصباح الأسبوعي" مع السفير الإيراني في تونس السيد بيمان جبلي.. في مكتبه في السفارة الإيرانية بالعاصمة. استقبلنا السفير الإيراني لأكثر من نصف ساعة وتحدث بلغة عربية سلسة عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومختلف تحولات سياستها الخارجية، مؤكدا أنّ أي تقارب مع واشنطن مرتبط بمدى جدية الولاياتالمتحدة في ذلك.. أما في ما يخص العلاقات مع تونس فإنّ تعزيزها ودعمها من أهم أهداف طهران.. وفي ما يلي نص الحوار: اتصال تاريخي ذلك الذي جمع الرئيس الإيراني حسن روحاني بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، وهو الأول منذ 34 عاما، الأمر الذي دفع بالعديد من المراقبين إلى الحديث عن صفحة جديدة في تاريخ العلاقات الإيرانيةالأمريكية، كيف ترى طهران هذا التقارب؟ -أولا من الضروري أن نؤكد أننا لم نرفض يوما الحوار والتواصل مع أي طرف.. حتى مع خصومنا السياسيين في مختلف القضايا الاستراتيجية ولا يستثني هذا الأمر الولاياتالمتحدة.. نحن دائما مصرون على الحوار بين مختلف الأطراف وهذا ما يثبته الخطاب الذي أدلى به الدكتور حسن الروحاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وكذلك مواقف وزير الخارجية.. وهذا الاتصال الهاتفي لا يجب أن يدفعنا للتفاؤل المفرط أو التشاؤم.. فبالنسبة إلى إيران ليس هناك أي تغيير في المواقف الأساسية.. نحن ننتظر أن نرى مدى جدية الطرف الأمريكي في التعامل مع طهران.. وإن كانت هذه الرغبة ستترجم إلى أفعال حقيقية .. ونرى إلى أي مدى يمكن للطرف المقابل أن يستفيد من هذه النافذة التي فتحت في طقس مناسب.. ولكن قائد الحرس الثوري الجنرال محمد علي جعفري انتقد هذا الاتصال ورأى أنه كان من الأجدر انتظار خطوات ملموسة من الطرف المقابل، هل يعني ذلك أن المواقف من التقارب مع واشنطن ليست موحدة في الداخل الإيراني؟ - تاريخ العلاقات بيننا وبين الولاياتالمتحدة مرتبط في ذهن الإيرانيين وفي ذاكرتهم بالتدخلات المباشرة التي قامت بها واشنطن في إيران ضد الحكومات الديمقراطية.. حتى أن هذا التدخل وصل إلى حد إسقاط النظام في خمسينيات القرن الماضي.. كما أن الولاياتالمتحدة دعمت نظام الشاه الديكتاتوري حتى آخر لحظة..هذا في ما يتعلق بما قبل الثورة الاسلامية ولما بعدها ال يومنا هذا كذلك القائمة طويلة... وبالتالي فإن إلغاء كل هذا التاريخ وحل كل المشاكل بين إيران وأمريكا لن يتم بين ليلة وضحاها أو باتصال هاتفي.. ويجب أن نشير أيضا إلى أن المؤسسات في إيران تعمل على أساس الوظائف التي يحددها الدستور والقانون وهذه المؤسسات لها حرية الإدلاء بأي موقف أو تحليل حول موضوع معين ودائما في إطار الوظائف المحددة لها.. ويساعد هذا التفاعل المؤسسات في اتخاذ قرارات أفضل.. بالحديث عن المؤسسات، هل أنّ التحولات في السياسة الخارجية الإيرانية تحظى بمباركة المرشد الأعلى للثورة آية الله خامنئي؟ - مؤسسة القيادة كذلك لها وظائف محددة.. وليست كما تتصور الأطراف الخارجية التي لا تكون على دراية بالواقع الإيراني.. فهذه المؤسسة لا تتدخل في السلطة التنفيذية أو المسائل الإجرائية ولكن لها دورها الذي يحدده الدستور والمتمثل في الحفاظ على الخط الأساسي للثورة الإسلامية التي بني على أساسها نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقائد الثورة ومكانته محل إجماع بين مختلف الجهات السياسية والرؤى في البلد وله تأثيره المعنوي.. وقد دعم سماحة القائد هذا المسار الجديد الذي بدأ طاقم دكتور روحاني باتباعه.. ولكن للقائد طبعا ملاحظاته من منطلق دوره وواجبه وله رؤى من شأنها أن تساعد على التقييم المتواصل للعمل السياسي والدبلوماسي للحكومة.. أقل ما يمكن أن توصف به علاقات إيران بدول الخليج هي أنها متوترة، هل يمكن أن نشهد تقاربا مع دول الخليج على غرار الولاياتالمتحدة؟ - بالنسبة إلى الدول الشقيقة في منطقة الخليج الفارسي لنا نفس الرؤية ونفس السياسة التي التزمنا بها في الحكومات المتتالية المتمثلة في تعزيز العلاقة مع أشقائنا العرب في هذه المنطقة خاصة المملكة العربية السعودية.. والحكومة الجديدة كذلك جعلت هذا الأمر من أولوياتها.. وليس ذلك من قبيل المجاملة أو المزايدة وإنما هذه قناعة طبيعية ومنطقية .. فمصالحنا متشابكة ومترابطة.. وأمن منطقة الخليج الفارسي من أمن إيران وأمن إيران من أمن هذه المنطقة.. ولكن علينا أن نشير أيضا إلى أنّ بوصلة المنطقة وفي بعض الأوقات للأسف توجهها دول أجنبية فتؤثر أحيانا على بعض أشقائنا في المنطقة وهنا يجب أن تكون المواقف واضحة من الصديق الحقيقي والعدو الحقيقي.. حافظت إيران على دعمها لنظام بشار الأسد منذ البداية، وهي متهمة بأنها من بين الأطراف المتدخلة في الشأن السوري، كيف تعلقون على ذلك؟ - موقفنا من الأزمة السورية ثابت منذ البداية وهو قائم على ضرورة احترام إرادة الشعب السوري .. والحذر من أي تدخل أجنبي في هذه الأزمة نظرا إلى خطورة الوضع الداخلي وكذلك إمكانية تحول سوريا من بلد يتعايش فيه كل الطوائف إلى بؤرة للإرهاب .. وهذا التحذير دائما نوجهه إلى مختلف الأطراف في منطقتنا والعالم.. مع الأسف رأينا أن ما حذرنا منه حدث وقد تحولت سوريا إلى بؤرة لتصدير الإرهاب واستيراده أيضا..الآن نرى أنّ كلّ ما طالبنا به في بداية الأزمة السورية أصبح مطلبا شبه عالمي يرى أن الحل الوحيد في سوريا هو الحل السياسي بجلوس كل الأطراف الفاعلة بما فيها المعارضة الوطنية والحكومة على طاولة الحوار وتجنب أي تدخل خارجي بما في ذلك التسليح وتمويل الجماعات المسلحة..فاستمرار هذا الوضع لا يصب في مصلحة الشعب السوري بقدر ما يستفيد منه الكيان الصهيوني.. الرئيس السوري بشار الأسد لم يحدد في حوار مع صحيفة "دير شبيغل" الألمانية إن كان سيترشح مرة أخرى بعد نهاية ولايته أم لا.. في سوريا ما بعد الأسد، من ستدعم طهران؟ - ما يهمنا هو مصلحة الشعب السوري..والحل السياسي لن يتم إلا بوقف الأعمال العسكرية وتوقف إمدادات المال والسلاح للمسلحين في سوريا وإفساح المجال للشعب حتى يختار ما يريد.. ونحن نؤكد أنه لا حلّ غير الحوار.. كيف تابعت إيران تطورات الوضع السياسي في تونس خاصة خلال الأسابيع الأخيرة التي شهدت أزمة خانقة؟ - في الحقيقة نتفهم صعوبات المرحلة الانتقالية في تونس ..فقد عشنا نفس التحديات بل أكبر منها بعد ثورتنا .. اليوم عادت الأنظار مجددا إلى تونس ويُحسب لتونس أن شعبها ونخبها السياسية تتمتع بمستوى عال من النضج السياسي وتتمكن من تجاوز الأزمة عبر طرق سلمية من خلال التواصل والحوار .. لذا يجب أن تكون تونس نموذجا ناجحا في تحقيق أهداف الثورة.. والأهم في هذه المرحلة هو العبور إلى بر الأمان ومرحلة استقرار المؤسسات واحترام إرادة الشعب وخياراته وتعزيز الوحدة الوطنية بين مختلف القوى الفاعلة على الساحة السياسية ونحن متفائلون بمستقبل تونس.. العلاقات التونسيةالإيرانية تحسنت بعد الثورة، فكيف تنظرون إلى المستقبل؟ - لتونس موقع خاص في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية.. وبعد الثورة التونسية، أصبح لتونس مكانة أكبر من السابق فنحن ساندنا منذ البداية خيارات الشعب التونسي.. وخلال السنتين الأخيرتين شهدنا حركة إيجابية في تطوير العلاقات مع تونس.. في سنة 2012 استضافت تونس اللجنة الثنائية للتعاون بين البلدين وبعد أشهر قليلة استضافت إيران أول أسبوع ثقافي تونسي ونحن الآن بصدد إقامة وإجراء اللجنة الثنائية للتعاون في إيران وإقامة الأسبوع الثقافي الإيراني في تونس .. والرغبة في التعاون متبادلة وهذا أمر إيجابي جدا.. اقتصاديا كانت العلاقات بين البلدين لفترات طويلة محدودة وبعد الثورة التونسية بدأنا بمرحلة جديدة لفتح أفق واعد للتعاون الاقتصادي بيننا رغم بعض الصعوبات.. نحن بدأنا مرحلة جديدة من التعارف المتبادل في القطاعات الاقتصادية المختلفة وتم تبادل وفود اقتصادية والآن أمامنا ملفات جدية للتعاون الاقتصادي تشمل قطاع السيارات والحافلات والتعاون في مجال الطاقة والمناجم..وبالمناسبة أشير هنا ال زيارة أداها معالي وزير السياحة التونسي ال إيران في الأسبوع الفارط. فنحن نطمح إلى علاقات أوسع وأكثر تقدما في كل المجالات..