في ظل مقاطعة نواب الكتلة الديمقراطية وغيرهم من النواب المحتجين، صادق المجلس الوطني التأسيسي مساء أمس بقصر باردو خلال جلسته العامة الساخنة التي سادها الكثير من التوتر والتشنج، على مقترحات تنقيح واتمام بعض أحكام النظام الداخلي. وكان النواب "المنسحبون العائدون" عقدوا قبل موعد الجلسة العامة اجتماعا مغلقا، تحولوا إثره وهم على حالة شديدة من الاحتقان لمقابلة الدكتور مصطفى بن جعفر رئيس المجلس، ثم استنجدوا في نهاية المطاف بالحوار الوطني رافضين المصادقة على مقترحات تعديل لا تهدف على حد تأكيدهم إلى التسريع في المسار التأسيسي. وأوضح النائب صالح شعيب أنه كان من المفروض المصادقة على الفصول التي حظيت بالتوافق فحسب وعرض بقية الفصول على الحوار الوطني للتوافق عليها قبل عرضها على المصادقة. وأثار كلامه غيض العديد من النواب، إلى درجة أن النائب الجديدي السبوعي (تيار المحبة) طالب زملاءه بالخروج من المجلس والمكوث قرب نافورة باردو وترك مقاعدهم لممثلي الحوار الوطني. وتضاعفت درجة التوتر وتعالت الأصوات للتعبير عن الاحتجاج عندما طلب النائب محمد قحبيش (التحالف الديمقراطي) منح الكتلة الديمقراطية مدة عشر دقائق للتشاور. واعترض العديد من النواب على مطلبه مفسرين أنه من غير المعقول منح كتلة انسحب جل نوابها مهلة للتشاور، وأوضحوا أن عدد نواب الكتلة الحاضرين بلغ 4 فقط، ويقصدون محمد قحبيش ونجلاء بوريال والمنصف شيخ روحه وشكري القسطلي وجميعهم من التحالف الديمقراطي. وبعد برهة غادر النواب الأربعة القاعة. ورغم سيل الاحتجاجات سمحت محرزية العبيدي النائبة الأولى لرئيس المجلس التي أدارت الجلسة برفع الجلسة لمدة عشر دقائق دون مغادرة النواب القاعة. لكن في الأثناء حدث ما لم يكن في الحسبان، واشرأبت الأعناق نحو بوابة المجلس حيث الاستنفار الأمني الكبير وسيارة الحماية المدنية، وبالاستفسار عن الأسباب، أكد أعوان الأمن أن بعض جرحى الثورة المرابطين في الخيمة المحاذية لباب المجلس يهددون بحرق أنفسهم مرّة أخرى مطالبين بحقوقهم. تحصين المجلس ورغم حدّة التجاذب السياسي، وإصرار نواب الكتلة الديمقراطية على رفض الفصول التي لا تندرج في إطار تسريع المصادقة على الدستور، صادق المجلس على الفصلين 36 جديد و79 جديد موضوع الخلاف وكان نواب المعارضة اعتبروهما ردة فعل على انسحابهم من المجلس غداة حادث اغتيال زميلهم الشهيد محمد البراهمي وعلى قرار الدكتور بن جعفر بتعليق أشغال المجلس. وللإشارة يتيح التعديل الأول لمكتب المجلس "عقد اجتماعاته بدعوة من رئيسه أو من ثلث أعضائه أسبوعيا وكلما دعت الحاجة إلى ذلك ولا يصحّ اجتماعه الا بحضور ثلثي اعضائه وفي صورة عدم توفر النصاب القانوني ينعقد اجتماع مكتب المجلس بعد ساعة بمن حضر على أن لا يقل عدد الحضور عن نصف الاعضاء. ويتخذ مكتب المجلس قراراته بأغلبية اعضائه وإذا تساوت الاصوات يكون صوت الرئيس مرجحا." وبالنسبة إلى الفصل 79 جديد فإنه يتيح للمجلس عقد جلساته العامة بدعوة من رئيسه في المواعيد التي يضبطها مكتب المجلس أو بطلب من نصف أعضاء المجلس بواسطة عريضة تحدد جدول أعمال الجلسة ومواعيدها تكون ملزمة للرئيس ولأحد نائبيه ولمكتب المجلس. ويراعى فيها وفي اجتماعات اللجان تخصيص أسبوع من كل شهر للأعضاء للتواصل مع المواطنين. ووافق النواب بعد مقترحات التعديل على الفصول الأخرى المتعلقة بكيفية المصادقة على الدستور والرامية إلى التسريع في هذه العملية، من خلال ضبط نقاط النظام والحد من مدد التدخلات وكيفية النقاش العام للفصول فصلا فصلا وضبط مقترحات التعديل ومقترحات اضافة فصول جديدة في الدستور. وكانت الآراء تباينت بين مؤيد لمقترح يتمثل في عدم السماح للنواب باضافة فصل جديد للدستور خلال النقاش العام ومعارض. وتواصل النقاش حول الفصول المقترحة للتعديل إلى وقت متأخر من مساء أمس وذلك قبل المرور للمصادقة عليها برمتها.