شهدت البطولة التونسية هذه السنة تنافسا شديدا الأمر الذي لم يسمح بازاحة الستار عن بطل الموسم إلا في الجولة الأخيرة التي توج فيها النادي الإفريقي بالبطولة رقم 13 في رصيده. ورغم هذا "التنافس الشديد والمشوّق" الذي شهدته البطولة في عامها العاشر من الاحتراف والذي لم تمت له بصلة إلا من خلال"الوصف".فقد عرفت أطوارا من "المشادات الكلامية" والتصريحات "النارية" "غير المسؤولة" والصادرة عن مسؤولين ولاعبين، ترجمت في بعض الأحيان الى عنف مادي مورس على عديد الأطراف داخل الملاعب لتتحول أحيانا إلى "حلبة مصارعة". وكمثال على ذلك اعتداء جماهير الملعب القابسي على عون امن وكذلك اعتداء جماهير الإتحاد المنستيري على عون حماية مدنية في مقابلة هامة من أجل تفادي النزول وايضا تشبيه أحد مسؤولي الفرق الكبرى حكما ب"ابي عياض" وإتهامات عديدة بالفساد والتلاعب بنتائج المباريات مما جعل الجو مشحون الى حد تهديد عديد الفرق بالانسحاب من البطولة، منها النجم الساحلي الذي رفض إجراء مباراته ضد نادي حمام الأنف معللا ذلك بتعرضه ل"ظلم " تسلطه عليه منظومة فساد يجب إقتلاعها من جذورها" حسب رأي مسؤوليه. أحداث جعلت البطولة تدور في حانب منها خارج المستطيل الأخضر، في بلاتوهات البرامج الرياضية التي تسودها الخلافات والتصريحات النارية عوض التحليل الفني للمقابلات وإيجاد الحلول التي تتعلق بإصلاح البنية التحتية لملاعبنا.فالملاعب الرياضية لم تعد صالحة ل"اللعب". ولم نعد نرى في المباريات جملا تكتيكية ولعبا جميلا وأغلب أهداف مباريات البطولة تأتي عبر الكرات الثابتة، هذا بالإضافة الى إصابة العديد من اللاعبين وحرمان فريقهم من تقديم الإضافة على غرار رامي البدوي، عبد المؤمن جابو، يانيك نجانغ والقائمة تطول... كل هذا أثر على صورة الكرة التونسية للمتابع المحلي والاجنبي وكان من نتائجه تراجع مستوى فرقنا على صعيد المسابقات الإفريقية، حيث لم نعد نراها على منصات التتويج، فالترجي فاز بآخر لقب إفريقي سنة 2011 وكان ذلك في مسابقة رابطة أبطال إفريقيا في حين فاز النجم بآخر لقب إفريقي منذ 7 سنوات مضت.. هذا التراجع اثر على مردود فرق النخبة، فمنتخبنا الوطني للأكابر لم يفز بكأس إفريقيا منذ سنة 2004 عندما نُظمت المسابقة في تونس كما لم نتمكن من الترشح لكأس العالم في النسختين الماضيتين. كل هذا يجعلنا نطرح سؤالا "الى اين تتجه الكرة التونسية؟".. هل سنرى إرادة سياسية حقيقية للنهوض بوضعية الكرة التونسية عبر تجهيز ملاعب صالحة لممارسة هذه الرياضة، متى سنرى إجراءات صارمة تحد من هذه التجاوزات وتبعدنا عن التشكيك في النوايا والتلاعب بالنتائج الرياضية وذلك عبر مراجعة القوانين وتنقيحها. متى سنوفر للحكم التونسي أرضية تجعله بعيدا عن كل شبهة ليكتسب بذلك هيبته ويأتي يوم لنرى حكما يكرّم عند إعتزاله مثل ما حصل مؤخرا في تركيا اين رأينا حكم يرفع على الأعناق بعد إعتزاله. كل هذا يعود الى انعدام وجود ثقافة تغليب المصلحة الوطنية وثقافة تطبيق القانون على الجميع. فعلى سبيل المثال فضيحة الدوري الإيطالي سنة 2006 أو كما تسمى بالإيطالية "الكالتشيوبولي"، وهي فضيحة تتعلق بترتيب نتائج مباريات كرة القدم في الدوري الإيطالي، وقد ظهرت في ماي سنة 2006، وتورط فيها نادي يوفنتوس ونادي إيه سي ميلان ونادي فيورنتينا ونادي لاتسيو ونادي ريجينا، حيث أظهرت تسجيلات للمكالمات الهاتفية عن علاقتهم مع حكام كرة القدم في إيطاليا، وتم تجريد فريق "السيدة العجوز" - اليوفنتوس- من لقب بطولة الدوري في ذلك الموسم وتقرر كذلك نزوله إلى دوري الدرجة الثانية. لقد حان الوقت لوضع استراتيجية كاملة وإعادة البناء ووضع هياكل جديدة تعنى بهذه الرياضة تكون مسؤولة وفاعلة ويتم إختيارها حسب كفاءتها إذا ما وجدت الإرادة السياسية في ظل الحكومة الجديدة المنتخبة لتطوير كرتنا والوصول بها الى أعلى المراتب.