القى اليوم الحبيب الصيد رئيس الحكومة كلمة بمناسبة الذكرى الثامنة والخمسين لإعلان الجمهورية وحسب بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة فقد جاء في الكلمة ما يلي: "يسعدني بمناسبة الذكرى الثامنة والخمسين لإعلان الجمهورية أن أتقدّم بأخلص التهاني إلى كافة أبناء تونس داخل الوطن وخارجه. ونحن نحيي هذه الذكرى المجيدة لا بدّ من تحيّة تقدير وإكبار وإجلال لأرواح كلّ شهداء الوطن والمقاومين والمناضلين والزعماء وبناة النظام الجمهوري وفي مقدّمتهم الزعيم الحبيب بورقيبة. وحريّ بنا جميعا أن نستلهم من الإحتفال بهذه الذكرى الخالدة معاني التضحية ونكران الذات والعطاء من أجل الحفاظ على مكاسب الجمهورية وترسيخ قيمها وتوطيد أركانها. كما أنّه من واجبنا جميعا أن نبذل قصارى الجهد ونتفانى من أجل مواصلة تكريس مبادئ واستحقاقات ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي التي أسست لنظام جمهوري ديمقراطي تشاركي في إطار دولة مدنيّة السيادة فيها للشعب قوامها التداول السلمي على الحكم وصيانة الحريات العامة والفردية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين والمواطنات والعدل بين الجهات وتجسيد علويّة القانون والحكم الرّشيد. ومثلما كان الفضل للمقاومين والمناضلين وزعماء الحركة الوطنية في نيل الإستقلال وإعلان الجمهورية فإنّ من مسؤولية كافة الأطراف الوطنية والقوى الحية اليوم المساهمة الفاعلة في تجسيم قيم وأهداف ثورة الحرية والكرامة وصون مناعة الوطن واستقراره ونمطنا المجتمعي، نمط الوسطية والإعتدال والتسامح ورفع التحدّيات القائمة وكسب الرهانات الماثلة. ومن ضمن مقوّمات صيانة النظام الجمهوري والمسار الديمقراطي وتحقيق أهدافنا في التنمية والتقدّم كسب الحرب على الإرهاب واستئصاله من جذوره بما يتطلّبه ذلك من وحدة وطنية مقدّسة وطول نفس وتضحية ويقظة دائمة وتهيئة كافة الشروط الضرورية لتفرّغ المؤسستين الأمنية والعسكرية لمجابهة الإرهاب والدفاع عن حياض الوطن. ويظلّ شباب تونس محطّ الرّهان وقوّة الدفع للحفاظ على مكاسب الجمهورية وإثرائها ولتحقيق الأهداف المنشودة على كافة المستويات. لذلك فإنه يمثّل محورا أساسيا لمجمل السياسات والتوجّهات، ونحن أحرص ما يكون على تشريكه في رسم ملامح تونس الغد وإعداده لتحمّل المسؤوليات في مختلف المجالات. ومثلما كان الشباب القوّة الطلائعية في بناء الجمهورية غداة الإستقلال وأثبت جدارته بتحمّل الأمانة فإنّ الطّاقات الشابّة التي تزخر بها بلادنا لها من الكفاءة والإرادة ما يؤهّل بلادنا للإرتقاء بالعلم والعمل إلى أفضل المراتب. إنّ التطلّعات كبيرة والإنتظارات كثيرة ولا خيار لنا سوى مسابقة الزّمن وإعداد العدّة لمجابهة متطلبات الحاضر والمستقبل والتشبّع بثقافة المبادرة والتميّز. ومثلما أبهرنا العالم بانتقال ديمقراطي سلس، فإنّنا قادرون إذا ما صحّ العزم، وتكاتفت الجهود، على كسب رهان نقلة حضارية نوعية، بأبعادها السياسيّة، والإقتصاديّة والإجتماعيّة، والثقافيّة، نقلة تعلي قيم الحرية وحقوق الإنسان وكرامة الفرد، وتكرّس احترام هيبة الدولة ومؤسساتها، وقوانين الجمهورية، نقلة تعيد الإعتبار لقيم المعرفة والعلم والعمل، وترسّخ أسس العدل والإنصاف والمساواة، نقلة ترسي دعائم تونس الجديدة، التي تستمدّ من تضحيات شهدائها وكفاءة نخبها، وتماسك قواها الحيّة، وعزم شعبها ما به تقوى على مغالبة الصّعاب، وتذليل العقبات، وشقّ طريقها بثبات نحو المستقبل الأفضل "