يواجه الحزب الجمهوري الأمريكي انقسامات وصراعات داخلية مستمرة منذ خمس سنوات لا سيما بين حزب الشاي والمعتدلين، لكنه بحاجة قبل 13 شهرا من موعد الانتخابات الرئاسية لإنهاء الخلافات واثبات قدرته على الحكم. في الكونغرس كما في الانتخابات الحزبية التمهيدية للسباق الرئاسي فان الزعماء المحتملين يجدون انفسهم اما عاجزين او مرفوضين من قبل شريحة من الناخبين محبطة من الجمهوريين الذين لم يقطعوا الطريق امام سياسات الرئيس باراك أوباما التقدمية. ويتصدر حملة الانتخابات التمهيدية الجمهورية في السباق الى البيت الابيض مليادير كان ينتمي في السابق الى الديمقراطيين هو دونالد ترامب الذي قال بنفسه انه يحقق نجاحا لأنه ليس "سياسيا" محترفا. والامر نفسه بالنسبة لبن كارسون الذي يحتل المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي، فقد امضى حياته وهو يجري عمليات جراحية في الدماغ. وبالنسبة لأنصارهم فان الموقف يعلو على الايديولوجية. فالجمهوريون متفقون جميعهم على الجوهر، لكن المهم بالنسبة لهم هو صلابة الموقف وعدم تعريض انفسهم للخطر. وموجة حزب الشاي (تي بارتي) في 2010 ساعدت الجمهوريين على استعادة مجلس النواب (سيطروا على مجلس الشيوخ في 2014)، ومهمتهم هي وقف أوباما بأي ثمن. وذكر روبرت بوترايت المحلل السياسي في جامعة كلارك بان "الحزب الجمهوري فقد الكثير من البرلمانيين الوسطيين في 2006 و2008"، "والجمهوريون المنتخبون في 2010 و2012 هم من نوع جديد، اذ لا يملكون فعلا اي خبرة سياسية". وقد حصل هؤلاء البرلمانيون على استقلاليتهم من خلال جمع المال بطريقة جديدة، عبر الانترنت ومن اغنياء مؤيدين لفك القيود عن التمويل الانتخابي. وهم يعتبرون بعد تحررهم من الحزب بحسب الخبير "ان كونهم محافظين لم يعد يكفي بل يوجب ان تتوفر ارادة المواجهة". لكن هذا الموقف المتصلب يصطدم بالواقع الدستوري اذ ان بإمكان الرئيس استخدام حق النقض "الفيتو" للاعتراض على اي قانون يتم تبنيه بأقل من ثلثي البرلمانيين. وقد امضى الجمهوريون جل اوقاتهم خلال السنوات الخمس الاخيرة يتنازعون فيما بينهم بدلا من مواجهة الديمقراطيين. ويتآمر نحو اربعين من المتمردين المحافظين المتشددين ضد الفريق القيادي المتهم بالاستسلام من خلال قبوله بتسويات متعلقة بالميزانية. اما الجمهوريون المعروفون بالتقليديين فلا يخفون كراهيتهم. وقال بيتر كينغ بغضب الجمعة "كان من الاجدر سحقهم قبل زمن طويل". وفي خلال الاسبوعين الاخيرين تمكن حزب الشاي في نهاية المطاف من ازاحة رئيس مجلس النواب جون باينر ثالث شخصية في الولاياتالمتحدة، وأرغموا وريثه المحتمل كيفن ماكارثي على الانسحاب من السباق لخلافته. وفيما سيتقاعد جون باينر يبحث التكتل عن منقذ. وخيار زعيم جديد لن يحل على ما يبدو المشكلات الكامنة في الحزب. وقال روبرت بوترايت "لا ارى كيف سيحلون ذلك قبل انتخابات 2016". وفيما اكد المعارضون المحافظون الجمعة بان الجدل سليم، مجرد "تطهير"، يراقب الزعماء الجمهوريون هذه الصراعات الداخلية بوجوم فيما كانوا يريدون جعل غالبيتهم في الكونغرس واجهة للانتخابات الرئاسية المرتقبة في نوفمبر 2016. وقال النائب الجمهوري ستيف ووماك باسف "نعطي صورة عن حزب لا يعرف كيف يحكم". وقد دفع حزب الشاي من خلال ابتزازاته الولاياتالمتحدة مرتين الى حافة العجز عن الدفع والآن هناك استحقاق اخر في الخامس من نوفمبر. وقال جيمس ثربر مؤلف كتاب سيصدر لاحقا حول الشلل السياسي الأمريكي "من المستحيل تهدئة اليمين المتطرف وممارسة الحكم في هذه المرحلة، هذه هي كل مشكلة الحزب الجمهوري... فان قرروا ان يكونوا انقياء عقائديا فذلك سيكون له عواقب بالنسبة للأسواق الأمريكية والعالمية". لكن حزب الشاي يبدو غير آبه بصورة الحزب في العالم والمؤسسة او ارباب العمل. وقال تيم هويلسكامب زعيم الجناح المحافظ لفرانس برس "ان الحزب الجمهوري يتخبط في حالة من الغموض، لكننا في الميدان نعرف لماذا نناضل".