تتعرض 53,5 بالمائة من النساء إلى أحد أشكال العنف بجميع أنواعه الجنسي والنفسي والجسدي في الفضاء العام في تونس، وفق دراسة حول "العنف المبني على النوع الإجتماعي في الفضاء العام بتونس" أجريت بين 2011 و 2015، وتم الاعلان عن نتائجها خلال ندوة إلتأمت اليوم الاربعاء بضاحية البحيرة بالعاصمة. وتوصلت الدراسة التي أنجزها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة (الكريديف)،بالتعاون مع هيئة الأممالمتحدة للمساواة بين الجنسين، إلى أن 75,4 بالمائة من النساء يتعرضن إلى العنف الجنسي، على غرار التحرش ، ومحاولة اللمس، أو الإيحاء أو المضايقات الكلامية وغيرها، علما وأن الدراسة شملت عينة مكونة من 3873 مستجوبا من النساء والرجال موزعة على مختلف أنحاء الجمهورية تراوحت أعمارهم بين 18 و 64 سنة. وتسجل وسائل النقل المشترك أعلى نسبة عنف جنسي تكون ضحيتها المرأة حيث أكدت 91,2 بالمائة من المستجوبات تعرضهن لهذا الشكل من العنف في حين بلغت نسبة من أكدن أنهن تعرضن للعنف الجنسي في الشارع 61 بالمائة. وقال منسق فريق البحث المختص في علم النفس الأستاذ، سليم القلال، أن هناك مفارقة كبرى تتمثل في ارتفاع حجم التعرض إلى العنف الجنسي الذي يقابله ارتفاع في نسبة النساء اللائي يرفضن تقديم شكوى ضد "المعنف "، مشيرا إلى أن 3 بالمائة فحسب من المتعرضات إلى العنف يتقدمن بشكوى في الغرض، في حين تفضل 97 بالمائة منهن الامتناع عن ذلك. أما بالنسبة للعنف الجسدي في الفضاء العام فقد أفادت الدراسة أن 41,2 بالمائة من المستجوبات تعرضهن للعنف الجسدي على غرار الدفع والعض والمضايقة والضرب والتهجم، 8 بالمائة من هذه الأعمال يأتيها سائقو وسائل النقل المشترك أو القباض، وترفض 82 بالمائة من ضحايا هذا الشكل من العنف تقديم شكوى ضد المعتدي، مقابل 18 بالمائة فقط تقدمن فعليا بشكوى. وأكد سليم القلال على أن العنف المسلط على المرأة على أساس النوع الاجتماعي بمختلف أشكاله، لايستنثي أي فئة اجتماعية متعلمة أو غير متعلمة، ناشطة أو في المنزل، متزوجة أو لا ومهما كان الوسط الذي تعيش فيه حضريا أو ريفيا. كما تتعرض نسبة 71,7 بالمائة من المستجوبات إلى العنف النفسي في وسائل النقل و38 بالمائة منهن يتعرضن إليه في الشارع، و58,3 بالمائة في فضاء العمل، وفق ما بينه القلال الذي أفاد بأن الدراسة أكدت أن المرأة تتعرض بنسبة 85 بالمائة إلى العنف النفسي عندما تكون مطلقة وبنسبة 80 بالمائة عندما تكون عزباء في حين تتدنى هذه النسبة عند النساء المتزوجات إلى 76 بالمائة. وقد طورت المستجوبات، وفق ما أوضحه القلال،استراتيجيات خاصة بهن من أجل التصدي إلى مختلف أشكال العنف حيث تعمدت نسبة 87 بالمائة منهن إلى عدم جلب الإنتباه، و81 بالمائة التظاهر بالجدية والانشغال و5ر82 بالمائة عدم الكلام والضحك. وأكد الفريق العلمي المشرف على انجاز الدراسة أن الفضاء العام شهد أشكالا جديدة من العنف المسلط على المرأة، منها العنف السياسي والاقصاء والتهميش. وخلصت الدراسة إلى جملة من التوصيات أهمها ضرورة التشجيع على كسر الصورة النمطية، وتطوير صورة ايجابية، والتعريف بالعنف بأشكاله، والتشجيع على كسر حاجز الصمت، والتنديد بأفعال المعتدين، فضلا عن دفع مؤسسات الدولة إلى حماية المرأة في الفضاء العام، وإحياء القيم المجتمعية التي تقوم على احترام الاخر وقبول الاختلاف، والعمل على تأسيس صورة جديدة للفضاء العام تقوم على العيش المشترك ومبادىء المواطنة والمساواة. وبينت المديرة العامة للكريديف، دلندة الأرقش، في مداخلة بالمناسبة، أن الهدف من الدراسة هو توفير المعطيات العلمية والاحصائية حول العنف بأشكاله المتنوعة وأسبابه ومرتكزاته. كما ترمي إلى تقييم أبعاد الظاهرة وتأثيراتها على حياة النساء وممارستهن لمواطنتهن من أجل تحديد الآليات الممكن اتخاذها لتمكين المرأة من حقوقها للمشاركة الكاملة في كل مجالات الحياة العامة. أما رئيس ديوان وزيرة المرأة والاسرة والطفولة، نزار خرباش، فقد أفاد، من جانبه، أن الوزارة، وفي إطار التصدي للعنف المسلط على المرأة، وضعت استراتيجية وطنية في المجال تعتمد أساسا على حماية النساء المعنفات وتوفير آليات الإحاطة والحماية لهن. ولهذا الغرض تم بعث مراكز ايواء بعدد من ولايات الجمهورية لفائدة النساء المعنفات، وصياغة مشروع قانون شامل حول العنف المبني على النوع الاجتماعي سيقع عرضه قريبا على أنظار مجلس نواب الشعب للمصادقة عليه. وأكدت ممثلة مكتب الأممالمتحدة للمرأة، ليلى رحيوي، من جانبها، دعم الشركاء المحليين في تونس في اتجاه ملاءمة الاطر القانونية مع التزامات تونس الدولية، وخاصة في ما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة والعمل معهم على القضاء على ظاهرة العنف المسلط على المرأة بشكل نهائي وبمختلف أشكاله، مبرزة أهمية مشروع القانون المزمع تمريره على مجلس نواب الشعب في هذا الصدد. يشار إلى أن الاحصائيات الدولية تشير إلى أن 70 بالمائة من النساء في العالم واجهن شكلا من أشكال العنف الجسدي أو الجنسي في حياتهن.