شهد قطاع تصنيع الحليب ومشتقاته إحداث مصنع جديد بولاية بنزرت وهو المشروع الأول من نوعه في الولاية حيث تمّ إحداثه تحت علامة "ناتيلي"، ولئن يشهد انتاج الحليب الطازج اليوم أزمة بسبب وفرة الانتاج الذي يقدر ب1 مليار و300 مليون لتر سنويا فإن إستيعاب هذه الشركات للكميات الهامة من الحليب تعتبر الحل الأساسي للخروج من الأزمة التي يعيشها المنتجون اليوم. وتقدر طاقة تصنيع الحليب 850 مليون لتر سنويا منها 700 مليون لتر توجه لتصنيع الحليب المعلب و150 مليون لتر للياغورط والأجبان بأنواعها. وحول وجوب إدخال تغييرات جذرية على منظومة الحليب والانطلاق في إعتماد منظومة أكثر نجاعة أكد لطفي الشماخي بيطري ومدير عام المجمع المهني المشترك للحوم والأجبان ل»الصباح» أن ما يشهده قطاع تصنيع الحليب من وفرة جعل فائض الإنتاج يبلغ أكثر من 62 مليون لتر وكان يمكن أن يفوق هذا الرقم بكثير ليناهز ال90 مليون لتر لولا تدخل الحكومة عبر الانطلاق في تطبيق برنامج لشراء كميات من الحليب لمختلف وزارتها حيث تمّ إقتناء قرابة ال20 مليون لتر على مرحلتين ومن المبرمج أن تشتري في مرحلة ثالثة حوالي 10 مليون لتر اضافية وهو ما قلص من حجم الفوائض وخلق حالة من الارتياح لدى المصنعين والمنتجين. وشرح أن الحليب النصف دسم يمثل 90 بالمائة من الإستهلاك كما يتراوح إستهلاك الياغورط والأجبان بين 8 و10 بالمائة وذلك بالنظر إلى ضعف إقبال التونسي على استهلاك هاتين المادتين بسبب تدني مقدرته الشرائية وارتفاع سعرها بسبب ارتفاع الأداء على القيمة المضافة عند تصنيع الأجبان والتي تقدر ب18 بالمائة. وقد أكدّ مدير عام المجمع أن التونسي الواحد يستهلك 110 لترات من الحليب ومشتقاته سنويا في حين أن المعدل العادي العالمي يقدر ب250 لترا وهو فارق كبير يؤكد أن نسبة هامة من التونسيين غير قادرين على إستهلاك الحليب ومشتقاته بالصفة المطلوبة على خلفية ضعف مقدرتهم الشرائية حتى أن استهلاك مادة الياغورط قد تراجع خلال السنوات المنقضية بين 5 و10 بالمائة. وتوقع أن يواصل هذا الفائض تقلصه وذلك بالنظر إلى إقبال التونسي على إستهلاك الحليب ومشتقاته خلال شهر رمضان. وأوضح أن عملية الخزن تكلف الدولة مصاريف تعد بالمليارات إذ بلغت مصاريف التخزين السنة الفارطة 20 مليون دينار، كما تمّ تقديم منح ب130 مليون دينار إلى المنتج. وواصل الشمّاخي مؤكدا على أن العمل بآلية التجفيف مكن من إستيعاب حوالي 13 مليون لتر، كما أن إقرار مبدأ التصدير وتقديم تشجيعات للمصدرين عبر منحهم 115 مليما على تصدير الحليب نصف الدسم و200 مليم على الحليب الكامل الدسامة من شأنه أن يدخل حركية على القطاع ويحث المنتج والمصنع على دفع عجلة الإنتاج. مشاكل التصدير وبيّن محدّثنا في هذا السياق أن نسق التصدير نحو السوق الليبية عاد تدريجيا الى طبيعته، لكن الكميات المصدرة والتي بلغت حوالي 2 مليون لتر سنويا قد عرفت تراجعا بالمقارنة مع ما كانت تستوعبه هذه السوق. هذا بالإضافة إلى اقتصار التصدير نحو السوق الجزائرية على كميات ضعيفة من الحليب المجفف، شارحا أن أسعار الحليب ومشتقاته في بلادنا تعتبر مرتفعة مقارنة بما هو متداول في السوق الجزائرية وحتى الليبية. وشدّد لطفي الشماّخي أن المصنعين يعملون على اقتحام أسواق جديدة تستوعب كميات أخرى من المنتوج إلا أن إرتفاع تكلفة النقل وحتى إنعدامه من شأنه أن يحول دون ذلك، وأبرز أنه تمّ تصدير كميات من الأجبان إلى روسيا لكن ارتفاع تكلفة النقل جعل المصنعين يقفون امام عقبة قد تحول دون دفع التصدير نحو هذا البلد رغم أهمية الطلب الذي يعتبر كبيرا. وأكد في ذات الصدد أنه قد تمّ تصدير كميات من الحليب ومشتقاته نحو عدد من الدول الإفريقية بهدف التعود على استهلاكها، لكن يبقى، في حال عرفت هذه المنتوجات إقبالا من قبل المستهلك الإفريقي، المشكل الرئيسي في نقل هذه الشحنات ما يحتم إحداث رحلات بحرية وحتى جوية يومية ما من شأنه أن يفتح باب التصدير على مصراعيه لمنتوجاتنا نحو سوق واعدة وضخمة. تطوير المنظومة وكشف الشماخي أن القطاع في تونس مفتوح على مصراعية للاستثمار بالنظر إلى تطور نوايا الاستثمار فيه اذ سيتم خلال الفترة القادمة إحداث العديد من المصانع في مناطق تشهد وفرة من حيث إنتاج الحليب على غرار منطقة الشمال الغربي وتحديدا سليانة والكاف، وأبرز أن تونس قد حققت منذ 2009 اكتفاءها الذاتي وأن الوقت قد حان للعمل على جودة المنتوج. وإعتبر أن تركيز منظومة جديدة تقوم على دعم المنتج، الذي يعتبر الحلقة الأضعف في القطاع والذي يتألف من 112 ألف فلاح، أمر حتمي من خلال تقديم كل الدعم له وخاصة صغار الفلاحين والذين لا يتجاوز عدد قطيع واحد ال10 بقرات وذلك عبر إدماجهم صلب الهياكل المهنية وتأهيل مؤسستهم الانتاجية لتكون مؤسسة مربحة عبر دعمهم لتركيز وحدة للتبريد وتطوير وسائل نقل الحليب... ومن المبرمج أيضا تركيز صندوق يمول من أهل القطاع من مصنعين ومنتجين ويكون الهدف من هذه الآلية مساندة صغار المنتجين ومساعدة كل من يمر بأزمة على تخطي أزمته. حنان قيراط