شدد الرئيس الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية في حوار مع وكالة الانباء القطرية على أهمية وعمق العلاقات التي تربط بلاده مع دولة قطر، ووصفها بأنها علاقات تاريخية وحميمة ومتجددة. وقال في حوار خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا" أجرته معه في تونس، قبل زيارته الرسمية للدوحة اليوم الثلاثاء، إن تونس تولي تطوير علاقات التعاون مع دولة قطر أهمية قصوى وفي المقابل فإن الدوحة مهتمة بمزيد تطوير التعاون بين البلدين ودفعه إلى آفاق أرحب. وأعرب عن أمله بأن تكون زيارته لدولة قطر والتي تستمر يومين انطلاقة جديدة لتوطيد علاقات التعاون بين البلدين وتوسيعها لمجالات أخرى تعود بالفائدة على البلدين الشقيقين. وقال "إن علاقات تونسوقطر كانت على امتداد التاريخ علاقات قوية ومتجددة وفيها آفاق مستقبلية لخير البلدين ولنا تعاون هام جدا في شتى المجالات لذلك فإن دولة قطر تأتي في مقدمة الدول الخليجية التي تقدم الدعم لتونس". وأضاف في حديثه ل»قنا» أن الجمهورية التونسية ودولة قطر تعملان بشكل متواصل على تحقيق مزيد من التقارب والتفاهم في كافة القضايا إلى جانب تبادل الآراء ووجهات النظر إزاء العديد من الملفات التي تهم البلدين. وأوضح أن زيارته لدولة قطر التي تعتبر الأولى له منذ توليه مقاليد الرئاسة سيتم خلالها البحث في العديد من القضايا المشتركة التي تهم البلدين وعلى رأسها تفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم التوقيع عليها في اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين البلدين والتي التأمت في الدوحة برئاسة دولة رئيس الحكومة ورئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية في شهر ديسمبر الماضي. كما أفاد بأنه سيتم التباحث أيضا في مزيد من الاتفاقيات والتوقيع عليها وتشمل المجالات الاقتصادية والأمنية والتعاون في مجالات مختلفة بين البلدين. وأثنى في هذا الإطار على الدعم الكبير الذي تقدمه دولة قطرلتونس منذ الثورة وحتى الآن، وقال "إن قطر كانت في مقدمة الدول العربية التي اعترفت بالثورة التونسية ولهذا زرت الدوحة عندما كنت رئيسا للحكومة لتقديم الشكر على هذا الاعتراف الذي أعربت عنه دول عربية قليلة آنذاك". ووصف الدعم القطريلتونس بأنه متميز وفي المقابل فإن تونس تعطي أهمية قصوى للتعاون مع دولة قطر التي كانت في مقدمة الدول المساندة لتونس. وأشار السبسي ، في حديثه لوكالة الأنباء القطرية«قنا»، إلى أن التعاون بين الدول الشقيقة مثل تونسوقطر مؤهل لمزيد التطور وبالتالي فستحقق الزيارة للدوحة قفزة نوعية لزيادة هذا التعاون بما يجسم العلاقات الأخوية الوطيدة التي تجمع البلدين الشقيقين. وأضاف أن تونس تتطلع أيضا بأن يقوم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بزيارة مماثلة لتونس وذلك لتتويج العلاقات المتميزة والمساهمة في النهوض بمجالات التعاون التونسيالقطري إلى مستوى أكبر. وأشار إلى وجود تطابق في وجهات النظر والمواقف بين تونسوقطر بشأن العديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشتركة وفي مقدمتها الأزمة في ليبيا التي تؤثر بشكل مباشر على الأوضاع في تونس. ومن جهة أخرى عبر فخامة السبسي عن الفخر بأن تستضيف دولة قطر نهائيات كأس العالم لكرة القدم في 2022 كأول بلد عربي يستضيف هذا المونديال، رغم محاولات بعض الجهات الادعاء بعدم أحقّية الدوحة في تنظيم هذه التظاهرة العالمية. وقال «نحن في تونس ندعم دولة قطر قلبا وقالبا لاستضافتها مونديال 2022 ولدينا ثقة بأن الدوحة ستكسب الرهان في تنظيم استثنائي لهذه التظاهرة العالمية وفي ذلك ليس لدولة قطر فحسب بل لجميع الدول العربية». وأعرب عن استعداد تونس من خلال الخبرات والكفاءات التي تملكها للمساهمة في إنجاح تحضيرات الدوحة لاستضافة كأس العالم 2022. وبخصوص مرشح دولة قطر لتولي منصب المدير العام لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، أكد السبسي دعم ومساندة تونس لهذا الترشيح، معربا عن تمنياته بفوز المرشح القطري بهذا المنصب. وعلى صعيد آخر أكد أن بلاده تهتم حاليا أكثر بتعزيز علاقاتها مع عمقها العربي والإسلامي مع الأخذ بالاعتبار علاقتها مع الاتحاد الأوروبي الذي فرضه موقع تونس الجيوسياسي. وقال «منذ تسلمي مقاليد الرئاسة في 2014 حرصت على دفع علاقات تونس مع العالم العربي وقمت في هذا الإطار بزيارة العديد من الدول العربية وتأتي زيارتي لدولة قطر في هذا الإطار أيضا». وفيما يتعلق بالأزمات التي يعيشها عدد من الدول العربية كليبيا وسوريا واليمن، أوضح فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية في حديثه لوكالة الأنباء القطرية«قنا»، أن الوضع في ليبيا يؤثر بشكل مباشر على تونس نظرا لعلاقات الجوار بين البلدين وطول الحدود المشتركة التي تمتد مئات الكيلومترات، و»الهجوم الإرهابي على مدينة بن قردان الحدودية في جنوبتونس يشكل مؤشرا واضحا لتأثير الاوضاع في ليبيا على تونس نظرا لوجود العديد من الميليشيات المسلحة وتواجد إرهابيين تونسيين ينتمون إلى تنظيم داعش هناك». وجدد دعم بلاده لرئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي فائز السراج المدعوم من قبل الأممالمتحدة والذي استقبله في تونس مؤخرا. وبشأن الأزمة السورية، وصف ما يحدث في سوريا بالمأساة الكبرى وبأن الوضع هناك وصل إلى الحد الأقصى نتيجة التدمير الشديد الذي شهده ذلك البلد. غير أنه أشار إلى أن هذه الأزمة أخذت أبعادا أخرى وتشعبت نتيجة دخول روسيا عسكريا في الداخل السوري وما ترتب عن ذلك من تغير في الموازين الدولية خاصة مع تعاون الولاياتالمتحدةالأمريكية مع روسيا في هذا الشأن. وقال في هذا الإطار «إن النظام الدولي الآن يتغير بسرعة وهذا معطى جديد حيث كنا نعتقد أن تبعات الحرب الباردة بين الولاياتالمتحدةوروسيا ستستمر في سوريا ولكن على العكس هناك حرب ساخنة والاتجاهات كلها تتلاقى بين الدول الكبرى هناك». ورأى أن الوضع في سوريا لا يزال يتعكر وهناك معطيات جديدة حيث إن إيران التي كانت مكبلة بالقرارات الأممية والحظر المفروض عليها انفتحت بعد الاتفاق مع الدول السبع الكبرى إلى جانب دخول حزب الله في الأزمة السورية. وأكد أن الخاسر الوحيد في الأزمة السورية هو العالم العربي، معربا عن أسفه بأن سوريا أصبحت قطبا تلتقي فيه كل الأمور السلبية خاصة مع التدخلات العسكرية الأجنبية. وفيما يتعلق بالأزمة اليمنية، رأى أن من حق الدول المجاورة لليمن وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية أن تقوم بعمل استباقي هناك خشية من أن تمتد آثار الأزمة إليهم ودرء مما يمكن أن ينالهم من ذلك الوضع المتردي ولذلك فإن كل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية توحدت كلمتها بدون استثناء في هذا الاتجاه. وشدد «على وجوب أن تفهم إيران أنها دولة من دول المنطقة ولا بد أن تتعامل مع الجيران تعاملا حضاريا لأنه من يهيئ للمستقبل يجب أن يكون في أجواء تعاون وليس في أجواء تصادم». وبخصوص التحديات التي تواجهها تونس، أوضح ، في حديثه لوكالة الأنباء القطرية«قنا»، أن الإرهاب يعتبر من أكبر التحديات حاليا وهي ظاهرة على التونسيين، مشيرا إلى أن الإرهاب أخذ منحى دوليا ولا توجد دولة بمنأى عنه. ولكنه أكد ان بلاده تقدمت كثيرا في مجال محاربة الإرهاب ومن خلال عمليات استباقية نجحت في منع وقوع عمليات إرهابية ومكنت من القضاء والقاء القبض على عدد من الإرهابيين. كما لفت إلى تحدي أخر تواجهه بلاده وهو الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه تونس ويبرز خاصة في البطالة لدى الشباب من بينهم خريجو الجامعات. لكنه قال «ليس محتم علينا أن نبقى في هذا الوضع وهذا ما أعمل عليه شخصيا والحكومة أيضا وبقدر ما نحقق نجاحات ولو مرحلية نحن نسير في هذا الاتجاه وأتمنى أن نتغلب على الوضع الاقتصادي الصعب». وأضاف أن الانتقال الديمقراطي يستوجب استثمارات خارجية وداخلية ولكن لا تأتي الاستثمارات إلا عندما يتم تهيئة المناخ الملائم لها ويأتي في مقدمة ذلك كسب المعركة ضد الإرهاب لان الأمن مرتبط بالاستثمارات. وبخصوص المشهد السياسي في تونس، اعتبر أن بلاده حديثة العهد في ممارسة الديمقراطية وأن ما تشهده الساحة السياسية من تجاذبات مظهر عادي في الممارسة الديمقراطية الحديثة. وأعرب عن أمله بأن تكون الاحزاب السياسية جاهزة لخوض الاستحقاقات الإنتخابية المقبلة ومنها الانتخابات البلدية المقررة في شهر مارس من العام المقبل وأن تساهم هذه الانتخابات في استكمال المشهد السياسي التونسي. كما أشار إلى «أن تجربة الشراكة بين حزب نداء تونس الفائز الأول في الانتخابات التشريعية وحزب حركة النهضة الفائز الثاني أملته ضرورة التعايش والتوافق ولكن ذلك لا يعني اننا نتفق في كل شي ولكن نتعامل على أساس قبول الراي المخالف وأن تونس هو البلد الوحيد تقريبا الذي نجح في هذا التمشي الذي أؤيده شخصيا» (وكالة الانباء القطرية )