-أنظمة التقاعد تتكبّد سنة 2010 عجزا ب 211 مليون دينار في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي و83 مليون دينار في الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية -1484 مليون دينار جرايات في 2012 مقابل 1311 مليون دينار في سنة 2011 هل توجد أسباب موضوعية لتخوّف التونسيين من مستقبل جرايات التقاعد في ظلّ الصعوبات المتنامية التي تعرفها الصناديق الإجتماعية؟ للإجابة على مختلف التساؤلات حول هذا الموضوع، خصصّت مجلة ليدرز الشهرية ملفا كاملا في عددها لشهر سبتمبر والمتوّفر حاليّا في الأكشاك. و أظهرت التقارير المحاسبتيّة لأنظمة الجرايات للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي لسنة 2010 عجزا ب 211 مليون دينار بينما قدّر عجز الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية ب 83 مليون دينار في نفس السنة. وقد عبّر السيّد خليل الزاوية، وزير الشؤون الإجتماعية، عن إنشغاله حيال هذا الموضوع، غير أنّه بدا مطمئنا فهو يفضل أن وصف الوضع القائم بالتحدي عوض التهديد موّضحا أنّ ماتشهده الصناديق من وضعية مالية حرجة لم ينجرّ عنها إيقاف صرف الجرايات كما أشار الوزير إلى أنّ الوضعية المالية للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية تتطلّب حلولا عاجلة لضمان إيجاد الحدّ الأدنى من السيولة، خلافا لما هو الأمر بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي. قرارات جريئة لامناص منها وفي تصريح لمجلة ليدرز، عزا السيد سيّد بلال، الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية ، الوضعيّة الصعبة إلى "سخاء" نظام التقاعد من حيث الإمتيازات وتبعات مخطط التأقلم الهيكلي الذي دخل حيّز التنفيذ في سنة 1986 (تجميد الإنتدابات بالوظيفة العمومية وإنسحاب الدولة من القطاعات المنتجة وخصخصة الشركات العمومية وبالتالي إنخفاض نسبة المساهمات في الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الإجتماعية وأخيرا، وفي سنة 1988، إحالة الآلاف من المنخرطين على التقاعد المبّكر مع التمتّع الفوري بالجراية) وحسب تقييم نسبي للوضع في سنة 1994 في إطار خطة الإصلاح، فإنّ الوضعية المالية للصندوق شهدت تراجعا حادّا لعوامل عدّة منها الإرتفاع الكبير لعدد المتعاقدين، تعدّد أسباب الإحالة على التقاعد وإرتفاع معدّل أمل الحياة والتكفّل بالخسائر الهيكلية لصناديق التقاعد القطاعية (الشركة التونسية للكهرباء والغاز والنقل). إمتيازات إجتماعية متقدّمة جدّا ولكنّها مكلفة أمّا بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي فقد أفاد السيّد حافظ العموري، الرئيس مديره العام من جهته، في تصريحه لمجلة ليدرز، أنّ الصندوق تمكّن من تحقيق مداخيل قياسيّة خلال السداسي الأول لسنة 2012، بفضل إستئناف نسق الإنخراطات وإسترجاع الديون القديمة. ويرى السيّد العموري، أنّ جرايات التقاعد ستكون وراء أي إختلال محتمل في التوازن المالي للصندوق، إذ إرتفعت من 1311.7 مليون دينار سنة 2010 إلى 1483.8 مليون دينار سنة 2011 أي إرتفاع بنسبة 13.1 %، فالترفيع في الأجر الصناعي الأدنى المضمون لوحده، سيكلف الصندوق ، 7.7 مليون دينار شهريّا. ووفقا للتوقعات، فإنّ التوازن المالي العام للصندوق سيشهد خللا إبتدأ من سنة 2014-2015، لذلك فإنّ الصندوق لن يتمكن من مواصلة الصمود على المدى الطويل إن لم تتمّ إصلاحات عميقة لتحقيق التوازن المالي في أفق سنة 2030. فالتهديدات واقع ملموس، بدءَا بالتحوّلات الديمغرافية وإرتفاع نسبة السكان التي تفوق أعمارهم 60 سنة من 9.2% سنة 2004 إلى 17.7% سنة 2029. تضحيات ضرورية على المدى المتوّسط وللمرّة الأولى، يطرح إصلاح نظام الضمان الإجتماعي موضع الدرس بكل جديّة لكن لايزال الأمر في طور التصوّرات من حيث المعايير التي ستتمّ مراجعتها وهو سنّ الإحالة على التقاعد والذي حدّد منذ الإستقلال ب 60 سنة بالرغم من إرتفاع أمل الحياة عند الولادة، وكذلك الأمر بالنسبة لمستوى جرايات التقاعد مقارنة بمستوى التأجير خلال مدّة النشاط.