علمت "الصباح" أن أعوان فرقة الشرطة العدلية بمنطقة الأمن الوطني بسوسةالمدينة كشفوا قبل أيام قليلة النقاب عن قضية فساد مالي وإداري من الحجم الثقيل وقد تعتبر الأكبر في سوسة حيث احتفظوا بثلاثة أشخاص بينهم رجل أعمال وحجزوا مجموعة من الملفات والأختام المدلسة قبل أن يحيلوا ملف القضية على حاكم التحقيق بالمحكمة الابتدائية بسوسة 1 لمواصلة التحقيقات. أوراق القضية تفيد بان معلومات توفرت حول تعمد أشخاص تدليس ملفات رفع التحجير فيما يخص بنايات شيدت أو بصدد التشييد بولاية سوسة وإمكانية تورط رجال أعمال وموظف عمومي، ونظرا لخطورة الموضوع فقد أولاه أعوان فرقة الشرطة العدلية بمنطقة الأمن الوطني بسوسةالمدينة العناية اللازمة وأجروا سلسلة من التحريات بالتنسيق التام مع السلط القضائية ليتوصلوا إلى اكتشاف شبهات فساد مالي وإداري. وبمزيد تقدم الأبحاث أدرك الأعوان أنهم إزاء عمليات تدليس وارتشاء عديدة يقف وراءها عدد من رجال الأعمال والمستثمرين بسوسة إضافة إلى موظف عمومي ووسيط، ووفق المعطيات الأولية التي تحصلت عليها "الصباح" فإن السلط المختصة بالترخيص لتشييد العمارات تقوم عادة بعملها في إطار الشفافية والقانون كتمكين أحد المستثمرين - بناء على طلبه - من رخصة بناء عمارة تتكون على سبيل المثال من خمسة أو ستة طوابق كحد أقصى وفق الموقع فيما يكون رجل الأعمال المعني يبحث عن أكثر طوابق. أمام تحجير بناء طابق إضافي أو طابقين يبحث عادة المستثمر عن حلول أخرى تكون بطبيعتها ملتوية وغير قانونية، حتى يتمكن من الحصول على رفع التحجير ويتمكن من بناء الطابق أو الطابقين الإضافيين. هنا يظهر الوسيط في القضية ويقرب وجهات النظر بين رجل الأعمال المعني وموظف عمومي هو في الأصل عضو بلجنة رفع التحجير، فيتم تمكين رجل الأعمال من وثيقة رفع التحجير بمعنى الموافقة التامة على عدد الطوابق التي يرغب في بنائها-ظاهريا- وذلك بمقابل مالي يقارب العشرين ألف دينار ويفوقها أحيانا حسب الخدمة المطلوبة والتي هي في الأصل وثيقة "مضروبة" ومدلسة ومختومة بختم سلطة عمومية. تمكن الأعوان إثر الأبحاث التي قاموا بها بالتنسيق التام مع السلط القضائية من كشف النقاب عن أربعة ملفات متشابهة مرمية-مبدئيا- بالفساد وتحوم حولها الشبهة وحجزوا ثلاثة أختام مدلسة تابعة لرئيس بلدية وكاتب عام بلدية ورئيس لجنة تعني برفع التحجير، وأوقفوا الموظف العمومي ورجل أعمال ووسيط على ذمة الأبحاث وأحالوهم بحالة احتفاظ على حاكم التحقيق. مصدر أمني مطلع أكد ل"الصباح" أن التحقيقات التي يعكف على القيام بها حاكم التحقيق بالمحكمة الابتدائية بسوسة توصلت إلى اكتشاف المزيد من الملفات المشبوهة والتي قد يصل عددها إلى عشرين ملفا أو أكثر وإذا احتسبنا مبلغ الرشوة المسند في حدود 20 ألف دينار فإن مجموع المبالغ المشبوهة والتي قدمت كرشاوى قد تصل إلى 400 ألف دينار وربما تفوقها. وأكيد أن تواصل عمليات التحقيق والاستقراءات وتفحص الملفات قد يكشف عن المزيد من التفاصيل حول هذه القضية التي هزت هذه الأيام ولاية سوسة.