انطلقت منذ مساء يوم أمس مناقشة مقترح نص التوطئة والمبادى العامة للدستور الجديد بعد أن تم اقرار نسخة الدستور من قبل لجنة التنسيق والصياغة لعرضها على النقاش العام. "الصباح نيوز" اتصلت هاتفيا بقيس سعيد أستاذ القانون الدستوري للتعرّف على موقفه كخبير من هذا الموضوع. فأفادنا سعيد بأنّه كان من المفروض أن يقدّم المقرّر العام للدستور في المجلس الوطني التأسيسي تقريرا كاملا مع المشروع المقدّم للدستور. وأضاف أنّ هناك بعض المسائل التي وقع الاتفاق عليها كالفصل الأوّل من الدستور إضافة إلى عدد آخر من الفصول ذات الطابع الفني، والتي وعلى حدّ قوله، قد تثير نقاشا رغم الاتفاق حولها. كما بيّن وجود جملة من القضايا تطرح باستمرار في ظلّ الاحتقان الحاد الذي يتأجّج حول بعض المسائل التي هي محسومة في تونس والتي لا يمكن التراجع عنها كتلك المتعلقة بحقوق الإنسان ومن بينها المساواة بين المواطنين والمواطنات. ومن جهة أخرى، وفي ما يتعلّق بطبيعة النظام السياسي، قال قيس سعيد أنّها تظل مسألة عالقة بالرغم من إعلان الائتلاف الحاكم عن إقرار النظام الرئاسي المعدّل، موضحا بأنّه لا يكفي هذا الإعلان بل يجب تحديد كلّ من صلاحيات رئيس الجمهورية والحكومة التي سيترأسها وزير أوّل أو رئيس للحكومة. وفي هذا الإطار، أضاف بأنّ البعض يتقدّم بجملة من الاقتراحات خاصة في ما يهمّ اختصاصات رئيس الجمهورية ولا ينطلق بها على أساس حلّ يراه ممكنا بل من تصوّره لنفسه كرئيس قادم لتونس وهو ما يزيد من تعقيد هذه العملية المتعلّقة بتوزيع الاختصاصات بين رأسي السلطة التنفيذية. هذا وأكّد أنّه لم يقع التخلّص بعد من الشخصنة وتصوّر دستور أو بعض الأحكام منه كلباس على المقاس، مثلما صرّح بذلك سنة 1959 المقرر العام للدستور آنذاك. وفي نفس السياق، توجّه سعيد برسالة إلى المشرفين على صياغة الدستور مفادها أنّه من الضروري البحث عن حياة ديمقراطية حقيقية تكون فيها السيادة فعلا للشعب بعيدة عن هذه الاصطفافات الظرفية والتحالفات القائمة اليوم باعتبار أنّ الأغلبية الساحقة من التونسيين براء منها والدستور يجب أن يكون بالفعل أداة لتحقيق الحرية ولا أن يتحوّل بعد مدّة وجيزة إلى أداة استبداد.