"الأمن والإستقرار والتخفيض في الأسعار"، هي إنتظارات يأملها التونسيون سنة 2018 ، رغم إقرارهم بأنها ستكون "سنة صعبة"، وتتطلب تكاتف جهود الحكومة والشعب معا لمواجهة كافة التحديات المطروحة. هي إنتظارات غابت عنها بالخصوص، تجاذبات الأحزاب وصراعاتها وتوافقات السياسيين، وطغى عليها التخوف على القوت اليومي والخوف من المستقبل الغامض، وفق آراء المواطنين التي إستقتها وكالة تونس إفريقيا للأنباء. كما أجمعوا على أن سنة 2018 هي سنة إستخلاص الديون والإجراءات المؤلمة على أكثر من صعيد، ولن تلق بثقلها وبعبئها سوى على المواطن المنهك من غلاء المعيشة والزيادة في المصاريف، وفق تعبيرهم. ففي هذا الصدد، يقول جلال الميساوي (عامل يومي)، إنه يعيش وضعا صعبا وغير قادر على مواجهته وتلبية احتياجات عائلته في ظل ارتفاع الأسعار، وهو الذي يشتغل يوما ويظل عاطلا عدة أيام، لا سيما وأنه لا يقيم مع أبنائه وعائلته، حيث إضطرته الظروف لتركهم بمسقط رأسه، والقدوم إلى العاصمة بحثا عن عمل لإعالتهم، ليجد نفسه في مواجهة يومية للصعاب. وأوضح أن إنفاقه على مستلزمات دراسة أبنائه والغذاء والملبس والتنقل والصحة وإستخلاص فواتير الكهرباء والماء، لا تجعله يدخر شيئا وهو الذي بالكاد يتحصل على قوته اليومي، مؤكدا أن خوفه من عدم الإيفاء بهذه التعهدات المالية جعلته يعيش حالة من الخوف والرعب ممّا ينتظره قائلا:" إحساس بالرعب ينتابني كلما هاتفتني زوجتي". الوضع نفسه يواجهه المواطن قيس (حارس بمأوى)، الذي صرح بأن غلاء المعيشة يجعله لا يستبشر خيرا من سنة 2018 رغم التطمينات، لتتصارع بداخله مشاعر الاستياء والغضب من الوضع الذي يعيشه ومن المصاعب التي تعترضه، ويسبب له تخوّفا ممّا ينتظره في المستقبل، مقرا في هذا الصدد، بانه لا ينتظر شيئا من سنة 2018 على جميع الأصعدة، وأنّ هاجسه الوحيد هو المحافظة على عمله دون التعرض لمشاكل. من جانبه، يقول فيصل وبشعور يمتزج فيه القلق بالأمل، إنّه لم يلاحظ تقدما سنة 2017 رغم المجهودات التي بذلتها الدولة في مكافحة الإرهاب والفساد، مؤكدا أنّ المطلوب سنة 2018 هو مواصلة هذا التمشي لتحقيق نتائج فعلية تساعد على رفع التحديات الراهنة، إضافة إلى توفير مواطن الشغل للشباب العاطل الذي سبق وان ثار على مثل هذه الأوضاع. كما لفت في هذا الإطار، إلى أنّ المواطنين مطالبون بدورهم بالعمل على مواجهة هذه الصعوبات والمساعدة على دعم الإستثمار في تونس، وتحريك عجلة الاقتصاد بعيدا عن الاحتجاجات، مبينا انّ سنة 2018 ستكون سنة "صعبة"، وأن كثرة المطالب من شأنها أن تساهم في تفاقم عجز الدولة. أمّا رشدي سيالة (مقيم بمونتريال في كندا)، فقد أكّد أن ما أقرته الدولة سنة 2018 من إجراءات في مجال مكافحة الفساد والإرهاب، يمنح التونسيين وخاصة منهم المقيمين بالخارج تطمينات جدّية، ويجعلهم يستبشرون خيرا من المستقبل، مبرزا ضرورة مواصلة هذه الجهود لتحقيق النتائج المرجوة. وأشار إلى أهمية إحراز تقدم في هذا المجال، لطمأنة الشعب التونسي الذي يعاني إحباطا تسببت فيه عدّة عوامل من بينها غلاء المعيشة وعدم التكافؤ بين متطلبات العيش والراتب الذي يتقاضاه المواطن البسيط. كما دعا المواطنين الى معاضدة الجهود التي تبذلها الدولة من أجل دفع الإستثمار، لا سيما وأن التونسيين "غير متشبعين بثقافة العمل" وفق تقديره، قائلا في هذا الصدد "التونسيون لا يعملون ولا يريدون العمل مقارنة بالبلد الذي أعيش فيه". من جانها، قالت سميرة (متقاعدة)، يجب على المواطنين أن يتريثوا وينتظروا حتى تتمكن الدولة من التعافي ومواجهة التحديات التي تنتظرها في عدة مجالات سنة 2018 كالتنمية والتشغيل، ومواصلة ما انطلقت فيه السنوات الماضية من جهود، وأن يدركوا أنه لا سبيل للزيادات ولتعطيل مصالح البلاد عبر الإحتجاجات، قائلة "تونس في حاجة لمن يقف معها في هذا الظرف السيئ". أمّا أسماء الهمامي (موظفة ببنك)، فقد صرحت بأنّ ما استنتجته من قانون المالية المصادق عليه بالبرلمان مؤخرا، يجعلها على يقين بأنّ المواطن التونسي البسيط سيكون أكثر المتضررين سنة 2018 من الصعوبات التي ستلقي بضلالها عليه، مقارنة برجال الأعمال وأصحاب المؤسسات. وإعتبرت أنّ الزيادات التي تم إقرارها في كافة المجالات، ستجعل المواطن عاجزا ولن يتمكن حتى من الحصول على قروض لتحسين ظروفه، مبينة أنّ مخاطر انعكاس غلاء الأسعار سيشمل مختلف الطبقات التي باتت تعيش معاناة صعبة بسبب تفاقم لجوئها إلى المديونية. وأكدت ضرورة العمل على الحد من الضرائب التي تثقل كاهل الموطنين، وعلى مواصلة مكافحة التهريب للحصول على عائدات إضافية تساعد على إنعاش خزينة الدولة، مشددة في الآن نفسه على ضرورة السعي نحو إسترجاع الأموال المنهوبة الموجودة بالبنوك الأجنبية للحد من الصعوبات المرتبطة بالمالية العمومية، ملاحظة في الآن نفسه، أنّ سنة 2017 لم تشهد إصلاحات جذرية من شأنها المساعدة على تحسين الإقتصاد. وقد شاطرها الرأي نفسه حسن (مهندس معماري)، الذي أبرز ضرورة تكاتف الجهود لمواجهة الصعاب التي تنتظر الشعب سنة 2018 ، حاثا الدولة على القيام بمهامها وتحسين ظروف مواطنيها خاصة بالجهات لبعث الأمل في نفوسهم. هي مطالب ومطامح إلتقت حولها مختلف الفئات، حيث إتفقت الأغلبية على أن الأولوية المطلقة يجب أن تكون لمقاومة الفقر والتهميش والنهوض بتونس عبر العمل ودعم الاقتصاد بعيدا عن الاحتجاجات. كما أقر المستجوبون في تصريحاتهم بوجود صعوبات في إنتظارهم السنة القادمة، لكن الأمل في غد أفضل يظل رغم ذلك قائما، دون أن يتطرقوا إلى تجاذبات الأحزاب التي باتت لا تعنيهم، رغم أنّها ملف الساعة لما يشهده واقع الائتلاف الحاكم من مشاكل واختلافات أثّرت بطريقة أو بأخرى على تاريخ إجراء الإنتخابات البلدية وإرساء مسار اللامركزية، باعتباره القادر وحده على تحسين أوضاع الجهات، وفق ما يؤكده خبراء وسياسيون . (وات(