يعاني المحامي الشاب اليوم من صعوبات مادية كبيرة جعلته عاجزا عن توفير معاليم كراء مكتب أو شراء سيارة تسهل له عملية تنقله بين المحاكم وعديد الصعوبات الأخرى خاصة أمام بروز ظاهرة السمسرة التي طغت على القطاع وقطعت الطريق أمام المحامي الشاب. وقد أفاد «الصباح نيوز» في هذا الصدد الأستاذ ياسين اليونسي رئيس جمعية المحامين الشبّان أن المحامين الشبّان يعانون من ظروف مادية صعبة نظرا لإرتفاع كلفة فتح مكاتب وخلاص جميع المصاريف من أجرة (كاتب محام) أو شراء سيارة تمكّنه من التنقّل بين المحاكم مما يضمن له كرامته والقيام بعمله على أحسن وجه وبطريقة يسيرة دون مواجهة صعوبات في التنقل. واعتبر أن من الأسباب التي جعلت المحامي الشاب يعاني من ظروف مادية صعبة عدم تفعيل قانون توزيع قضايا المؤسسات العمومية التي كانت وماز ا لت وفق قوله حكرا على بعض المقربين من الأحزاب الحاكمة هذا فضلا عن أن القانون الأساسي المنظم لمهنة المحاماة جعل مجال انابة المحامي الشاب ضيق اذ أنه لا يمكنه إنابته في جميع القضايا بل فقط في قضايا الناحية والأحوال الشخصية والقضايا الشغلية دون سواها مشددا على ضرورة تنقيح القانون في اتجاه جعل انابة المحامي وجوبية في جميع القضايا وتوسيع تدخل مجال المحامي الشاب. وتابع الأستاذ اليونسي أنه فضلا عن الصعوبات المادية التي يعانيها المحامي الشاب فإن العديد من المحامين الذين يؤطرون المحامين المتمرنين يعمدون الى استغلال المحامي الشاب (المتمرن) وذلك عن طريق تكليفه بإعداد التقارير ومتابعة الجلسات بالمحكمة دون مقابل مادي حتى ولو كان رمزيا وفي بعض الأحيان يعمد المحامون المؤطرين الى منع المحامي الشاب ( الذين يؤطرونه بمكاتبهم) من استقبال حرفائه فيضطر الى استقبالهم خارج المكتب. وقال في سياق متّصل أن هناك أسباب أخرى وراء الصعوبات المادية التي يعانيها المحامي الشاب وهي ظاهرة السمسرة التي تفشت في قطاع المحاماة بشكل كبير واصفا اياها ب «السرطان» الذي نخر قطاع المحاماة وجعل «حيتان» كبيرة داخل القطاع تسيطر على القضايا التي لها مدخول محترم وقد أضر ذلك وفق قوله بالمحامين الشبان الذين تجبرهم الظروف في بعض الأحيان الى الإنخراط في شبكة «السمسرة». وطالب رئيس جمعية المحامين الشبّان كل من وزارتي العدل والمالية الى التسريع بضبط أمر ينص على صرف منحة المحامي المتمرن وبأن يسدد له مقابل نيابته أمام باحث البداية يختلف مقدارها حسب أوقات النيابة ( في الليل أو النهار). من جهته قال المحامي ياسين عزازة ( المتحدث باسم محاميي الجزائر) أن المحامي الشاب يعاني من عدم توفر الإمكانيات من مكتب ومنح ...، فضلا من أنه لا يتمتع لا بامتيازات جبائية ولا بغيرها فالمحامي الشاب عندما يباشر المهنة يصطدم وفق قوله ب «السمسرة» وبعدم تكافئ الفرص بين المحامين من خلال نيابة المؤسسات العمومية اذ أنه على الرغم من صدور قانون يتعلق بتوزيع عادل لقضايا المؤسسات العمومية بين المحامين الا أن المحامي الشاب لم يجد موقعه أو مكانته في هذه القضايا ولا يتمتع بها مشددا على الهيئة الوطنية للمحامين بضرورة الإلتفات الى الوضعية المادية للمحامي الشاب والإهتمام بالشأن القطاعي المهني للمحاماة والإبتعاد عن التجاذبات السياسية التي يذهب ضحيتها بالدرجة الأولى المحامي الشاب، مضيفا أن أغلب المحامين الشبان لا يمتلكون مكاتب ويستعملون وسائل النقل العمومي مما أدى الى هروبهم من المهنة والإلتجاء الى الوظيفة العمومية أو المشاركة في مناظرات بالقضاء. وطالب المحامي ياسين عزازة الحكومة والهيئة الوطنية للمحامين بضرورة الإهتمام بوضعية المحامي الشاب وإيلائه الأهمية اللازمة كي لا يضطر لمغادرة المهنة وامتهان مهن أخرى. من جهته اعتبر الأستاذ رحّال جلاّلي أن الإطار المادي الذي يعيشه المحامي الشاب لا يخوّل له توفير معاليم كراء مكتب كما أنه لا يتمتع بمنح من طرف وزارة العدل. وشدد محدّثنا انه على الهيئة الوطنية للمحامين الإنحياز الى المحامي الشاب وتجنب التجاذبات السياسية واسقاطها على وضع المحاماة الداخلي معتبرا أن الهيئة الوطنية للمحامين لم تعد تهتم بمشاكل القطاع خاصّة مشاكل المحامين الشبّان بل أصبحت منحازة الى السلطة السياسية الحالية أكثر من انحيازها ووقوفها مع المحامي الشاب مما أدى بالضرورة الى فقدان الدور النّضالي الذي كانت تحظى به المحاماة كما شدد أيضا على قواعد المحامين بضرورة الضغط على الهيئة ومطالبتها بعقد جلسة عامة استثنائية لتدارس الوضع الداخلي المهني قبل السياسي ووضعية المحامي الشاب بصفة خاصة. ولاحظ الأستاذ وسام عثمان أن الصعوبات المادية التي يعانيها المحامي الشّاب ورائها عدة أسباب بينها النقص في التمويل الذاتي وعدم وجود امكانية لتمويل المحامي الشاب سواء من قبل الدولة أو الهيئة الوطنية للمحامين ليتمكن من فتح مكتب أو شراء سيارة تسهل له عمله مضيفا أن ظاهرة السمسرة التي تفشت في القطاع والمورط فيها أمنيين وكتبة محاكم وحتى محامين شكلت سببا كبيرا في تدهور الوضع المادي للمحامي الشاب. وتابع في سياق متّصل مبينا أن هناك مشكل آخر وهو أن مهام المحامي الشاب مقتصرة فقط على بعض القضايا باعتبار أن القانون الأساسي لا يخوّل له الإنابة في جميع القضايا فضلا عن انعدام حوافز جبائية أو غيرها على غرار منح المحامي الشاب قروض بدون فوائض. كل هذا ساهم في تردي الحالة المادية للمحامي الشاب. واعتبر أن هناك بعض الحلول يمكن أن تساهم في النهوض بالوضع المادّي للمحامي الشاب على غرار إعفاءه لمدّة معيّنّة من خلاص الضرائب وتمكينه من قروض بدون فوائض حتى يتمكن من فتح مكتب أو اقتناء سيارة والتوسيع من مجال نيابته خاصّة بالنّسبة لقضايا المؤسسات العمومية التي يحتكرها مجموعة من المحامين المقربين من السلطة أو الذين كانوا ينتمون الى التجمع المنحل. مشيرا أنه وعدد من زملائه كانوا تقدموا في 2015 بعرائض الى الهيئة الوطنية للمحامين تضمنت مشاكل المحامين الشبان ومقترحات لحلها. أما الأستاذ حازم القصوري فقد اعتبر أن من اسباب تدهور الوضع المادي للمحامين الشبان عديد الدخلاء في قطاع الخدمات التي يسديها المحامي للحريف على غرار (تحرير القوانين الأساسية للشركات، مكاتب الإستشارات...) بالإضافة الى احتكار قضايا مؤسسات الدولة إذ لا يوجد توزيع عادل لتلك القضايا وانعدام المعايير الواضحة والجلية في اسناد تلك الملفات الى المحامين. فضلا عن أن ظاهرة السّمسرة التي أصبحت تشكّل مشكلا كبيرا وجب التصدي لها وايجاد الآليات لمحار بتها لأنها أضرت بالمحامين الشبان مشيرا أن الحل في مكافحة السمسرة فتح المجال لإنابة المحامين في جميع القضايا خاصة منها الملفات الإقتصادية والماليّة والجمركية وتطوير القانون المتعلق بانابة المحامي لدى باحث البداية وذلك بالتنصيص على وجوبية وجود محام مع المظنون فيه لدى باحث البداية وذلك في إطار دولة القانون والمؤسسات. وختم بأن المحاماة التونسية اليوم تعتبر في منعرج حقيقي وجب مراجعة القوانين التي تضمن بقاء هذا الصرح الضامن للحقوق والحريات.