بلغت نسبة تغطية واردات تونس من العملة الصعبة نهاية الأسبوع المنقضي حدودا دنيا لم تبلغها منذ سنوات عديدة بما يؤشر لمزيد من الضغط على الواردات لوقف الانخرام المتواصل . فقد تراجعت نسبة التغطية من 112 يوما مطلع مارس 2017 الى 80 يوما غرة مارس الجاري وتراجع معها مخزوننا من العملة الصعبة بما يناهز 2.1 مليار دينار في ظرف تضاعفت فيه خدمة الدين الخارجي وتأخر فيه صرف آخر أقساط قرض صندوق النقد الدولي. يأتي ذلك رغم تحسن الصادرات بالأسعار الجارية خلال شهر جانفي المنقضي مقارنة بشهر جانفي من سنة 2017 من 9.6 بالمائة الى 38.9 بالمائة وبالأسعار القارة من 0.7 بالمائة الى 16.1 بالمائة مقابل تراجع الواردات بالأسعار الجارية من 34.6 إلى 24.9 بالمائة وبالأسعار القارة من 23 الى 1.5 بالمائة . لكن ذلك لم يشفع في شيء التدحرج الحاصل امام نسبة التضخم الهامة التي سجلها مؤشر الاستهلاك والتي بلغت حدود 7.1 بالمائة في فيفري مقابل 4.6 بالمائة خلال نفس الشهر من السنة المنقضية...ولئن يأمل البعض في أن يتحسّن الوضع نهاية الشهر الجاري بعد صرف قرض صندوق النقد الدولي فانه لن يغيّر عاجلا الكثير في الوضعية الحرجة التي يمر بها الاقتصاد الوطني رغم مؤشرات التحسّن ... مؤشرات ايجابية يلعب العاملان الاجتماعي والسياسي دورا اساسيا في كبح تطورها في سعي لاشعوري إلى إرجاعها إلى النقطة الصفر ..فما يحدث في الحوض المنجمي وما يتم الإعداد له في الكامور إلا دليل على درجة الاحتقان الكبرى التي بلغها الوضع الاجتماعي مع ما يرافقها من انعدام الحس الوطني لدى القلة وخرقهم للقوانين وفرضهم قانون الغاب بما يمهّد لإدخال البلاد في دوامة العنف التي ستؤدي بالبلاد إلى حالة الفوضى المرجوّة لدى البعض . وإن ما يؤلم حقا هو ذاك الانخراط الفاضح للسياسيين في لعبة انهاك الدولة ..انخراط تساهم فيه أطراف داخل المنظومة الحاكمة وخارجها لغايات حزبوية ضيقة أو لمنفعة ذاتية تكشف عن أنانية مفرطة لأشخاص يفرض انخراطهم في العمل السياسي او اشتغالهم في منظومة الحكم الترفّع عن كل ما هو ذاتي والانصهار إلى حدود الذوبان في خدمة الوطن . إن ما تعيشه البلاد من عجز عن استعادة هيبة الدولة ومؤامرات ودسائس وأنانية وانسداد للأفق يدفعها بخطى حثيثة نحو المجهول الذي لن تكون عواقبه في كل الحالات إلا وخيمة إذا لم يتم التدارك بسرعة.