خصم عنيد دائم الانتقاد، بغض النظر عن الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس، صفة اتسم بها السيناتور جون ماكين، أججت العداء بينه وبين الرئيس دونالد ترامب، ولم يحنه مرضه ليتراجع عن موقفه منه، فقبل وفاته طلب من البيت الأبيض ألا يشارك ترامب بمراسم دفنه، وأن يحضر بدلا منه نائبه مايك بنس، بحسب ما ذكرت قناة NBC، نقلا عن مقربين. وفي موقف آخر فقد طلب ماكين أن يُدلي كل من الرئيس السابق باراك أوباما والأسبق جورج بوش بخطاب في مراسم التأبين بحسب ما ذكرته قناة CBS News. السيناتور الجمهوري والذي توفي يوم السبت 25 أوت عن عمر ناهز الواحد والثمانين عاما، متأثرا بسرطان الدماغ، كان قد طلب على الهواء مع المقدمة ليزلي ستال ببرنامج 60 Minutesأن تُجرى مراسم التشييع في الأكاديمية البحرية، مضيفا:"وأن يتواجد بعض الأشخاص ليقولوا بأن هذا الرجل خدم وطنه". تغريدة ترامب كانت قصيرة ومقتضبة وعادية، وكتب: "تعاطفي العميق واحترامي لأسرة السيناتور جون ماكين، قلوبنا وصلواتنا معكم". الرئيس السابق باراك أوباما والذي انتصر على ماكين في السباق الرئاسي عام 2008 كتب:"بالرغم من كل الخلافات، نشترك بالولاء لشيء سامٍ، المثل والمبادئ التي حاربت لأجلها أجيال من الأمريكيين والمهاجرين، ساروا وضحوا". وأضاف:"قليلون منا اختبروا طريقة جون ماكين، لكن كل واحد منا يطمح لأن تكون عنده هذه الشجاعة، كما كانت عند ماكين الذي أظهر لنا معانيها". جورج بوش الابن أيضا، والذي هزم ماكين في ترشيحات الحزب الجمهوري بانتخابات عام 2000، قال في تصريح له:"هو رجل صاحب عقيدة، ومقاتل من الطراز الرفيع، من الصعب تخيل فقدان بعض الأشخاص". جون بايدن نائب أوباما والذي قضى سنوات طويلة في الكونغرس مع ماكين قال:"حياة جون ماكين دليل على أن الحقائق لا تقدر بثمن، أمانة، شجاعة، حسن السلوك والشرف، حياة مضت لضمان بقاء هذه الحقائق". وألمح أن ماكين كان جنديا في البحرية، زميلا في الكونغرس، معارضا سياسيا، لكن الأهم أنه كان صديقا قريبا بالنسبة له. الرئيس السابق بيل كلينتون كتب أيضا:"جون ماكين آمن بأن كل مواطن مسؤول عن فعل شيء لخدمة الحريات التي ضمنها الدستور، منذ خدمته بالبحرية وحتى وصوله إلى الكونغرس عاش مع عقيدته كل يوم". مات جون ماكين صقر الحزب الجمهوري عن عمر ناهز أحدى وثمانين سنة، بعد أن قرر وقف العلاج واستسلم لسرطان المخ. وفيما يلي بعض الحقائق عن ماكين: * كان طالبا جامحا ومولعا بالتشاجر في المدرسة الداخلية التي التحق بها في منطقة واشنطن. واقتفى ماكين خطوات أبيه وجده، وهما من كبار ضباط البحرية الأمريكية ذوي الأربعة نجوم، حيث واصل التمرد على اللوائح وتخرج ضمن أواخر الدفعة. * أسقطت النيران المعادية طائرة ماكين خلال مهمة قتالية فوق فيتنام في عام 1967. وأمضى 5 أعوام ونصف العام في الأسر، منها عامان في الحبس الانفرادي، وتعرض مرارا للضرب والتعذيب مما ألحق به عاهة مستديمة. وفي مجلس الشيوخ الأمريكي كان منتقدا لأساليب الاستجواب القاسية مثل أسلوب محاكاة الغرق للمشتبه بهم في أعمال إرهابية. * من بين الأوسمة التي تقلدها ماكين 3 من ميداليات النجمة البرونزية، ونال وسام القلب الأرجواني مرتين ووسام الاستحقاق مرتين ووسام النجمة الفضية وصليب الطيران المتميز. * كان ماكين يعمل لحساب موزع للبيرة في أريزونا هو والد زوجته الثانية سيندي عندما انخرط في العمل السياسي. في عام 1982 فاز في انتخابات مجلس النواب الأمريكي، وفي 1986 فاز بمقعد في مجلس الشيوخ ظل محتفظا به 6 دورات. * في حملته للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية في عام 2000 تصدر السباق على منافسه في الحزب جورج دبليو بوش في الجولة الأولى. لكنه لم يحقق نتائج طيبة في التصفيات اللاحقة، وفي نهاية المطاف سلم بالهزيمة أمام بوش بعد حملة مريرة. * بعد الفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة في 2008 خسر ماكين أمام المرشح الديمقراطي باراك أوباما الذي حصل على 53 بالمئة من الأصوات مقابل 46 بالمئة لمنافسه. * في الكونغرس كان ماكين محافظا مؤيدا لرجال الأعمال ومن دعاة سياسات السوق الحرة ومعارضي الإجهاض، لكنه صوت ضد الأغلبية الجمهورية في عدة مشروعات قوانين كان لها صدى واسع. وبعد تبرئة ساحته في فضيحة تبرعات انتخابية في الثمانينيات سعى لإصلاح قواعد تمويل الحملات الانتخابية. * في عام 2017 وأثناء جراحة في أريزونا لإزالة تكتل دموي خلف العين اليسرى لماكين اكتشف الأطباء إصابته بنوع شرس من سرطان المخ. بعد أقل من أسبوعين عاد ماكين إلى واشنطن وخالف رغبة حزبه بالتصويت في اقتراع قضى على جهود الحزب الجمهوري لرفض خطة الرعاية الصحية التي طرحها أوباما. وأمضى ماكين معظم وقته لاحقا في أريزونا حيث خضع للعلاج والرعاية. * كان ماكين منتقدا بارزا للرئيس دونالد ترامب. وبعد أن انتقد الخطاب العنيف لترامب تجاه الهجرة غير الشرعية، أبدى ترامب استخفافه بالتاريخ العسكري لماكين قائلا إنه "يفضل الأشخاص الذين لم يقعوا في الأسر". ومن منطلق الولاء للحزب أيد ماكين ترامب لاحقا عندما فاز الأخير بترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة. لكن ماكين سحب تأييده في أكتوبر 2016 بعد الكشف عن تسجيل يتباهى فيه ترامب بالتحرش بالنساء. وظل ماكين منذ ذلك الحين من منتقدي رئاسة ترامب، رغم أن الإثنين ينتميان للحزب الجمهوري.(اورو نيوز + رويترز + روسيا اليوم)