عودة لتسليم 42 طفلا من بين ما يعرف ب"المدرسة القرآنية" في معتمدية الرقاب من ولاية سيدي بوزيد والمودعين بمركز "أملي" لإيواء الطفولة في مدينة حمام الأنف بولاية بن عروس لعائلاتهم بعد الإمضاء على وثائق التسليم ، وذلك تبعا لقرار قاضي الأسرة بالمحكمة الابتدائية في سيدي بوزيد بتاريخ 11 فيفري 2019 ، وعن مصير هؤلاء الأطفال تحدّثت "الصباح نيوز" مع مسؤولة بوزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن. وكانت وزارة المرأة قد أكّدت أنّ وضعيّة الأطفال المعنيين ستبقى حاليّا محل متابعة من قبل قُضاة الأسرة بالتنسيق مع مندوبي حماية الطفولة المختصّين ترابيا ، وذلك مراعاة لمصلحة الطفل الفضلى. وأفادت المسؤولة بوزارة المرأة أنّ الأطفال قد عاشوا تجربة مختلفة كانت لها تأثيرات متفاوتة على سلوكاتهم وطريقة تفكيرهم وتعاملهم مع الآخرين، ويختلف الأثر النفسي لهذه التجربة من طفل لآخر باختلاف آليات الحماية النفسية الذاتية لكل منهم. هذا وستعمل الوزارة بالتعاون مع بقية المتدخلين على مواصلة مساعدة الأطفال على تجاوز هذه الصعوبات وإقدارهم على تنمية صلابتهم النفسية وحسن الإندماج حتى بعد عودتهم لعائلاتهم ومحيطهم الطبيعي. وقد اعتبرت أن الإقامة بما يعرف بالمدرسة والإنفصال عن عائلاتهم لفترات طويلة وفي هذه السن الحساسة مع تلقيهم لنظام وأساليب تربوية غير مألوفة إلى جانب الخبرات السلبية التي مروا بها قد سبب لهم تذبذبا عاطفيا وفقدانا لتمثل "التعلق المطمئن" وأن الأثر السلبي لذلك يمكن أن يمتد إلى فترات متقدمة من حياتهم ما لم يتم التعهد بهم بصفة حينية وكذلك على المدى البعيد. كما أضافت المسؤولة بوزارة المرأة أنّه بتحول الأطفال للمركز الوطني لإيواء الأطفال في وضعية الهشاشة "أملي" تمّ إيلاء الاهتمام اللازم بالأطفال وتمكينهم من مقابلة أوليائهم والإتصال بهم هاتفيا إلى جانب التعهد بهم نفسيا وتربويا حالة بحالة وفي إطار جماعي لمساعدتهم على مواجهة الآثار المنجرة عن هذه التجربة. تغيير تسمية المركز؟ وفي هذا السياق، وحول طبيعة المركز وما طرحه من تساؤلات حول أسباب تغيير تسمية المركز، أكّدت المسؤولة بوزارة المرأة أنّ المركز المندمج للشباب والطفولة بحمام الأنف قد أصبح مركز وسط طبيعي دون اقامة أي يؤمن خدمات المتابعة التربوية والنفسية والإجتماعية (الأكل واللباس ولوازم الدراسة) والتنشيط في إطار نظام نصف الإقامة للأطفال منذ ما قبل الثورة. وقد تمت برمجة استغلاله كمركز لإيواء الأطفال تحت مسمى "أملي" منذ شهر ماي الفارط وقد واصل استقبال الأطفال المنتفعين بخدمات الوسط الطبيعي دون إقامة إلى حين استكمال الأشغال بمركز الوسط الطبيعي المحاذي له وافتتاحه قريبا طرد 74 طفلا؟ وفيما يتعلق بما تمّ تداوله حول طرد 74 طفلا كانوا يقيمون بالمركز لتمكين أطفال ما يعرف بقضية الرقاب للإقامة به، عادت مُحدّثتنا لتُؤكّد أنّ المركز لم يكن يُوجد به أطفال مقيمون. ومن جهة أخرى، أشارت مُحدّثتنا إلى أنّ من بين "أطفال المدرسة بالرقاب" من هم منقطعون عن الدراسة منذ فترة كما يوجد من بينهم من هم منقطعون حديثا وأن بعضهم متمدرسون وهم قلة قليلة . وحول وصف أحد الاطفال بالمدرسة القرانية بالرقاب إحدى النائبات ب"الكافرة" ووصف اخرى ب"السافرة" خلال لقائهم معه إثر زيارة النواب للأطفال بمركز الرعاية "أملي"، أفادت مُحدثتنا أنها لم تكن شاهد عيان فيما يتعلق بالنواب، مُضيفة أنّ "هؤلاء الاطفال قد تعرضوا لنظام حياة خاص وسيطرت على حياتهم وأفكارهم أنماط "مُتشددة". وواصلت بالقول: "من الممكن ان تتغير الافكار المُسيطرة على بعض الاطفال ويعودون للتفكير المتوازن الذي يناسب سنهم ودرجة نضجهم الفكري والعاطفي والإجتماعي وأن قابلية التغيير لديهم متفاوتة بحسب الخبرات الشخصية والخصائص النفسية الفردية . أمّا بخصوص ما تمّ تداوله بشأن تعرض أطفال لانتهاكات جنسية ووجود اثار يصعب محوها من أذهان الأطفال، شددت المسؤولة بوزارة المرأة على ضرورة التفكير في مستقبل الاطفال وحياتهم واحترام حرمتهم الشخصية، وعدم التطرق إلى هذا الموضوع لأنه من شأنه أن يؤثر سلبا على اندماجه الاجتماعي وتوازنه النفسي. ولتجنيب الأطفال أثار الوصم يجب التعهد بالاطفال نفسانيا وحينيا والعمل على المدى البعيد من أجل مساعدتهم على استعادة التوازن النفسي ومساعدتهم على تحقيق الصلابة النفسية لاستكمال مسار نموهم الطبيعي". كما أشارت مُحدثتنا إلى أنّ الإطار الذي تمّ وضعه في الغرض بمركز "املي" لمتابعة حالات الاطفال بالتنسيق مع قاضي الأسرة بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد تحدث مع أولياء الأطفال حول البرامج المستقبلية لمتابعة الأطفال واللجان التي ستعمل معهم حيث ابدوا استعدادهم وقبولهم لفكرة اللجان لمتابعة أبنائهم، حيث أكّدوا أنهم مستعدون للتعاون بهدف إعادة إدماج أبنائهم. وأكّدت مُحدّثتنا أنه تم التأكيد للأولياء أنه لا يوجد أي إشكال لتعليم أبنائنا وتحفيظهم القران ولا احد يمنعهم من قراءة القران في أطر مراقبة وقانونية ولكن يجب الاهتمام بمستقبلهم من خلال العودة للمدارس او التوجه للتكوين والتدريب المهني ممن تسمح أعمارهم بذلك وحسب الحالات. كما أشارت إلى وجود كتاتيب قانونية ومُرخص لها وموجودة بالمساجد وبالقرب منها وموجود من يتعلم فيها القران. تكوين خلايا جهوية وفي سياق آخر، أكّدت مُحدّثتنا أنّ "الوضع يتطلب التدخل المتواصل والمتعدد القطاعات وان تكون هنالك الية متابعة في محيطهم الاسري"، مُضيفة: "قانونيا تم تعهد قضاة الاسرة بالولايات الراجع لها بالنظر الأطفال ترابيا ومندوبي الطفولة حيث يتم تكوين خلايا جهوية تتدخل في الغرض وتكون متعددة الاختصاصات وتضم اخصائي نفساني، اجتماعي وممثلين عن وزارات الصحة والتربية والتكوين..... حيث يتم التعهد بوضعيات الأطفال وعائلاتهم وفق مشروع حياة يتم اعداده بصفة تشاركية بمساعدة العائلة حتى تكون العائلة بدورها مستفيدة من مشروع التدخل في اطار نشر الفكر المعتدل والتشبث بقيم العيش المتوازن". وأكّدت مُحدثتنا انّ "الدولة ستتدخل بكل امكانياتها والياتها المُتاحة لحماية الاطفال وأهمها التنسيق بين الجهات المتدخلة في إطار متابعة لصيقة جهويا ومحليا"، مُشيرة إلى "أهمية دور المواطن في الإشعار عن الحالات التي يشوبها غموض أو تنشط في إطار غير قانوني". واعتبرت أنّ ما حدث في الرقاب قد يكون رسالة للحد والتصدي لمثل هذه الممارسات والسلوكات، وهي مسؤولية جماعية ومشتركة داعية إلى التحرك الحيني والإشعار مستقبلا عند ملاحظة مثل هذه الممارسات". وحمّلت مُحدثتنا المسؤولية لجميع الأطراف بما في ذلك المواطن، مُوضحة: "المسؤولية مشتركة ومرتكزة على الوعي بأهمية التعامل مع المؤسسات التي تنشط في إطار قانوني كما بينت أن هنالك لجان جهوية لمراقبة ورصد الفضاءات الفوضوية تتولى الإشعار عنها ودعوتها لتسوية وضعيتها القانونية أو غلقها من قبل السادة الولاة في حال عدم إمكانية ذلك كما أشارت إلى أنه تم تركيز خلية مركزية على مستوى الوزارة تُكلف بمتابعة الموضوع وعمل الخلايا الجهوية المُكلفة بالتدخل لفائدة العائلات ومتابعة الأطفال في إطار مشاريع التدخل. وحول فرضية عدم التزام أولياء بتعهداتهم فيما يتعلق بالتواصل مع اللجان المكلفة، ردّت مُحدثتنا: "كل شيء وارد وفي حال ورود إشعار مندوبي حماية اطفولة بوجود تهديد معين في العائلة فإنه يتعهد مباشرة بالوضعية.. صحيح أنّ الاسرة هي الوسط الطبيعي لكن في صورة أي تهديد للطفل يتم التدخل مباشرة بالتنسيق مع قاضي الاسرة".