- بعد انتهاء المدة النيابية لن يكون لي أي نشاط - هناك قضاة ارتبطوا ب«اللوبيات» وآخرون قاموا بدورهم في تطبيق القانون اعادة الدور الاعتباري للمحاماة سيكفيني في المدة النيابية" ذلك أهم ما أكد عليه الاستاذ عبد الرؤوف العيادي المترشح لمنصب عميد الهيئة الوطنية للمحامين خلال الحوار الذي أجريناه معه والذي تطرق فيه الى عدة نقاط من بينها برنامجه الانتخابي فضلا عن المشاكل والمشاغل التي تعترض قطاع المحاماة.. * بداية لو تعرف بنفسك؟ -الاستاذ عبد الرؤوف العيادي محام منذ 32 سنة صلب الهياكل المهنية ترأست خلالها منصب رئيس الجمعية التونسية للمحامين الشبان خلال الفترة المتراوحة بين 1992 و1994 كما كنت عضوا بمجلس الفرع الجهوي للمحامين بتونس منذ سنة 1997 الى غاية سنة 2000 ومنذ سنة 2001 الى حدود سنة 2004 كنت عضوا بمجلس الهيئة الوطنية للمحامين بتونس، لي تجربة محترمة مررت بها وحاليا قدمت ترشحي للعمادة ودوافعي في ذلك هو أن المحاماة كان لها دائما هدف وطني سواء في التحرر من الاستعمار أو في مقاومة الدكتاتورية والنضال من أجل الحقوق والحريات والمحاكمة العادلة، الا أن الأطراف التي وقع انتخابها بعد الثورة للإشراف على تسيير الهياكل المهنية للمحاماة لم تقم بطرح هدف وطني وبالتالي تخلوا عن ذلك الدور الذي طالما لعبته المحاماة لتسجل بذلك تراجعا ويصبح هناك تكريس لما سمي ب"الخط المهني الصرف" وهو ما أدى إلى ضعف دور المحاماة وطنيا واعتبار المحامي تقلص وأصبح مجرد صوت وصارت مهنة المحاماة مجرد مهنة يرتزق منها ومن هنا تطاولت عليه عدة جهات وأطراف لتصبح صورة المحامي تشهد بعض الضعف. * ما هي أهم النقاط التي ارتكز عليها برنامجك الانتخابي؟ - المحاماة بعد الثورة كان لا بد أن تطرح هدفا وطنيا كبيرا يوظف المساهمة في بناء دولة القانون والمؤسسات التي تقتضي على مستوى القطاع المساهمة في بناء قضاء الدولة، وقد قمت بعملية تشخيص لهذا المفهوم حيث أن هذا الجهاز وبعد أن كان يخدم الديكتاتورية فانه أصبح عبارة عن مجموعة من الأفراد أكثر منه مؤسسة، فرغم وجود قضاة حاولوا أن يقوموا بدورهم في تطبيق القانون الا أن هناك في المقابل قضاة آخرون ارتبطوا بما سمي ب"اللوبيات" المتكونة من أشباه رجال أعمال وأمنيين وبعض المحامين وهم المتسببون في ظاهرة الفساد داخل قطاع العدالة، ولذا اعتبر ان جناحي العدالة من القضاة والمحامين لهما دور هام في هذا الجانب من خلال تحالف قطاع المحاماة مع القضاة النزهاء الذين يريدون تطبيق القانون عبر اجراء حوار فيما بينهم من اجل البحث في شروط قيام قضاء الدولة الذي يفرض سلطة القانون على الجميع، ومن الناحية المادية فان المحامين يعانون من تدهور أوضاعهم المادية ما يطرح على قطاع المحاماة انها لا بد أن تشارك وتساهم في مقاومة الظاهرة بان يكون الاقتصاد الوطني خاضعا لمبدا الشفافية وتحت طائلة القانون مما يساهم في توفير مصادر رزق للجميع بما فيهم المحامين. كذلك ضرورة تكريس مبدأ الشفافية في التصرف في الخيرات والثروة الوطنية باعتبار ان الشفافية تفتح المجال للحق في الثروة الوطنية للمحامي بالتالي يكون له نصيب في تلك الثروة اضافة الى ان المحامي عندما تكون نظرته واسعة وتطلعاته كبيرة في بناء فضاء مغاربي مثلما تم طرحه من الاخوة الجزائريين فانه سيكون شريكا في بناء ذلك الفضاء مما سيعود بالنفع عليه وعلى الاستثمار الذي سيتسع مجاله ويمكن بالتالي أن نحلم باقتصاد مغاربي. مسألة أخرى هامة تتعلق بانه على المحامين ان يواصلوا الدفاع عن الحقوق والحريات والمحاكمة العادلة ولا بد ان يستمر ذلك الدور لانه ضامن لبناء دولة القانون وكذلك فان دور المحاماة ذو الطابع الوطني سأعمل على تثبيته باعتبار وأن هذا الدور التاريخي مستمد من تاريخ المحاماة كرسالة وليس كمهنة فقط على اعتبار وان المحاماة "أم المهن" دافعت عن السياسيين خلال المحاكمات وكذلك على النقابيين لما وقع قمعهم خلال أحداث الحوض المنجمي بقفصة وكذلك دافعت على عدد من القضاة لما وقعت إحالتهم على مجلس التأديب سنة 1983 وبالتالي فان الجميع "مدين" للمحاماة بوقوفهما الى جانبهم من اجل الحق والحرية، واعتبر في هذا السياق ان استرجاع المحاماة لدورها الوطني في اطار بناء دولة القانون هو "المخرج" من الازمة التي تعيشها المحاماة التي تعد جزء من أزمة البلاد.. الا أنه في المقابل فان الهياكل المهنية في الوقت الراهن هي جزء من الازمة لجعلها من المهنة مجرد "ادارة" أو شبه ادارة وهذا ما يعد بحسب رايي خطا وانحرافا لا بد من تصحيحه، وبالتالي فان الطرح الذي أقدمه كفيل بإخراج قطاع المحاماة من الازمة التي تعيشها وسواء حالفني الحظ بالفوز بمنصب العمادة أم لا فان هذا الخيار سأسعى من أجل بنائه تحت شعار "محامون من أجل بناء دولة القانون". * ما هي اهم مشاغل ومشاكل قطاع المحاماة؟ - مشاغل ومشاكل القطاع بحسب رأيي متعددة وازمتهم متعددة الجوانب وتتلخص في الجوانب المادية حيث صار المحامون لا يقدرون على فتح مكاتب لممارسة نشاطهم المهني، وحتى الذين تجاوزوا هذا الاشكال وتمكنوا من ممارسة نشاطهم المهني وتمكنوا من فتح مكاتب فانهم بدورهم لهم مشاكل أخرى في تامين دخل يغطي مصاريف المكتب من اجور وما الى ذلك من متطلبات. من بين المشاكل الأخرى هناك ما يتعلق بالجانب الاعتباري على اعتبار وأن المحامي صار يلاقي صعوبة في ممارسة عمله على خلفية تسجيل عديد الاعتداءات التي طالت عددا من المحامين خاصة من قبل أعوان الأمن وهذه الظاهرة تشهد ارتفاعا، فضلا عن حالة التشنج التي تطغى على العلاقة بين المحامين والقضاة وكذلك مع كتبة المحاكم الذين بلغ بالبعض منهم حد التطاول على المحامين، وبالتالي فان هذه المشاكل ساهمت في تأزم الوضع من عدة جوانب جعلت من ممارسة المحاماة مسألة صعبة خاصة في ظل عراقيل أخرى تتمثل في الأحكام التي لا يقع تلخيصها في آجال معقولة كذلك نقص الإطار القضائي وعدد القضاة. * من هو العميد الذي خدم القطاع بحسب رأيك.. وتقييمك لعمل المجلس الحالي؟ -ما يمكن قوله بخصوص هذا السؤال هو أن من خدموا القطاع حاولوا أن يؤمنوا الجانب الاعتباري لقطاع المحاماة ودورها الوطني في الدفاع عن الحقوق والحريات وهم بحسب رأيي يعدون من المحامين المناضلين اكثر من انتمائهم لهياكل المهنة، اذ هناك فريق معروف يضم وجوها معروفة في القطاع منهم من تقلد عضوية الهيئة وتمكن من خدمة القطاع حيث ترافع في أحداث الحوض المنجمي وكذلك في القضايا السياسية أو الاحالات التي حصلت لعدد من الصحفيين والحقوقيين وقد كانوا متطوعين وهي مواقف تحسب لهم ولبعض من ترأسوا عديد الهياكل المهنية وهنا لا ارغب في ذكر أي اسم من الأسماء لأنهم معروفون في القطاع. لكن للأسف فان من تم انتخابهم بعد الثورة على رأس الهياكل تخلوا عن هذا الدور الوطني الهام للمحاماة واصبح الهاجس قطاعي بالاساس شانها شان بقية القطاعات مما اثر سلبا على وضعية المحامي الاعتبارية أو المعنوية وكذلك الاوضاع المادية للمحامين على اعتبار وأن الفساد كان فساد نظام قائم ليصبح فساد لوبيات متنفذة تحاول تعطيل اقامة العدل. وبخصوص تقييم عمل الهيئة الحالية برئاسة الاستاذ عامر المحرزي فان العميد الحالي كان بمثابة "رئيس ادارة" اكثر من كونه عميدا للمحامين وتمثل دوره في تصريف الشؤون اليومية للمحامين لا غير ولم تكن له أية مواقف بخصوص التشريعات التي تطالعنا من الاتحاد الاوروبي حيث انه كان من المفروض تكريسا لمبدا استقلال القضاء أن يكون التشريع وطنيا نابعا من الداخل وليس من الخارج، وبالتالي فان سكوت المحاماة في اعتقادي وعدم تسجيلها لأية مواقف بخصوص عديد القوانين من بينها ما يخص قانون المصالحة ساهم في تشكيل "لوبي"خاصة في المناطق الداخلية التي لاحظتها بقوة من قبل جهات متنفذة أفسدت عمل القضاء وساهمت في عدم تحقيق العدل. * وضعية المحامين الشبان الذين يعتبرهم البعض ضحية حسابات كبيرة في القطاع من بينها مسألة التوريث؟ -إن سياسات الهياكل غير طموحة والتي لا تأخذ بعين الاعتبار مصالح المحامين الاعتبارية والمادية ستؤثر حتما على المحامين من بينهم الشبان وسيؤدي ذلك الى تدهور أوضاعهم، وفي هذا الاطار وفي صورة فوزي بمنصب العمادة سأعمل على ان يكون الحق للجميع في الثروة الوطنية بما في ذلك المحامين وان تلعب المحاماة دورها في مقاومة الفساد على المستوى الوطني فضلا عن عدة مقترحات وحلول أخرى. * وأخيرا هل تعتبر منصب العميد بداية الطريق للحصول على مناصب اخرى وكنموذج واقعي العميد فاضل محفوظ الذي تقلد منصب وزير العلاقات مع الهيئات الدستورية؟ -الاستاذ فاضل محفوظ وظف نفسه في اطار أجندا دولية تحت ما سمي ب"الحوار الوطني" وقد لعب دورا موكولا له من القوى الخارجية في اعادة المنظومة القديمة وحينما تقلد منصب العمادة كان يفترض أن ينشغل بقضايا المحامين الا أنه لم يفعل ذلك وقد تحصل في هذا الاطار على "جائزة نوبل" هذه الجائزة التي لا تمنح الا برضا الأوساط الدولية المعروفة ثم اصبح وزيرا في الحكومة الحالية كما انتمى أيضا الى احد الاحزاب السياسية ما يحيل إلى أن منصب العميد صار عند البعض "منصة" لتقلد بعض المناصب. وفي ما يهمّني فانه في صورة فوزي بالعمادة فان خيار السعي للحصول على أي منصب لن يكون خياري اذ بعد انتهاء المدة النيابة أعتقد أنه لن يكون لي أي نشاط او طموح، وأن دوري في اعادة الدور الاعتباري للمحاماة سيكفيني واقصى ما يمكن ان تكون رسالتي خاصة في المرحلة الانتقالية الحالية التي نطمح من خلالها الى بناء دولة القانون.