تتالت التصريحات الإعلامية في الفترة الأخيرة حول وضع الاقتصاد التونسي. وذهب البعض للقول بأنّ أجور الموظفين أصبحت مهددة وأنّ البلاد أيضا مهددة بالإفلاس. هذه التصريحات تسببت في بعث شعور بالخوف لدى المواطن. وللاستفسار حول الموضوع، اتصلت "الصباح نيوز" بفتحي النوري الخبير الاقتصادي الذي نفى وجود بوادر إفلاس أو انهيار اقتصادي أو تهديد بعدم خلاص الأجور. وأشار إلى أنّه إذا ما قارنا نتائج السداسي الأول لسنة 2012 بالسداسي الأول لسنة 2013 فإنه لا وجود لبوادر إفلاس تذكر، مبينا أنّ المؤشرات إجماليا بقيت في نفس النسب. وقال على سبيل المثال أنّ قيمة العجز في ميزان الدفوعات الجارية بلغ 3.2 مليار دينار خلال السداسي الأول لسنة 2012 في حين بلغ 3.3 مليار دينار السداسي الأول لسنة 2013، مشيرا إلى أنّ قيمة العجز لنفس الفترة سنة 2011 كانت في مستوى 2.4 مليار دينار . وفي هذا السياق، قال النوري : "لو قارنا نتائج سنة 2012 بنتائج 2013 فإنّ الوضع بقي على نفسه تقريبا.. ولكن إذا قارنا نتائج الوضع الاقتصادي لهذه السنة بتلك التي سجلت سنة 2011 فإنّ الأمر يبعث على القلق".
العجز الجاري متأت من العجز التجاري وأكّد أنّ العجز المسجل في ميزان الدفوعات الجاري متأت من العجز التجاري ومن عوامل أخرى مثل تحويلات العملة الصعبة من مرابيح الشركات الأجنبية المستثمرة في تونس. وقال إنّ الأزمة الاقتصادية متواصلة منذ 2011 بل زادت الصعوبات حدة في سنتي 2012 و2013 ويمكن اعتبار الوضع سيء ولكن ليس بالكارثي مثل ما يدّعي البعض، مبينا أن تراكمات الوضع الاقتصادي تتطلب معالجة جدية. أسباب الوضع السيء للاقتصاد أمّا عن أسباب الوضع السيء للاقتصاد ، فأرجع فتحي النوري ذلك إلى أربعة أسباب تتمثل في ما يلي : -قلة معرفة السلطة الحاكمة بعد الثورة بالوضع الاقتصادي في البلاد والتشبّث بنفس نوعية الحلول التي هي غالبا أفكار مرسكلة وذات بعد نظري بعيد عن الواقع الميداني. -الطلبات المجحفة للزيادة في الأجور وللترسيم... -الظرف العالمي الاقتصادي -الاحتقان السياسي والتجاذبات السياسية جعلت الجميع يهتم بالشأن السياسي ويهملون الشأن الاقتصادي رغم أهميته
الاقتصاد في تونس لم ينهار بعد عملية اغتيال البراهمي
ومن جهة أخرى، بين أنه لا يمكن القول بأنّ الاقتصاد في تونس انهار بعد عملية اغتيال محمد البراهمي وكذلك أحداث الشعانبي الأخيرة التي استشهد فيها 8 عسكريين وجرح 3 آخرين. وقال : "الوضع العام تأثر بمنسوب الاحتقان السياسي في البلاد.. وهذا ما نقرأه في تقلبات مؤشرات سعر الصرف و السوق المالية ... فمنسوب الاحتقان وصل إلى حدّ زرع الخوف والتشنج.. وهاجس خوف المواطن من عدم تلقي راتبه وإن كان استنتاجا خاطئا فإنه يجعل المنتج والمستهلك وبقية المتدخلين في الدورة الاقتصادية يراجعون برامجهم الاستهلاكية أو الاستثمارية والتمويلية... والهدف من فزاعة الإفلاس وعدم قدرة الدولة على خلاص الأجور هو عبث يبعث مزيد البلبلة في البلاد".
رسالة النوري ل"المبشرين" بانهيار الاقتصاد وأكّد النوري أنّ "المبشرين" بانهيار الاقتصاد في تونس لن يتمكنوا من إخراج البلاد من ذلك إذا حدثت الأزمة، محذرا إياهم من القراءات "المحشوة بخلفيات سياسية". وقال : "نحن في وضع اقتصادي هش... يجب أن نكون رجال علم ونستند في تحاليلنا ما تمليه علينا القوانين الاقتصادية ولا ما يمليه علينا رجال السياسة... ولو تواصلت سلوكيات إدخال البلبلة من طرف النخبة فقد نصل إلى نتائج لا تحمد عقباها...والمطلوب الآن طمأنة المواطنين والمستثمرين الأجانب والتونسيين".