تعتبر كتابة الدولة للهجرة والتونسيين بالخارج هيكل جديد تمّ إحداثه بعد الثورة في اطارتوجّه سياسي للحكومة وبعد أن كان هناك مطلب لتأسيس وزارة للهجرة لأهمية عدد مواطنين بالخارج الذي يناهز مليون تونسي في المهجر. وتعمل كتابة الدولة للهجرة على تحديد سياسات واضحة للهجرة والدفاع والوقوف إلى جانب المهاجرين كما تعنى بموضوع التنمية. وفي هذا الإطار التقت "الصباح نيوز" حسين الجزيري كاتب الدولة للهجرة والتونسيين بالخارج وأجرت معه الحوار التالي للإلمام بدورها. بداية لو تبيّن لنا ما هي أهمّ الآليات التي اتخذتموها للدفاع عن حقوق التونسيين المهاجرين؟ لم يعد التونسيون في الخارج في قطيعة مع وطنهم فقد أقررنا مصلحة إدارية تعنى بالمظالم وحقوق الإنسان التونسي في الخارج حيث بدأنا منذ أشهر في متابعة كلّ التجاوزات التي يتعرّضون لها في المهجر. كما أنّنا سنغيّر الأفكار القديمة التي تنظّر للتونسي كفرد منعزل عن وطنه الذي لا يجد صدى عند الحاجة. وكيف تعاملتم مع ملف المفقودين في إيطاليا؟ إنّ هذا الملفّّ مشتّت والعمل فيه قبل الثورة كان مستحيلا أمّا بعد الثورة وبتشكيل كتابة الدولة للهجرة فقد قمنا بتشكيل لجنة فنية للهجرة للبحث عن المفقودين وتمّ التنسيق مع مختلف مؤسسات المجتمع المدني وبما أنّ عملنا دبلوماسي قمنا بالتعاون مع الوزارات الإيطالية المعنية بالأمر للبحث في هذا الملف. وللعلم فإنّ عدد التونسيين المفقودين بلغ 400 شخص مع إمكانية ارتفاع هذا العدد هذا وقد وضعت كتابة الدولة للهجرة البصمات على ذمّة إيطاليا وإثر تحصّلنا على الإجابة من الطرف الإيطالي سنتشاور مع العائلات والمجتمع المدني ولابدّ لنا من معرفة الحقيقة كما نصرّ من جانب آخر على وقوفنا إلى جانب عائلات المفقودين. هل قمتم بتحويل ملف المفقودين إلى الانتربول؟ لقد اجتمعت اللجنة الفنية للهجرة وقامت بالتنسيق مع قاض وإدارة الانتربول في وزارة الداخلية ووزارة العدل لإرسال نشرة صفراء للانتربول الدولي. كما فتح وكيل الجمهورية قضية في ملف المفقودين وبالنسبة للحكم على مصير المفقودين فنحن لا نستبعد أيّ احتمال وبالتعاون مع أطراف دولية حكومية وغير حكومية سنكشف عن جميع المفقودين.
وما علاقة كتابة الدولة للهجرة والتونسيين بالخارج بالمنظمة الدولية للهجرة؟
إنّ المنظمة الدولية للهجرة إطار إداري ينسّق بين مختلف دول العالم المشتركة معها لمتابعة ملفّات الهجرة وهي تتعامل مع الحكومات وتساند مجهودها ولكن هذا غير كاف.
ماهو برنامج مؤسستكم بخصوص عودة المهاجرين إلى أرض الوطن؟
سنحاول تغيير موقف التونسي في الخارج ونقنعه بأنّنا في انتظاره وفي خدمته وندعوه للعودة إلى أرض وطنه ومساندتها في هذه اللحظة التاريخية فبلادنا تعوّل على أبنائها. وفي هذا الإطار قمنا بجملة من المبادرات وشكّلنا اللجنة الوطنية للهجرة والتي من مهامها حسن استقبال التونسيين أثناء العطلة الصيفية القادمة وقرّرنا كذلك استضافة ألف تونسي من أطفال وشباب وكهول حرموا من وطنهم لسنوات لقضاء أسبوع على حساب الحكومة هذا بعد أن كانت هذه الأموال تصرف في السابق لأغراض فئوية وحزبية حيث نسعى مع مختلف المصالح لتوفير شروط حسن الاستقبال بالتعاون مع الديوانة ووزارة الداخلية ووزارة النقل ووزارة التجارة... حيث توصّلنا إلى إبرام اتفاقيات جزئية مع الخطوط التونسية والشركة التونسية للملاحة لإجراء تخفيضات تصل إلى حدود 25 % من شأنها أن تشجّع التونسيين على العودة إلى بلدهم. ماهو الفرق بين ديوان التونسيين بالخارج والمرصد الوطني للهجرة؟ يعتبر المرصد مؤسسة خاصة بالدراسات والإحصاء لضبط رؤية استراتيجية وتحديد حتى نتمكّن من تأمين تفاوضنا وقراءاتنا لتطوّر حركة الهجرة بينما الديوان يمثّل مؤسسة عريقة تنفيذية وشبكة إدارية تحتضن المهاجر في الخارج وفي أرض الوطن. ونحن الان بصدد تدعيم هذه المؤسسة وتخليصها من المواقف المسبقة وتحويلها إلى مؤسسة في خدمة الجالية التونسية. وما علاقة الهجرة بالتنمية؟ علاقة الهجرة بالتنمية هي علاقة قديمة جديدة مهمتها مساعدة تونس على أن تجد مزيد من فرص الاستثمار حتّى يجد التونسي عمل في تونس ونحن ندعّم هذا التوجّه حيث يجب أن يكون هناك تعاون ثنائي بين تونس والدول الأجنبية فالقطار الأوروبي يجب أن يمرّ عبر تونس باعتبارنا من أكبر البوابات الافريقية نحو أوروبا فنحن نحتاج إلى الدعم الاستثماري وهو ما يساهم في تقليص الهجرة الغير منظمة وغير الشرعيّة. ماذا عن حيثيات بعث المؤسسة الوطنية للهجرة والتنمية؟ مازالت المقترحات أولية لإعادة هيكلة حركة الهجرة في بلادنا من خلال تطبيق اتفاقيات ثنائية مع عديد الأطراف وفي هذا الاقتراح نقترح مؤسسات حاضنة لسياستنا في الهجرة فتطوير أفكارنا لا بدّ له من تكييف إداري ومؤسساتي لتحقيق مصالحنا وإذا لا نبني مؤسسات واقعية فإنّ الأطراف الدولية المقابلة لها مؤسسات قوية وسنبقى بالنسبة لها مجرّد حرفاء نحوم حولها. وحول الملتقيات الدورية مع الكفاءات التونسية في الخارج ورجال الأعمال فما هي أهمّ المستجدّات؟ عرفت تونس في العشريتين الأخيرتين انتشارا جديدا للكفاءات في أوروبا والخليج ونحن نعتبر ذلك رصيدا وطنيا يجب أن يكون له علاقة دائمة ومستمرّة مع تونس فلا نعتبره بذلك هجرة أدمغة ولكن نريد أن نحوّل هذه الكفاءات إلى رصيد وطني يمكن أن ينفع تونس بنقل التكنولوجيات العالية وأن يستثمر في تونس كما يستثمر في المهجر وفي هذا الإطار سندعم كلّ المجموعات والجمعيات في الخارج وسنقوم بنشاطات فتكون بذلك مناسبة للالتقاء والأخذ والعطاء بين التونسيين بالخارج والمؤسسات داخل الوطن سواء كانت حكومية أو خاصة وسننظّم في هذا الإطار ملتقى دولي يومي 1 و2 جوان حول "الحوكمة".