عبّر أمس الخميس راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة عن أمله في التوصل إلى توافق حول مرشح رئاسة الحكومة الجديدة نهاية الأسبوع الجاري. وقال الغنوشي في حوار أجرته معه صحيفة "واشنطن بوست" أنّ حزبي النهضة والنداء يعتبران من أهم الاحزاب في الساحة السياسية ولذلك فإنّ أيّ توافق بينهما يمكن أن يسهّل التوافق مع بقية الأحزاب. ونفى الغنوشي أن تكون حركته قد فرضت ضمانات بعدم محاسبة قياداتها للخروج من الحكم ، مضيفا : "لم نقم بأي شيء خاطئ حتى نحاسب عليه". كما بين أنّ النهضة ستستقيل من الحكومة ولكن ثمن ذلك سيكون ضمان دستور ديمقراطي للبلاد كفيل بضمان الحقوق والحريات بالإضافة إلى وضع هيئة مستقلة للانتخابات وتحديد موعد لإجرائها. تونس تمر بفترة انتقالية أمّا عن الوضع الذي مرت به البلاد خلال فترة تقلد النهضة للحكم، في ما يهم الشأن الاقتصادي والأمني، قال الغنوشي انه لن يسعى لإبراز مدى نجاح حكومته طوال العامين الماضيين، مشددا على ضرورة التأكيد بأن تونس تمر بفترة انتقالية. وأضاف : "قارن بين الوضع في تونس وبقية البلدان الأخرى التي عرفت وضعا مماثلا - ليبيا وسوريا واليمن ومصر وغيرها من دول الربيع العربي...وستتبين أنّ الوضع في تونس سيكون أفضل بكثير...وتونس هي الشمعة الوحيدة التي لا تزال مشرقة في الربيع العربي رغم كل الرياح التي هبت". وعن اعتبار المرأة مكمل للرجل، أشار الغنوشي إلى تجاوز الخلافات حول الدستور، مبينا أن المرأة مكمل للرجل وكذلك العكس صحيح. كما أكّد أنّ الدستور سيكون جاهزا قريبا وسيكون دستور كل التونسيين، مشيرا إلى معاملات تونس مع دول أوروبية من بينها فرنسا واسبانيا وايطاليا وهو ما أخذ بعين الاعتبار عند صياغة الدستور خلافات داخل النهضة ومن جهة أخرى، تحدّث الغنوشي عن الخلافات داخل حركة النهضة حول التقارب الذي حصل بينها وبين حركة نداء تونس، التي يصنّفها بعض أنصار النهضة وقياداتها ضمن "فلول النظام السابق"، على حدّ تعبيره. وأضاف: "هناك خلافات في الحزب على بعض القرارات والتنازلات في الفترة الأخيرة... ولم أنتخب داخل الحركة بنسبة 99% مثل انتخابات بن علي ...فقط 70% صوّتوا لي في الانتخابات الداخلية الماضية، وربما تقلّ تلك النسبة مستقبلا على اعتبار ما يسميه البعض بالتنازلات...علما وأنه كان علينا أن نقدمها لمصلحة البلاد...ورغم ذلك أعتقد أن أغلبية القيادات لا يزالوا يدعمون الخيارات التي أنجزناها". أنصار الشريعة والقانون وفي ما يتعلق بحادثة الهجوم على السفارة الأمريكيةبتونس، قال الغنوشي "نحن ندين الهجوم على السفارة الأمريكية ونعتبره فشل أمني كبير من جانب الحكومة... وقد أدى هذا الحادث إلى تغيير كامل لسياستنا تجاه السلفيين وأنصار الشريعة... قبل ذلك، كنا في محاولة لإقناعهم بالعمل في إطار القانون...ولكن منذ ذلك الوقت أدركنا أنّ هؤلاء لا يقبلون العمل ضمن حدود القانون...وهذا هو السبب لتضييق الخناق عليها.... وإثر ذلك تم تصنيف أنصار الشريعة من قبل الحكومة منظمة إرهابية على أن تعمل قوات الأمن جاهدة ضدهم أشهرا قبل اغتيال الشهيد محمد البراهمي". ونفى راشد الغنوشي في حديثه ل"واشنطن بوست" وجود معسكرات تدريب جهاديين في تونس، وأبرز وجود شائعات حول تدرب جهاديين في العراق وأخرين في ليبيا نظرا لغياب القانون ومجموعات اخرى في مالي. تونس صدرت الثورة وعبر راشد الغنوشي عن رغبته في تحقيق الديمقراطية في تونس وفي بقية بلدان الربيع العربي، مؤكدا عدم امكانية عودة الديكتاتورية في هذه البلدان. وقال إن بلاده صدّرت الثورة لمصر، كما اعترف الغنوشى بارتكاب محمد مرسي الرئيس المعزول أخطاء ولكنها لا تبرر الانقلاب العسكري، واستغرب صمت الدول الغربية تجاه الديكتاتورية التي يتم تشييدها في مصر اليوم وكذلك صمتها تجاه المجازر والقمع . كما بين الغنوشي أنه رغم الأخطاء التي ارتكبها مرسي الا انه لم يسجن صحفيا، أما اليوم فقطاع الاعلام في مصر يتم التحكم فيه من قبل المجلس العسكري ليكون مجرد بوق دعاية لهم. تونس مجتمع متجانس وعودة إلى الشأن الوطني، اعتبر الغنوشي إنه ليس من قبيل المصادفة أن تكون تونس أول بلد اندلعت فيه شرارة الربيع العربي ، وأضاف : "وأعتقد أن تونس ستكون ناجحة في تقديم النموذج الديمقراطي الناجح لأن لدينا مجتمع متجانس، مع وجود أقلية يهودية صغيرة. ...التعليم على نطاق واسع،... ولدينا طبقة وسطى كبيرة تدعم الديمقراطية... ولدينا أيضا حزب إسلامي معتدل، والذي كان واحدا من أبطال فكرة التوافق بين الإسلام والديمقراطية...فقد كان بإمكاننا كتابة الدستور بمفردنا...لكننا لم نفعل هذا لأننا أردنا أن يكتب الدستور ليس من قبل الإسلاميين فقط ولكن من قبل الجميع...وبعد الانتخابات اخترنا لتشكيل حكومة ائتلافية وليس مع اسلاميين اخرين ولكن مع أحزاب علمانية الأخرى لأننا أردنا توجيه رسالة مفادها أن البلد هو للجميع". الترهيب من النهضة وتطرق الغنوشي في حواره مع "واشنطن بوست"إلى محاولات الترهيب من النهضة من خلال الزعم أن حزب النهضة فرض قواعد اللباس الشرعي.... ولكن إذا كنت تتجول في شوارع تونس فستجد نساء اخترن ارتداء الحجاب وآخرين لا. ..كما حاولت المعارضة أيضا تخويف الغرب من النهضة بالقول أنه إذا يأتي حزب إسلامي إلى السلطة فإنه سيقوم بقطع العلاقات مع الغرب...ولكن اليوم وبعد عامين لدينا علاقة متطورة مع أوروبا والولاياتالمتحدة". تطبيق الشريعة في الدستور وبالنسبة لتطبيق الشريعة في الدستور، بين الغنوشي أنّ تونس ومنذ سنة 1959 دولة مستقلة - الإسلام دينها والعربية لغتها.وقال "هذا يكفي بالنسبة لنا... في ظل نظام ديمقراطي...نحن لا نريد دولة دينية على رأس البرلمان. ...حاول بعض الناس إضافة الشريعة إلى الدستور الجديد ولكن رفضت هذه الدعوات و لذلك يجب علينا ترك هذه الفكرة". الشهيدان البراهمي وبلعيد وحول أسباب عدم إلقاء القبض على الأطراف التي اغتالت الشهيدين البراهمي وبلعيد، أكّد الغنوشي انه تمّ إلقاء القبض على عدد من الاشخاص الذين شاركوا في عملية الاغتيالات من قبل قوات الأمن.... وأضاف : "لقد أجريت هذه الاغتيالات من قبل متخصصين...ولذلك فمن الصعب القبض عليهم.... ففي الولاياتالمتحدة لم يتم الكشف على قاتل كيندي". الغنوشي ورئاسة الحكومة وعن عدم توليه منصب رئاسة الحكومة، اشار راشد الغنوشي ألى أنه فضل أن يترك الفرصة للشباب وزملائه الذين عانوا أكثر منه مثل علي العريض رئيس الحكومة الحالية".