عادة ما تبقى تصريحات رجال الدولة العرب حبيسة النقاشات النخبوية، لكن عام 2013 شهد ظاهرة جديدة تمثلت في تحوّل بعض التصريحات إلى "أمثلة شعبية" يتداولها المواطن العادي في التعليق على سير حياته اليومية. ونشر موقع «سي بي سي» أبرز ستة تصريحات لسياسيين، أثارت الجدل في بعض الدول لدرجة أنّها باتت جزءًا من القاموس الشعبي هناك والذي كان على رأسها حديث الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وسط العديد من الشخصيات الأمريكية والعربية عن قانون مصري وضرب مثلًا بأن القانون الأمريكي يمنع قيادة السيارات تحت تأثير الخمر أو المخدرات. وأضاف مرسى قائلا :"Gas And Alcohol Don't Mix" في إشارة إلى الطاقة التي تستخدمها السيارة والمسكرات التي يتناولها السائق، "تغريدات تسخر من حديث مرسي بالإنجليزية في ألمانيا". وحسب حركة الإخوان المسلمين، فإنّ الجملة هي شعار حملة قديمة للتنبيه من مخاطر القيادة تحت تأثير المسكرات، لكن المذيع الساخر باسم يوسف سخر منها أولًا، مما دفع الناس إلى تداولها، والآن باتت الجملة متداولة حتى خارج مصر للتعليق على بعض المواقف المناسبة التي يتعرض لها الناس في حياتهم اليومية. وفي مصر أيضا، يكرر وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، الذي أعلن إطاحة مرسي، في خطاباته ولقاءاته الصحفية ومع الناس، عبارة "مصر أم الدنيا وحتبقى أد الدنيا" إلى درجة أنّها أصبحت بمثابة شعار لحملة انتخابية يقول معارضوه إنه بدأها مبكرًا، رغم عدم إعلانه ترشحه لمنصب الرئاسة. وتحولت العبارة إلى صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أنّها بدأت تستخدم حتى من قبل معارضيه للسخرية. أما في السودان، فقد قال البشير في مؤتمر صحفي إنه صاحب الفضل في تعريف السودانيين بوجبة "الهوت دوغ"، وترجمها البعض تعمدًا بوجبة "الكلب الساخن." وأضاف "أتحدى لو فيه زول رجل سمع بالهوت دوغ قبل حكومة الإنقاذ"، وكان هذا التحدي كافيًا ليخرج الآلاف من السودانيين إلى الشارع، وظهر فيديو للبشير وهو يتبرأ مما نسب له، وقال إنه لا يعرف أصلًا ما معنى "الهوت دوغ"، لكن هذا لم يشفع له خصوصًا في مواقع التواصل الاجتماعي. أما الرئيس السوري بشار الأسد، فقد نعى الرئيس السابق لجنوب إفريقيا نيلسون مانديلا ووصف حياته بأنها مصدر إلهام للمقاتلين من أجل الحرية ودرس للطغاة. وانضمت الرئاسة السورية من خلال صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك" إلى الأصوات التي أشادت بالزعيم الإفريقي الراحل، ووصفت مانديلا في بيان بأنه "ملهم لقيم المحبة والإخوة الإنسانية، أصبح تاريخه النضالي ملهمًا لكل الشعوب المستضعفة في العالم، وبانتظار أن يتعلّم الظالمون والمعتدون الدرس بأنهم في النهاية هم الخاسرون". وأثار التعليق سخرية الكثير من المتابعين للشأن السوري، وبات البعض يتندر من مديره في العمل، إذا كان مستبدًا، بالتذكير بما قاله الأسد. وقال رئيس الحكومة الجزائرية عبد المالك سلال في اجتماع في مدينة تمنراست "إن عدد الفقاقير في ارتفاع بالصحراء" مما أثار موجة سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي التي اعتبرت أنه أخطأ في جمع كلمة "فقير" واعتبرها "فقاقير" بدلا من "فقراء." وكان سلال قد وضع نفسه تحت مِجهر شباب يترصدون "خرجاته" اللغوية على مواقع التواصل الاجتماعي، لدرجة أن البعض فتح صفحة على "فيسبوك" بعنوان "سلاليات" ترصد كل "زلاته." ورغم أنّ الجميع تنبه لاحقا إلى أنّ سلال لم يكن يقصد الفقراء ولكن حديثه كان عن آلية تقليدية تستعمل في الصحراء لسقي النخيل، ومفردها فقارة، إلا أنّ عبارة "فقاقير" وجدت طريقها إلى الحديث الشعبي في الجزائر وتستخدم كلما صدر خطأ لغوي من أحد المتحدثين. أما في تونس، فقد برز وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام بتصريحاته التي كثيرا ما خلفت الجدل في العام 2012، حتى إن إحداها باتت لازمة شعبية في أحاديث الناس خلال 2013. فبعد غرق قارب كان يحمل مهاجرين إلى إيطاليا، وفي حوار تلفزيوني، أشار فيه إلى جهود الإنقاذ، قال عبد السلام "عثرنا على ثلاث جثث، لكنها للأسف كانت في حالة وفاة." كما تندر نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي بعبد السلام حين صرح بأن اسطنبول هي عاصمة تركيا،د الدنيا" فقالوا إن الرجل "يعيش في العصر العثماني، ولا يريد أن يصدق أن الأتراك غيروا العاصمة إلى أنقرة." وفي مناسبة أخرى، نسب عبدالسلام الآية القرآنية التي تتحدث عن عصا موسى التي يهش بها على غنمه، إلى الجاحظ، ما أثار ضده حملة كبيرة استغربت "ضعف" الثقافة الدينية لديه رغم انتمائه لحركة سياسية مرجعيتها دينية.