نشرت صحيفة "هورايزونس" الأمريكية، مقالاً للكاتب الصحافي كيفن موس، تناول فيه أسباب الإخفاق المريع للسياسة الخارجية للرئيس أوباما في سوريا، مقارناً إيّاها بالسياسة الخارجية ذاتها التي حققت نتائج مثمرة في ليبيا. وقال الكاتب إن "قوات تحالف كبيرة أطاحت الرئيس القذافي في غضون ثمانية أشهر مع حدّ أدنى من الالتزام الأمريكي. صوتت الأممالمتحدة لصالح قرار يقضي بفرض منطقة حظر جوي في ليبيا في مارس 2011، وقصفت القوات الفرنسية مخابئ المعدات المعروفة للنظام، وحاصرت البحرية الملكية البريطانية الموانئ الليبية، وقدمت قطر والإمارات العربية المتحدة مساعدات لوجستية للجهود العسكرية. لقد اندفع المجتمع الدولي للعمل ربما بسبب الإمكانيات الاقتصادية لدولة ليبيا". كانت المهمة البسيطة، والقصيرة، على حد وصف الكاتب، في ليبيا هي إطاحة القذافي. كان جميع الليبيين تقريباً يثورون ضد النظام. انقسمت البلاد إلى عشائر وميليشيات مسلحة ذات ولاءات مختلفة، ومع ذلك ظل العدو واحداً. كان من السهل فهم القتال الدائر في ليبيا مقارنةً بسوريا. كان نظام القذافي يحارب من تلقاء نفسه. ورأى الكاتب أن المهمة في سوريا لم تكن تبدو بهذه البساطة أبداً، حيث أن السوريين أكثر انقساماً حول ما إذا كان النظام العلماني الأسدي يجب أن يبقى في السلطة، فالعلويون السوريون والسكان المسيحيون يرغبون في بقاء الأسد في السلطة، ولا يريدون عنه بديلاً. وعلى النقيض من ليبيا، لا تحارب سوريا من تلقاء نفسها، حيث أن الجهات الفاعلة من الخارج التي تدعم النظام أو تريد تقويضه تحول المعركة إلى رقعة شطرنج دولية متعددة اللاعبين. تبدو موسكو حازمة في الحفاظ على نظام الأسد، وتمده بالمعونات غير الفتاكة؛ بمعنى أكثر تحديداً وقود للطائرات وغذاء ومعدات للجنود ومستشارين عسكريين استراتيجيين. كما تدعم طهران، من خلال حزب الله، النظام السوري بطرق مختلفة. في حين تموّل السعودية المتمردين مالياً ولوجستياً، بينما يعمل رجال الدين المتطرفين على إشعال نغمة الطائفية. ودربت الولاياتالمتحدة المتمردين السوريين في عام 2012. ولفت الكاتب إلى أن إدارة أوباما تعاملت مع الأزمة السورية بتردد واضح. فعندما عرقلت موسكو وبكين عقوبات الأممالمتحدة المفروضة على سوريا، قالت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إنهما على "الجانب الخاطئ من التاريخ"، وأشارت إلى وجود "خط أحمر" يضعه الرئيس الأمريكي على أفعال الأسد. لكن موقف الإدارة الأمريكي كان يعتمد على الأقوال لا الأفعال، ولم يهدد الأسد مباشرة وفعلت الإدارة الأمريكية القليل لتأكيد مصداقية بياناتها. وأوضح الكاتب "سيكون انتحاراً سياسياً للرئيس أوباما في حال دفع بقواته من جانب واحد إلى سوريا بعد إثارته لحملة مناهضة للحرب ضدها. لقد عارض البرلمان البريطاني بصورة ساحقة التدخل في سوريا، بينما صرح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وهو حليف غير بعيد للولايات المتحدة، بوضع روسيا على رأس جدول أعماله، ولكن يريد أن يعطي الدبلوماسية فرصة أولاً أيضاً". باستثناء السناتور جون ماكين (الجمهوري عن ولاية أريزونا) وحفنة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، لم يدعم الكونغرس تدخل الولاياتالمتحدة في سوريا. وبغض النظر عن السياسة الداخلية، فإن غالبية الرأي العام الأمريكي يبدو معارضاً للتدخل. كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب في سبتمبر 2013 أن 36٪ فقط من الأمريكيين يؤيدون شن هجوم أمريكي على سوريا. وأكد الكاتب أنه من الأهمية بمكان بالنسبة للمصداقية الأمريكية أن لا تعمل واشنطن على تخريب حكومات البلدان الأخرى، كما فعلت في الماضي. فدائماً ما تعاني من آثار سلبية لتلك الأفعال. ومع ذلك، يؤدي وجود زعيم ديكتاتوري قمعي قاتل على رأس السلطة إلى تقويض القيم الأمريكية، الأمر الذي يسبب الحرج لإدارة أوباما. ورأى الكاتب أن إدارة بوش لطخت سمعة السياسة الخارجية الأمريكية "رمزيّاً" بغزو العراق. وفي إطار جهوده الرامية لإصلاح وصمة العار هذه، محت إدارة أوباما الوصمة تماماً. وهذا العلاج أقبح - إن لم يكن أسوأ- من الوصمة الأصلية نفسها. وقارن الكاتب، على حد تعبيره، بين العمل المستمر والتقاعس المستمر، قائلاً: "لا توجد أي سيطرة للأمم المتحدة في سوريا. وهناك تحالف متردد، ورأي عام معقد، وعودة إلى اللعبة القديمة لمناطق النفوذ. وتتقاتل الجماعات المنقسمة من أجل السيطرة على المدن والإمدادات وطرق الإمداد. ويوجد على أرض الصراع خليط من النظام السوري وحزب الله والجيش السوري الحر وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة والدولة الإسلامية في العراق والشام ومزيد من الجماعات الإقليمية - وكل جماعة لها نصيبها من الذنب في الفظائع التي ترتكبها". (وكالات)