بلغت الاعتداءات التي تعرض لها الإطار الطبي وشبه الطبي، وكذلك المؤسسات الصحية، خلال سنة 2011، 272 حالة. ويقول المهنيون أن هذه الظاهرة تفاقمت منذ اندلاع ثورة 14 جانفي. وآخر هذه الاعتداءات تم تسجيلها في المستشفى الجهوي الحبيب بوقطفة في بنزرت أين تعرض طبيب مختص في جراحة العظام إلى الضرب المبرح من قبل أشخاص يرافقون احد المرضى، وهو ما استوجب نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج. وقد انتظمت، على اثر هذا الاعتداء إضرابات واعتصامات للمطالبة بتامين الحماية اللازمة للمؤسسات الصحية. وأفاد فوزي الشرفي كاتب عام اتحاد الأطباء المختصين في الممارسة الحرة في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء أنه "احتراما لأخلاقيات المهنة الطبية، فإن الطبيب لا يستطيع رد الفعل في صورة التعرض إلى اعتداء". ويقترح هذا الطبيب وضع قيود على دخول مرافقي المرضى إلى قاعات الانتظار وأقسام الاستعجالي، وتعزيز الحضور الأمني بالمؤسسات الاستشفائية، خصوصا خلال حصص الدوام الليلي، وذلك من خلال تركيز مراكز أمنية قارة وتكثيف الدوريات الأمنية، مؤكدا أن هذه المطالب يدعو لها كل المهنيين. ويقول الدكتور الشرفي أن الأطباء وان عبروا عن تفهمهم للانفلات الأمنية المسجلة عقب الثورة، والتي شملت المستشفيات والإدارات والأماكن العامة، إلا انهم يعتبرون انه من غير المقبول اليوم ان تتواصل مثل هذه الأعمال بعد أن استرجعت مؤسسات البلاد نسقها العادي. وأدان اتحاد الأطباء المختصين في الممارسة الحرة، في بيان صادر عنه أعمال العنف التي استهدفت مجموع الإطار الطبي العامل سواء في القطاع العمومي أو الخاص. ويدعو البيان المرضى وعائلاتهم الى التحلي بالهدوء والصبر وضبط النفس. كما يدعو السلط إلى الإسراع باتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان حماية الأطباء وتوفير أفضل ظروف العمل لهم. وجاء في البيان ايضا ان الأطباء شاركوا وساندوا، دون تحفظ، ثورة الحرية، واظهروا دوما شعورهم العالي بالمسؤولية، وتجلى ذلك من خلال مواصلة إسداء العلاجات الطبية في كامل جهات البلاد ، حتى خلال الفترات الأكثر اضطرابا وفي ظروف أمنية هشة. ويرى محمد مفتاح مكلف بمهمة بديوان وزير الصحة أن هذه الظاهرة ليست وليدة اليوم، مشيرا إلى انه حسابيا لا يوجد فارق واضح في عدد الاعتداءات المرتكبة قبل وبعد الثورة، وان الفرق الوحيد هو أن الحديث عن هذا الموضوع أصبح متاحا. ولمعالجة هذه الظاهرة، أفاد هذا المسؤول انه تم إحداث لجنة أمنية قارة تضم وزارات الدفاع والداخلية والصحة وهي تعقد اجتماعات أسبوعية للتداول حول هذه المسالة. كما شهدت المؤسسات الصحية ومحيطها تعزيزات أمنية لردع المواطنين الذين تتغذى عدوانيتهم من الأحكام المسبقة التي يحملونها عن المستشفيات وعن الإطار الطبي وشبه الطبي العامل بها. وافاد محمد مفتاح انه تم تركيز كاميرات مراقبة في عدد من الأقسام، في انتظار تعميم هذه التجربة التي لم تلاق، بحسب قوله، قبولا حسنا من الطرف النقابي في عدد من المستشفيات. وتعتزم الوزارة ايضا وضع منبهات الكترونية في معاصم الأطفال بالأقسام الخاصة بطب الأطفال لإحباط عمليات الاختطاف التي قد يتعرضون اليها . واعتبر هذا المسؤول ان موجة الحرية التي عمت البلاد بعد الثورة جعلت المواطنين أكثر تطلبا على مستوى سرعة وجودة الخدمات مع تجاهلهم للامكانات المحدودة التي تتوفر عليها المستشفيات. ومع إقرار هذا المسؤول بغياب الاطباء المختصين في المناطق الداخلية، إلا انه أكد أن الوزارة، وفي اطار الميزانية التكميلية بعنوان سنة 2012 ، فتحت منذ فترة مناظرة لانتداب 308 طبيب مختص داخل البلاد. وقال "مع الاسف، لم نتلق الى حد هذه الساعة الا 120 ترشحا فحسب". كما تحدث عن نية الوزارة في أحداث 4 آلاف موطن شغل بين إطار شبه طبي وعمال. وشدد هذا المسؤول، من جهة أخرى، على ضرورة خلق توازن أفضل بين مختلف الخطوط العلاجية وتعصير البنية التحتية الاستشفائية. (وات)