مشروع تهييئة المدخل الجنوبي للعاصمة ستنتهي اشغاله في اواخر شهر ديسمبر 2025    تونس تتلقى دعوة للمشاركة في قمة "استثمر في باوتشي" خلال شهر جويلية 2025    قضية التآمر 2: 21 متهما..هذه قائمة الموقوفين والمحلين بحالة فرار..    رسمي: ''الويفي'' مجّاني في هذه المطارات التونسية    تونس: أسعار ''علّوش'' العيد بين 800 و مليون و200 دينار    عاجل/ عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية..    مصر وقطر في بيان مشترك: "جهودنا في وساطة غزة مستمرة ومنسقة"..    هدف فراتيسي يحسم تأهل إنتر لنهائي رابطة الأبطال بفوز مثير على برشلونة    بطولة الكويت : طه ياسين الخنيسي هداف مع نادي الكويت امام العربي    باريس سان جيرمان وأرسنال..موعد المباراة والقنوات الناقلة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    يهم أولياء تلاميذ المدارس الابتدائية: تعرفوا على روزنامة الامتحانات المتبقية    قفصة: أفاعي سامة تهدد التونسيين في الصيف    يقطع الكهرباء ويجدول الديون.. القبض على شخص ينتحل صفة عون ستاغ..    سامي المقدم: معرض تونس للكتاب 39... متاهة تنظيمية حقيقية    نفوق الأبقار: فلاحو بنزرت يستغثون    تعليق الرحلات بمطار صنعاء عقب هجوم إسرائيلي    الإصابة تنهي موسم المهاجم الدولي إلياس سعد    المهدية: تحيّل باسم ''الستاغ'' وسلب أموال المواطنين    وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش    رسالة من البابا فرنسيس في مقابلة لم تنشر في حياته    باكستان تتهم الهند بشن هجوم على محطة الطاقة الكهرومائية    مصطفى عبد الكبير: لا زيادات جمركية على الواردات التونسية نحو ليبيا والحركة التجارية طبيعية    الصين: روبوت يخرج عن السيطرة و'يهاجم' مبرمجيه!    واشنطن تعلن تهريب خمسة معارضين فنزويليين من داخل كاراكاس    الترفيع في نسق نقل الفسفاط عبر السكك الحديدية بداية من جوان 2025    كوريا الشمالية.. الزعيم يرفع إنتاج الذخائر لمستوى قياسي ويعلن الجاهزية القصوى    المهدية: اختتام مهرجان الوثائقي الجوّال في نسخته الرابعة: الفيلم المصري «راقودة» يفوز بالجائزة الأولى    في تعاون ثقافي قطري تونسي ... ماسح الأحذية» في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما    تنصيب الأعضاء بمباركة الوزارة...تعاونية الرياضيين مكسب كبير    ر م ع ديوان الحبوب: جاهزون للموسم الفلاحي    أخبار فلاحية.. أهم الاستعدادات لعيد الإضحى وتأمين أضاحي سليمة    أقر اجراءات استثنائية.. مجلس وزاري مضيق حول تحسين جودة قطاع النقل    البرلمان يصادق على قرض من البنك الإفريقي للتنمية قيمته 270 مليون دينار    كاس العالم للاندية 2025: مباراة فاصلة بين لوس انجلس ونادي امريكا لتعويض ليون المكسيكي    ديناميكية التحويلات: مساهمة حيوية للمغتربين في دعم الاقتصاد التونسي    زغوان: امتلاء سدود وبحيرات الجهة بنسبة تتجاوز 43 بالمائة    افتتاح مقر جديد بتونس للشركة السويسرية "روش فارما" بتونس وليبيا    مجموعة شعرية جديدة للشاعرة التونسية وداد الحبيب    قبل أن تحج: تعرف على أخطر المحرمات التي قد تُفسد مناسك حجك بالكامل!    ثورة في عالم الموضة: أول حقيبة يد مصنوعة من ''جلد ديناصور''    تظاهرة ثقافية في باجة احتفالا بشهر التراث    اختتام الدورة العاشرة لمهرجان "سيكا جاز"    قابس: وفاة شخصين وإصابة 8 آخرين في حادث مرور    دليلك الكامل لمناسك الحج خطوة بخطوة: من الإحرام إلى طواف الوداع    انطلاق محاكمة المتهمين في قضية "التآمر على أمن الدولة 2"    هام/ تطوّرات الوضع الجوي خلال الأيام القادمة..    منزل بوزلفة: الاحتفاظ بتلميذ من أجل إضرام النار بمؤسسة تربوية    بعد نقصها وارتفاع أسعارها: بشرى سارة بخصوص مادة البطاطا..    الدورة الثامنة لتظاهرة 'الايام الرومانية بالجم - تيتدروس' يومي 10 و11 ماي بمدينة الجم    حملات أمنية على مروّجي المخدرات وحجز كميات متفاوتة من مخدّري القنب الهندي والكوكايين    كل ما تريد معرفته عن حفلة ''Met Gala 2025''    المنتخب التونسي في ثلاث مواجهات ودية استعداداً لتصفيات مونديال 2026    خبراء يحذّرون و يدقون ناقوس الخطر: ''فلاتر التجميل'' أدوات قاتلة    سعيد: تونس تحملت الكثير من الأعباء ولا مجال ان تكون معبرا أو مقرّا للمهاجرين غير النّظاميّين    بطولة روما للتنس :انس جابر تستهل مشوارها بملاقاة التشيكية كفيتوفا والرومانية بيغو    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كمال مرجان يعلن ترشحه للرئاسة ويؤكد: حلّ التجمع لم يكن قانونيا.. ولن يطرأ تغيير بعد الانتخابات فالنهضة ستحصل على مراتب متقدمة
نشر في الصباح نيوز يوم 18 - 06 - 2014

قال كمال مرجان، رئيس حزب المبادرة ووزير الخارجية الأسبق، إن ما حصل في تونس كان بمثابة زلزال كبير ضرب دون سابق إنذار، وإن معظم الطبقة السياسية التونسية لم تكن تتوقع حصول ثورة تقلب النظام بأكمله.
وأقر في حوار أجرته معه صحيفة «الشرق الأوسط» في أنه كان يساند فكرة إجراء تغيير في أسلوب الحكم وتوجهات الحكام من الداخل قبل حصول الثورة، وليس التخلص من النظام السياسي برمته.
وأشار إلى أن المخلوع ظل يمارس عمله الرئاسي حتى حدود الساعات الأخيرة من 14 جانفي 2011، وهو اليوم الذي شهد انتفاضة الشعب التونسي، وأن ما حصل طيلة ذلك اليوم والأيام التي تلته كان غير قابل للتفسير.
كما اعترف بمساندة الدول الغربية لفكرة التغيير على مستوى الأنظمة العربية، وقدم معطيات حول آخر يوم في حياة النظام التونسي الأسبق.
وفيما يلي نص الحواركما ورد بالرشق الاوشط:
* يختلف التونسيون في تصنيف ما حدث في البلاد، إذ يعده البعض ثورة غير مسبوقة، بينما يرى آخرون أن الأمر مجرد انتفاضة اجتماعية. كيف تقيمون ما حدث خلال 14 جانفي 2011؟
- الحقيقة أنني لم أكن أتوقع حدوث ثورة بهذا الحجم في تونس، وكنت أساند فكرة إجراء بعض التغيير في أسلوب الحكم وتوجهات الحكام، لأن الواقع الاجتماعي والاقتصادي كان مختلفا تماما عما هو عليه في ليبيا أو سوريا أو مصر. وكنت على قناعة بصعوبة مواصلة الحكم بنفس الشكل، خاصة على مستوى العدالة وحقوق الإنسان.
* هل نفهم من كلامك أن الأوضاع الاجتماعية للتونسيين كانت جيدة؟
- لن ننكر وجود مجهود كبير بذلته حكومات ما قبل الثورة، ولكن الوقت لم يحن بعد لإجراء تقييم موضوعي ومجرد، بعيدا عن لغة العواطف والأحاسيس السلبية، بل بطريقة علمية وموضوعية.
فتونس كانت لها مزايا كثيرة في مجال البنية التحتية، من طرقات ومسالك، إلى جانب التعليم والصحة والعناية بالطبقة الفقيرة.
* إذا كنت مقتنعا بضرورة التغيير السياسي من داخل المنظومة نفسها، فما الذي منعك من ذلك وقد كانت لديك مكانة خاصة لدى بن علي؟
من الصعب تقديم اقتراحات سياسية في عهد بن علي، فالتركيبة الأمنية والعسكرية للرئيس السابق كانت تفرض الانضباط بالسير العام للجلسة عند مقابلته بشأن العمل الحكومي، إذ لم يكن يسمح بتناول مواضيع أخرى غير مخصصة خلال الجلسة.
أما خارج أوقات العمل الرسمي فلم أكن أقابله، وربما كانت هناك إمكانية المقابلة مرة أو مرتين على امتداد أكثر من خمس سنوات ونصف السنة من العمل بين وزارتي الدفاع والخارجية.
* راج خلال السنوات الأخيرة من حكم بن علي بأنك قد تكون خليفته في الحكم؟
- هذا الطرح كان موجودا بالفعل، وكانت لدي أسبقية على مستوى رجال السياسة. فقد خبرت كثيرا العمل السياسي وعرفت في الخارج من خلال العمل الإنساني. ولا أنكر أن علاقات طيبة كانت ولا تزال تربطني بمسؤولي الإدارة الأميركية. وكان هناك، على ما يبدو، اطمئنان حول شخصي، بحكم معرفتهم بي أكثر من باقي السياسيين التونسيين.
ولكن ما أريد أن أؤكد عليه هو أنني لم أسع إلى الاتصال بأي جهة سياسية أو أي بلد من البلدان
وأنا في حقيقة الأمر أعتز بتفكير أطراف أخرى في شخصي لإنقاذ تونس.
* ولكنك زرت الولايات المتحدة خلال الأيام الأخيرة. ألا يمكن اعتبار هذه الزيارة إحياء لعلاقات قديمة؟
- الزيارة التي قمت بها لا دخل للولايات المتحدة فيها، فقد توجهت إلى مقر منظمة الأمم المتحدة ولم أزر أي مكان آخر. والزيارة جاءت في نطاق هيئة الأمن الإنساني في الأمم المتحدة التي أعد من أعضاء هيئتها الاستشارية.
*نعود إلى النظام التونسي السابق، هل لك أن تعطينا فكرة عن طبيعة معاملة بن علي لأعضاء الحكومة؟
- كان يحب الانضباط، ولم تكن الجلسات المخصصة لملفات العمل الحكومي تتجاوز حدود نصف ساعة، وكانت توضع على طاولته مجموعة كبيرة من المواعيد السياسية، ولم يكن يسمح بالتطرق إلى مواضيع خارج اختصاص الوزارة. أما بالنسبة لي فقد كانت علاقتي ببن علي طيبة ويسودها الاحترام المتبادل، لكن لم يكن يشجعني على تناول أي موضوع سياسي خلال المواعيد المذكورة.
* من خلال عملك في وزارة الخارجية لمدة عام تقريبا، هل لمست بالفعل بحث أطراف غربية فاعلة آلية إحداث تغيير سياسي في تونس؟
- لا أنكر أن العالم الغربي كان يبحث بطريقة ما عن تغيير داخل الأنظمة العربية، ولكن ما حدث في تونس، باعتبارها مهد أولى ثورات الربيع العربي، كان مفاجئا. وأنا شخصيا لم أستوعبه بالكامل حتى الآن.
* هل هذا موقف شخصي أم أن نظام حكم بن علي كان يتفاعل بنفس الطريقة ويدق ناقوس الخطر بسبب ما وصل إليه الوضع السياسي في البلاد؟
- لم يكن بن علي ينتظر ثورة مثل تلك التي حصلت في البلاد، والدليل على ذلك أنه قضى عطلة نهاية السنة بإحدى الدول العربية. ولكنني أعتقد أنه أحس بالخطر في الأيام الأخيرة قبل سقوط النظام، ولم يكن أبدا يتوقع حصول ثورة بداية 2011، ولعله تعامل مع ما حصل بنفس أسلوب أحداث الحوض المنجمي التي وقعت سنة 2008، وهدأت بعد تدخل الجيش التونسي.
* هل كانت لديك اتصالات خاصة بالرئيس بن علي خلال 14 جانفي؟
- بالفعل، فقد كنت على علاقة به طوال ذلك اليوم، حيث طلبني في الصباح ولامني على تصريح أدليت به لإحدى الإذاعات الفرنسية حول قبوله بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وقال لي إنه يدعم فكرة حكومة ائتلافية، بمعنى أن تكون كل التيارات السياسية ممثلة في الحكومة، وهي الملاحظة الوحيدة التي قدمها لي. وفي حدود الساعة الحادية عشرة من نفس اليوم طلبني للاستفسار حول موضوع اطلع عليه في إحدى المجلات، وكان الانطباع السائد أنه يسير دواليب الدولة بصورة عادية على الرغم من خروج الآلاف للاحتجاج في شارع الحبيب بورقيبة. وفي حدود الساعة الثانية والنصف بعد الزوال طلبته، وأعلمته أن الأمور تسير بشكل غير عادي، وأن الأمن انسحب من محيط وزارة الخارجية التي تعد إحدى وزارات السيادة، فقال لي بالحرف الواحد: «هذا أمر خطير، سأتولى الأمر»، وكانت هذه الجملة آخر عبارة سمعتها منه.
*وعلى مستوى وزارة الخارجية، ماذا لاحظت من أحداث غير عادية؟
- كنت أتابع الأحداث، ولكنني فوجئت في حدود الساعة الواحدة بعد الزوال أن وزارة الخارجية أصبحت من دون حراسة أمنية بأوامر لم نعرف حتى الآن مصدرها. فاتصلت فورا بأربعة أشخاص هم أحمد فريعة، وزير الداخلية، ورضا قريرة، وزير الدفاع، والجنرال رشيد عمار، القائد العسكري بوزارة الدفاع، والجنرال علي السرياطي، المدير العام للأمن الرئاسي، وطلبت منهم توفير الحماية لإحدى وزارات السيادة. وبعد نحو ساعة أرسل الجنرال عمار الذي عمل معي في وزارة الدفاع دبابة وأحاط الوزارة بالأسلاك الشائكة. وطلبت أيضا جلب أفراد عائلتي إلى مقر وزارة الخارجية بعد إعلان حالة الطوارئ، وقضينا ليلة 14 جانفي داخل مبنى الوزارة.
* لا شك أن كل هذه الأحداث تركت لديك مجموعة من التساؤلات؟
- هذا صحيح، فمرة أقول إنها ثورة، ومرة أخرى أرى أن هذا التصنيف لا يصح عليها. وفي كل الأحوال، ما حدث في تونس يعد يوما فاصلا في تاريخها، وهذا يتطلب طريقة تعامل مختلفة وطريقة تفكير مغايرة، وعلينا أن نقرأ الظرف الجديد قراءة تقطع مع الماضي مهما كانت منطلقات الأشخاص السياسية والعقائدية.
وعلينا أن نعترف بأن ما حصل هو شيء كبير وبمثابة «زلزال سياسي». وعلى الرغم من سلبية معنى الزلزال وما يخلفه من دمار، فإننا نتطلع اليوم لإعادة بناء ما هدمه الزلزال، والنظر بعيون مختلفة إلى منظومة التنمية ومنوالها في تونس، وإلى قضايا الحريات والتنمية والتشغيل، والتوجه أكثر نحو التنمية عبر أقاليم بأكملها، ودعم الديمقراطية المحلية وإعطاء الأولوية لشراكة فعلية بين القطاعين العام والخاص. كما أن ما حدث من تطورات سياسية لا يمكن أن ينسينا أولوية المحافظة على وحدة البلاد، والالتفات إلى دور أبناء الجهات في النهوض بمشاريع التنمية.
* هل نفهم من هذا الكلام أنك انطلقت في حملة انتخابية سابقة لأوانها من خلال ما قدمته من معطيات حول منظومة التنمية المنتظرة في تونس؟
- لا أنكر تفكيري في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، فالموضوع مطروح داخل حزب المبادرة الذي أسسته بعد الثورة، ولكن القرار النهائي سأتخذه وفق المصلحة العليا للوطن.
أريد أن أكون نافعا في المكان الذي أحل به، وأنتظر فهما أعمق للخريطة السياسية حتى أتعرف على الأطراف التي سأعمل معها وفي أي ظروف سيكون عملي، بعيدا عن كل الحسابات السياسية.
* هل يعني هذا تقديم مرجان نفسه في المنافسات الرئاسية على أنه مرشح وفاقي لكل الأحزاب؟
- أعتقد أن دور الرئيس التونسي المقبل سيكون توفيقيا بالأساس، بل أبعد من ذلك أنتظر أن يكون أبا لكل التونسيين، وإذا تمكنت من الفوز بالرئاسة فلن أكون في كل الأحوال رئيسا بالمعنى القديم للرئاسة، أي من يقرر وينفذ، لأن القرار سيكون مشتركا وتوافقيا بالأساس. فالوضع السياسي بعد 14 جانفي لن يكون أبدا نفس الوضع قبل هذا التاريخ.
* وما صعوبات منصب الرئيس، حسب رأيكم؟
- هناك صعوبات شخصية تهم فهم الدور المنوط بعهدة الرئيس، ومن ثم التنازل عن بعض الأمور الشخصية حتى يتمكن من تجاوز عقدة الرئاسة بمعناها التقليدي.
وهناك صعوبات موضوعية تهم بالخصوص التجربة وضرورة الاتعاظ من الماضي حتى لا تتكرر التجارب الحاصلة، سواء في تونس أو خارجها.
* هل يعني هذا انتقادا مبطنا للرئيس التونسي الحالي المنصف المرزوقي؟
- أنا لا أنتقد المرزوقي، فهو بدوره جديد على السلطة والحكم.
* لكن رغم ما قدمتموه من تحاليل سياسية ورؤية مستقبلية للعمل السياسي فإنك كنت تنتمي إلى منظومة الحكم القديمة، فكيف يمكنكم اليوم تجاوز هذا العائق؟
- لا أنكر هذا الواقع، ولكنني قلت إن الوضع تغير بعد 14 جانفي، ولن يعود أبدا إلى الوراء.
لذلك تغيرت كذلك العلاقات بين القيادات السياسية التونسية، ولاحظنا هذا من خلال تعاملنا مع مختلف الأحزاب السياسية. فبعد الامتناع عن المصافحة العادية خلال الفترة التي لحقت الثورة بتنا اليوم نجتمع ونتناقش حول مستقبل البلاد لأن الكثير من رجال السياسة فهموا أن العودة إلى الماضي لن تكون في صالح أي طرف سياسي، وما علينا إلا النظر إلى المستقبل.
* هذا لا يخفي تخوف بعض الأطراف السياسية من إمكانية الالتفاف على الثورة وإعادة بناء نفس المنظومة القديمة من خلال عودة أنصار النظام السابق إلى واجهة الأحداث؟
- من الصعب العودة إلى الوراء، وهذا ملاحظ من خلال تصريحات من عادوا إلى واجهة العمل السياسي.
* لكنكم أعلنتم عن تحالفكم مع نداء تونس المتهمة بفتح الأبواب أمام رموز النظام السابق؟
- حزب المبادرة الذي أرأسه لا يختلف مع حركة نداء تونس التي يقودها الباجي قائد السبسي من حيث الأهداف والرؤى. كما أن هذا القرار استراتيجي، واتخذناه بعد نقاش طويل داخل المكتب الوطني لحزب المبادرة.
* وكيف تفسرون التحاقكم بحركة نداء تونس وإحجامكم عن نفس القرار تجاه حزب الحركة الدستورية التي أسسها ويقودها حامد القروي؟
- أعتقد أن حامد القروي لم يحاول بصفة جدية تشكيل جبهة سياسية قوية، بل أسس حزبا سياسيا أضيف إلى بقية الأحزاب السياسية. ولا أنكر أن اتصالات قد حصلت مع حزب القروي، ولكنها لم تتواصل، وقد تحصل مشاورات وننسق فيما بيننا على المستوى السياسي، ولكن لا توجد إمكانية للاندماج ضمن الحركة الدستورية التي يقودها القروي في الوقت الحاضر.
* بعد حسم مسألة الفصل أو التزامن في إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، كيف تنظرون إلى خريطة الأحزاب السياسية في تونس؟ هل تتوقعون تغييرا جذريا على مستوى المشهد السياسي؟
- لن يطرأ تغيير كبير على الخريطة السياسية في البلاد. فحركة النهضة ذات الثقل الاجتماعي ستحصل على مراتب متقدمة وستحتل المرتبة الأولى أو الثانية. ومن المنتظر غربلة الأحزاب السياسية بعد الانتخابات وبقاء من تتمتع بتمثيل حقيقي بين التونسيين.
* تحدثتم بثقة كبيرة عن إمكانية فوز حركة النهضة من جديد في الانتخابات المقبلة، هل توقعتم فوزها في انتخابات 2011؟
- بالفعل توقعت نجاح حركة النهضة وفوزها في انتخابات 2011 لأنني أعتقد أن أنصارها يدركون حجم المعاناة والظروف الصعبة التي مروا بها، ولا بد من الاعتراف بالجميل لقياداتها التاريخيين. ولا بد من الإقرار بأن حركة النهضة متحدة وموحدة ولم تنقطع عن العمل السياسي طوال منعها قبل 14 جانفي، لذلك لم يكن من الصعب عليها الانخراط من جديد في الحياة السياسية وإحياء كل هياكلها التي كانت مخفية. وبالمقارنة مع بقية الأحزاب السياسية، نلاحظ أن حركة النهضة لها امتداد شعبي، وتتوفر على إمكانيات مادية عريضة. ولكن في مقابل توقعي فوز حركة النهضة، فوجئت بضعف الأحزاب السياسية الأخرى، ذلك أن عدة قيادات سياسية ناشطة قبل الثورة كانت تبدي ثقلا سياسيا كبيرا، ولكن الانتخابات أظهرت عيوبها.
* هل لهذه القراءة الموضوعية لحجم حركة النهضة دور ما في دعم نواب حزب المبادرة في المجلس التأسيسي لحكومة علي العريض؟
- لا، أبدا، فقد اتخذنا قرار دعم حكومة العريض من منطلق مبدئي لأننا لا نريد أن نلعب دور المعارضة الهدامة، وأردنا بذلك إظهار نية البناء والتعبير الصادق عن حسن النية والابتعاد عن عقلية الإقصاء، وأن الكثير من أنصار النظام السابق فهموا الدرس جيدا. ولا أوافق من يذهب في اتجاه اتخاذ القرارات على أساس آيديولوجي. فما يحكم علاقاتنا اليوم هي مصلحة تونس.
* هل كنتم موافقين على حل التجمع الدستوري الديمقراط ؟
- شخصيا، عارضت هذا القرار لأنه لم يكن قانونيا، ولأن حل التجمع لن يحل المشكل. ففي اعتقادي أن تبقي على خصم تعرفه وتدرك مختلف خططه أفضل من الدخول في المجهول.
* لكن التونسيين اليوم تتجاذبهم مخاوف من الدولة الدينية ومخاطر عودة التجمع المنحل وبالتالي الديكتاتورية، ما توقعكم لمجمل التطورات الممكنة في هذا الباب؟
- نحن مع الخيار الحداثي المدني، ونحن بالمناسبة ندعو حركة النهضة الإسلامية إلى تطوير نفسها للقبول النهائي بهذه الخيارات المدنية.
* نأتي الآن إلى ما راج بشأن ترشيحك لمنصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا. هل من جديد حول هذا الاقتراح؟
- ذكر اسمي من بين عدة أسماء مرشحة لهذه المهمة الإنسانية الشاقة، واتصلت منظمة الأمم المتحدة بي، ويبدو أن الأمين العام للمنتظم الأممي لديه لائحة في المرشحين المحتملين لهذا المنصب. ولكن لم يتقرر أي شيء بصفة رسمية. وإذا حصل هذا الأمر فهو بالتأكيد سيكون تكريما كبيرا لتونس ولي شخصيا. فأنا ابن الأمم المتحدة وعملت لمدة 27 سنة بدءا من أسفل السلم إلى أعلاه، وقضيت في السابق 15 سنة في مهامي بالكونغو الديمقراطية. لكن لدي نقطة وحيدة لا تزال تشغلني، وأقصد بذلك التوفيق بين مصلحة حزب المبادرة الذي أرأسه، والمصلحة الوطنية وهذه المهمة الإنسانية الشاقة. وفي كل الأحوال لست من طلاب المناصب، ولو عرض علي الأمر رسميا فسأدلي بموقفي.
* ألا ترى أن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية بين تونس والنظام السوري قد يكون من بين العوائق التي تعقد مهمتك الإنسانية في حال تكليفك من قبل الأمم المتحدة؟
- أنا لم أتخذ أي موقف مما يحدث في سوريا، وقد لمت المسؤولين التونسيين الذين اتخذوا ذلك القرار على عجل، لأنه يحرم تونس من لعب دور في مساعدة سوريا والأمم المتحدة لحل المشكلة السياسية هناك. ولكن هذا القرار لن يكون مؤثرا على ترشيحي لهذا المنصب لأنني سأكون ممثلا للأمين العام للأمم المتحدة وليس لتونس كما يتبادر إلى الأذهان. وأعد هذا الترشيح شرفا كبيرا لي، وسوريا بلد شقيق وعزيز علينا، وإذا أمكن لنا تقديم المساعدة له فلن نبخل عليه (الشرق الاوسط)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.