قال الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي إن حزبه يتحفظ على رئاسة الباجي قائد السبسي لتونس خوفا من عودة الاستبداد للبلاد، مشيرا إلى وجود نقاط اتفاق كثيرة بين حزبي النهضة ونداء تونس، وأكد أيضا أن «الجبهة الشعبية» استفادت كثيرا من اقترابها في فترة ما من «نداء تونس»، كما قال إن توقيت بعض العمليات الإرهابية قبل الانتخابات يطرح تساؤلات عديدة. وقال المغزاوي في حوار خاص مع صحيفة «القدس العربي»: «نحن لا نخيّر أن يكون رئيس البلاد من الحزب الفائز (الباجي قائد السبسي)، لأننا نريد أن نحدث نوعا من التوازن وخاصة أن التجربة الديمقراطية تحبو في تونس وبالتالي العودة للوراء ما زالت واردة، وخاصة أن الحزب الفائز بالانتخابات يضم في صفوفه عددا من الشخصيات التي أتت من مدرسة الاستبداد والفساد التي مرت على البلاد خلال ستين سنة، وبالتالي هذه المخاوف (من عودة الاستبداد) لها ما يبررها». وأشار إلى أن حزبه تحدث مع بعض المرشحين «الديمقراطيين» على غرار رئيس الحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي والمرشحين المستقلين الصافي سعيد وكلثوم كنو، مؤكدا أنه سيقرر المرشح الذي سيدعمه في الانتخابات الرئاسية خلال مؤتمر سيعقده آخر الأسبوع. وفازت حركة الشعب بثلاثة مقاعد في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وهي نتيجة تبدو مقبولة بالنسبة للمغزاوي في ظل «التأثيرات الخارجية على الانتخابات سواء بالمال السياسي أو بالتوجيه الإعلامي وتعرض حركة الشعب منذ أشهر لضغوط عدة بهدف إخراجها من المشهد السياسي والإعلامي». ويقول المغزاوي «واجهنا ماكينات حقيقية وشركات مالية ضخمة كانت ترسل الأموال إلى الداخل، والانتخابات لم تجرِ في 26 أكتوبر ، بل كان هناك مسار كامل تم الإعداد له جيدا منذ أكثر من عام بدأ بهرسلة التونسيين وإقناعهم بأنه لا وجود إلا لحزبين هما حركة النهضة ونداء تونس (وهو ما أسميناه لاحقا بالاستقطاب الثنائي) ودفعهم إلى الاختيار بينهما». ويضيف: «ساهمت «النهضة» و «النداء» في تخويف التونسيين (كل منهما يخوّف من الآخر)، وسيكتشف التونسيون بعد الانتخابات أن هذين الحزبين لهما نقاط التقاء عديدة، على عكس ما كانا يروجان له، وهو واضح من خلال المحادثات الجارية بينهما الآن». ويتجنّب المغزاوي وصف ما حدث في الانتخابات ب «التزوير»، لكنه يؤكد وجود تدخل دولي ومحاولة للتأثير على الناخب التونسي، كما يؤكد من جهة أخرى أن توقيت بعض العمليات الإرهابية التي حدثت قبل الانتخابات بوقت قصير «يطرح نقاط استفهام عديدة». وتُعتبر الأحزاب الوسطية من أكثر الخاسرين في الانتخابات التشريعية قياسا بالأحزاب اليسارية والقومية ك «الجبهة الشعبية» و «حركة الشعب» وغيرها، ويبرر المغزاوي هذا الأمر بقوله «الجبهة الشعبية استفادت في فترة ما من اقترابها من نداء تونس عبر «جبهة الإنقاذ»، حيث فُتح لها الإعلام بشكل كبير، وبالنسبة لنا كان يمكن أن تكون نتائجنا أكبر لأننا تقدمنا للتونسيين بهوية سياسية واضحة على عكس بعض الأحزاب الوسطية التي اختلطت على التونسيين هويتها، ونتائج الانتخابات جاءت عكس ما يروجه البعض حول اندثار الأحزاب القومية أو اليسارية أو الإيديولوجية». ويرى أن نتائج الانتخابات لم تعط أي طرف الأغلبية التي تمكنه من التحكم بالعملية السياسية برمتها، مشيرا إلى أن الأحزاب التي حصلت على مقاعد قليلة لا تقل أهمية عن الأحزاب التي حصدت المراكز الأولى «وهي يمكن أن تشكل لاعبا أساسيا في المشهد السياسي عبر ترجيح كفة طرف على آخر». من جهة أخرى، لا يستبعد المغزاوي تشكل كتلة برلمانية مشتركة مع الجبهة الشعبية، مشيرا إلى أن الخلافات معها تُعتبر ثانوية في الوقت الحالي «ولدينا الكثير مما يجمعنا، فنحن لا نرفض التعاون مع الجبهة أو الأحزاب التي تشبهنا أو القريبة منا، لأن البلاد تتطلب كتلة قوية تُحدث توازنا بين قطبي الاستقطاب الثنائي وتمنع عودة الاستبداد إلى تونس وتدفع باتجاه تحقيق أهداف الثورة». ولم تتلق حركة الشعب حتى الآن دعوة من قبل «نداء تونس» للمشاركة في الحكومة المقبلة، ويبرر المغزاوي ذلك بأن «النداء» منشغل حاليا بشكل تام في الانتخابات الرئاسية «وأعتقد أنه يربط المسار الحكومي بمسار الانتخابات الرئاسية، والحوارات التي تجري الآن حول هذا الأمر جانبية وليست رسمية». ويؤكد أن مشاركة حزبه في الحكومة ستكون بناء على البرنامج الذي سيقترحه الحزب المعني بتشكيلها (نداء تونس)، مشيرا إلى أن تونس «تعاني من صعوبات كبيرة على الصعيد الاقتصادي والأمني والاجتماعي، ونحن مطالبون بتقديم برنامج يتضمن نقاطا مستعجلة تبعث رسائل طمأنة للتونسيين من خلال بعض الإجراءات الاقتصادية التي تمس بعض الفئات الشبابية والطبقات الوسطى وبعض المناطق المهمشة. كما يشير إلى أن هوية رئيس الحكومة (حزبي أو مستقل) لا تقارن بأهمية البرنامج الذي سيقدمه، لكنه يؤكد بالمقابل أن المرحلة المقبلة في تونس هي «مرحلة حزبية بامتياز وتتطلب سياسيين على رأس الحكومة التي يجب أن أن يكون لها برنامج واضح يستجيب لطموحات الشعب في تحقيق الاستقرار والأمن والتنمية والتشغيل» (القدس العربي)