كتبت سابقا منتقدا القانون الانتخابي الذي تم اقتراحه من طرف الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي الصادر بموجبة المرسوم المنقح اخيرا بمناسبة صدور مجلة الحكم المحلي وبعدما تم استعماله لانتخاب المجلس التاسيسي ومجلس نواب الشعب ثم البلديات اخيرا وهو يعتمد على نظام القائمات المغلقة والتناصف الأفقي والعمودي والاخذ باكبر البقايا وأضيف له عتبة دنيا للتخفيف على الدولة في باب مساهمتها الرمزية في العملية الانتخابية. قلت قبلها واعدت القول لمرات ان ذلك القانون الانتخابي لا يتناسب مع الواقع التونسي وكان يشتمل على حيل ومطبات استنبطها الخيرون خوفا على تونس من التيه والضياع بصفتهم المقدمين عليها ووكلاء المنظومة الدولية التي كانت تخاف علينا من الاسلام والإسلاميين الذي قد يأخذونا الى أربعة عشر قرن من التخلف والهمجية، وانهم يريدون لتونس ان تعيش في القرن الواحد والعشرين وتتخلى عن قيمها ومراجعها الاسلامية مثلما فعله الكماليون في تركيا بعد إنهاء الخلافة العثمانية. لقد تسللوا لتلك الهيئة المشؤومة التي لا نعرف من شكلها او اختار أصحابها وفعلت بِنَا ما لم يفعله النظام الذي قامت عليه الثورة وبذلك بتنا نعاني من نتائجها الكارثية ومنها المشروع الانتخابي الذي جربناه في التاسيسي وفِي مجلس نواب الشعب واخيرا في الانتخابات البلدية الاخيرة. لقد عممنا بذلك الفتنة والفوضى في كل تراب الجمهورية بتطبيق ذلك القانون المعتمد أساسا على القائمات المغلقة وبذلك شكلنا فسيفساء في كل مدينة وقرية بعدما عممنا النظام البلدي في كامل تراب الجمهورية. قلت ومازلت اقول لمن يريد ان يعتمد للحكم الديمقراطية سبيلا فلا بد له ان يستعمل آلياتها الصحيحة ويقبل بنتائجها مهما كانت وقد تكون في اغلب الحالات الاولى مخيبة للامال وعليه ان يتذكر مقولة رئيس حكومة بريطانيا العظمى الأسبق ونستن تشرشيل بانها اقل الأنظمة سوءا. اما اذا كانت النية سيئة من البداية فان النتائج ستكون معكوسة وجوبا وينتقلب السحر على الساحر وعندها يصبح الجميع من الخاسرين. وبما ان القانون الانتخابي المعتمد في تونس كان سيّء الإعداد والإخراج فقد كانت نتائجه معلومة وظهر اكثر في الانتخابات البلدية الاخيرة التي انتهت بالانقلاب على رئيس الهيئة العليا للانتخابات المستقلة من أعضائها ومازال مصيره معلقا في انتظار قرار مجلس النواب المسؤول عن العملية. قلت مرات وكتبته ونشرته على هذا الموقع بالذات وقبل الانتخابات البلدية وحذرت من الفتنة التي باتت في مجلس نوابنا المحترم جدا والتي انتقلت اليه من المجلس التاسيسي ونبهت الى ان تلك الفوضى ستتحول الى كل مدينة وقرية اذا لم نتعظ ونغير الطريقة الانتخابية ولكن حكومتنا ونوابنا المحترمون لم تكن لهم آذانا تسمع او عيونا تبصر وفعلوا ما رأوه صالحا بأحزابهم المهزوزة وكرروا العملية وهم الان في ورطة يومية تذكر بمناسبة تشكيل المكاتب البلدية وباتت لهم قضية. رأيناها في البلديات الكبرى والصغرى وباتت التجاذبات وتبادل المصالح تظهر ويقال ان المال الفاسد بات يلعب مثلما فعل في انتخابات مجلس النواب والله اعلم وراينا نتائجه الكارثية تؤكد الإشاعة. سوف لا ادخل في التفاصيل لاني لم اطلع على كامل العملية الجارية ولكن وسائل الاعلام باتت تكشف كل يوم عن غريبة كمقاطعة بعض الأحزاب الحاكمة كلما فشلت في التموقع بسبب تفوق القائمات المستقلة عليها ومازات بلدية العاصمة محل ترقب وهي محرار النهاية. اقولها بصراحة وبدون مجاملة لقد فشلنا في الانتقال الديمقراطي وبات البعض من المنظومة القديمة يروج لمن كان سببا في الحالة التي وصلنا اليها وقامت بسببه الثورة وبات البعض يقلل الرحمة على صاحب البرويته وللحديث بقية.