تصاعدت منذ أسابيع حدة التوتر بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة على خلفية ما يعتبره الاتحاد فشلا في الأداء الحكومي وقد تسبب هذا التوتر في تعثر اتفاق قرطاج 2 الذي توقف عند النقطة 64 منه المتعلقة بمصير رئيس الحكومة يوسف الشاهد ومصير حكومته حيث يطالب الاتحاد وأحزاب في حكومة الوحدة الوطنية وخارجها برحيل الشاهد في حين لم يبق من الحزام السياسي للشاهد إلا حركة النهضة التي ترى أنه لا داعي في الوقت الحاضر من تغيير الحكومة وأن الوضع يحتاج إلى مزيد من الاستقرار تضمنه هذه الحكومة إلى حين انجاز انتخابات سنة 2019 وبالتالي فإن النهضة تتمسك بالشاهد وحكومته لاعتبارات واقعية وقد زادت هذه الأزمة السياسية من تأزم الاوضاع الاجتماعية خاصة بعد أن توقفت لغة الحوار بين الجميع ومعها توقف الحل والمخرج لهذه الأزمة. وفي خضم انسداد الأفق و تصاعد التصريحات من جانب بعض القيادات في الاتحاد التي لوحت بالدخول في سلسلة من التحركات الاحتجاجية للضغط على الشاهد وحكومته وإرغامهما على الرحيل وتقديم الاستقالة ، يفاجئ الرأي العام بحصول اتفاق هام بين الاتحاد العام التونسي للشعل والحكومة وهو اتفاق ضم 15 نقطة مهمة من أهمها تفعيل اتفاق تسوية وضعية الدفعتين الرابعة والخامسة من المنتفعين بالآلية 16 وتسوية وضعية المنتفعين بالآلية 20 والاتفاق على تذليل الصعوبات التي كانت تحول دون تسوية ملف عمال الحضائر كما تم الاتفاق على تسوية وضعية ملف المفروزين أمنيا ضمن قائمة نهائية انتهت في 313 شخصا والبقية يقع إحالتهم على وزارة الشؤون الاجتماعية لدراسة وضعيتهم حالة بحالة و تفعيل الأمر المتعلق بإعادة توظيف أعوان الوظيفة العمومية في أقرب الآجال وفق مقاييس تضبطها لجنة خاصة ومواصلة دعم المواد الأساسية والمحافظة على أسعارها إلى حين البت في توجيه الدعم لمستحقيه في اتفاق يبرم بين الحكومة والاتحاد والعودة إلى المفاوضات الاجتماعية يوم 10 جويلية وتحديد آجال التفاوض للاتفاق حول الزيادة في الأجور و الاتفاق على الترفيع في الأجر الأدني وتحديد القيمة المالية للزيادة أما بالنسبة لموضوع التفويت في المؤسسات العمومية المطلب الذي نجده ضمن الاصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي فقد تم الاتفاق على تمكين الاتحاد من الدراسات التي أعدت لتقديم تصور وملامح لإصلاحها وتشكيل لجنة ثنائية في أواخر شهر جويلية الحالي للنظر في تسوية وضعية كل مؤسسة حالة بحالة. كانت هذه تقريبا أهم النقاط الهامة التي تضمنها الاتفاق الأخير الذي أمضته الحكومة مع اتحاد الشغل والذي وصفه الطبوبي بأنه اتفاق متوازن ومرضي ينهي تقريبا كل خلاف بين الطرفين وهو اتفاق اعتبر أنه قد أزال الجليد بين الطرفين وأنهى الخلاف القائم وخاصة في مسائل شكلت محور النزاع ونقصد بذلك ملف الدعم وملف الزيادة في الأجور والتفويت في المؤسسات العمومية. فقبول الاتحاد بضرورة تسوية وضعية المؤسسات العمومية التي تعاني من صعوبات مالية وقبوله التفويت في جزء من القطاع العام الذي يمثل عبئا على الدولة ويثقل كاهل ميزانيتها وقبوله بتسوية وضعيتها حالة بحالة يعد تطورا في موقف الاتحاد وتراجعا عن موقفه الأول حينما اعتبر أن التفويت في المؤسسات العمومية يعد خطا أحمر . وفي المقابل فإن قبول الحكومة بمواصلة العمل بمنظومة الدعم والدخول في مفاوضات اجتماعية جديدة لإقرار الزيادة في الأجور لتعديل الزيادة في الأسعار وتعديل التراجع في المقدرة الشرائية يعد هو الآخر تنازلا من الحكومة وقبولا منها بمبدأ الحوار وإيجاد حل لهذه الملفات. ما يمكن قوله بعد هذه التطورات الأخيرة في علاقة الاتحاد بالحكومة وبعد إزالة الخلاف حول كبرى الملفات التي شكلت عائقا أمام التوصل إلى حلول توافقية من شأنها أن تنهي الأزمة السياسية والاجتماعية هل مازال من داعي للمطالبة بحل الحكومة ؟ ما يمكن قوله اليوم هو أن كل النقاط الخلافية والتي تم الاتفاق بشأنها بين الحكومة والاتحاد قد فرضت طرح السؤال التالي هل ما زال الإتحاد متمسكا برحيل الشاهد وحكومته ؟ أم أن الأزمة بين الطرفين لها خلفيات أخرى وأسباب لها علاقة بشخص الشاهد وعزمه فتح ملفات لا يقبل الاتحاد بفتحها وتضر بمصالح أحزاب سياسية ؟