كنت دائم التردد في تناول ما يجري في اليمن من دمار و خراب و موت و لكن بعد 3 سنوات من الاستنزاف و بعد ما يزيد عن 10 آلاف قتيل و آلاف أخرى من الجوعى و مثلها من المشردين و مثلها أيضا من المهجرين قسرا و غيرها من لوحات المأساة الملهاة التي تدور بأرض اليمن، أجد نفسي اليوم في أشدّ الحاجة إلى أن أقطع هذا الصمت الرهيب لأقول إلى كل الأطراف اللاعبة على ميدان اليمن من السعودية إلى النظام اليمني بمختلف تشكيلاته، إلى ايران، إلى حزب الله، إلى بريطانيا و إلى فرنسا و الولاياتالمتحدةالأمريكية اتقوا اللّه في أطفال اليمن و شعب اليمن الذي لا ناقة له و لا جمل في حرب تصفيات الحسابات على أرضهم. كلّكم ضالعون في القتل، و كلّكم ضالعون حتى النخاع في الجريمة في حق شعب أعزل، و في حق الطفولة، أ فلا يكفيكم أنهار الدّماء التي تسيل يوميا ؟ أ لا يكفيكم حوالي 50 طفلا ذهبوا ضحية قصف منذ يومين؟ إلى أين تريدون الوصول؟ هل إلى إبادة كل الشعب اليمني؟ و هل تكونوا وقتها حققتم أهدافكم؟ و لسائل أن يسأل، ما هي هذه الأهداف ؟ و لماذا تحمّلون أطفال اليمن لدفع فاتورة العداء الدائر بينكم؟ اذهبوا بعيدا عن أطفال اليمن و تقاتلوا؟ لماذا هذا الصلف و لماذا هذا التعنت و لماذا هذه الحرب أصلا؟ كلامي موجه أولا للاعبين الأساسيين على ميدان اليمن وهما السعودية و ايران و ما لفّ لفهما من هذا الفريق أو الفريق الأخر، لأقول لهما أنتما رأس الحربة في كلّ هذا الدمار و هذا الموت، فلماذا أرض اليمن بالذات لتصفية حساباتكم؟ لماذا أطفال اليمن يموتون بدلا عن أطفالكم؟ هل لأنّهم فقراء؟ هل لأنّهم الطرف الأضعف؟ هل لأنّهم لا يملكون شيئا حتّى الطعام اليومي و الدواء أو الماء ؟ لماذا تعبثوا بمستقبل أجيال قادمة بهذا البلد الفقير؟ هل لأنّكم أغنياء؟ و ماذا ستجنون في النهاية؟ لا شيء سوى أن تعودوا ببلاد اليمن إلى العصور الحجرية و الجهل و الفقر و الفساد و انتشار الأمراض و ربما الاتجار بالبشر و سوق النخاسة؟؟ هل هذه انجازاتكم؟ ان كانت هذه فهنيئا لكم بذلك و لكن تأكدوا و أنّه على الباغي تدور الدوائر؟ كلامي أيضا موجه إلى أمريكا و بريطانيا و فرنسا، لأقول لها هل فعلا دولكم دول تعمل علىنشر السلام و حقوق الانسان و الديمقراطية؟ كفاكم كذبا و ضحكا على ذقوننا؟ فأنتم هدفكم الأسمى من هذه الحرب الدائرة باليمن هو انتعاشة تجارة بيع الأسلحة لديكم.؟نعم هي فرصة للغنيمة و فرصة للابتزاز و فرصة لانتعاش تجارة الأسلحة على حساب أبناء اليمن و شعب اليمن و مستقبل اليمن. رجاء كفاكم ضحكا على ذقوننا بتشدقكم بالإسطوانة المشروخة لحقوق الانسان و غيرها من الشعارات الرنانة ؟ فقد افتضح أمركم و انتهت اللعبة القذرة و توزيع الأدوار بينكم..؟ و لكن الله يمهل و لا يهمل؟ كلامي موجه إلى المجتمع الأممي، لماذا اليوم صوته غير مسموع و غير واضح؟ فهل يكفي التعبير عن القلق أو اتخاذ قرار بفتح تحقيق شفاف كما أتى على لسان الأمين العام للمنتظم الأممي؟ كفاية لسياسة الكيل بالمكيالين؟ فلو حدث مثل ما يجري بأطفال اليمن و شعب اليمن بأحد الدول الغربية أو الأوروبية فهل سيكون التعبير عن القلق كما يحدث اليوم لما يجري في اليمن؟ شخصيا لا اعتقد و الأدلّة عبر التاريخ لا تحصى و لا تعد عن سياسة المكيالين الذي ينتهجها هذا المنتظم و الذي يسيره من يدفع له أكثر؟ كلامي كذلك موجه إلى المنظمات الحقوقية و الانسانية لماذا خرست ألسن هذه المنظمات فلو مات كلب غرقا في بئر لأقامت هذه المنظمات الدنيا و لم تقعدها؟ أينك يا منظمات الدفاع عن حقوق الانسان؟ أينك يا منظمات ذات التوجه الانساني؟ فماذا تنظري حتّى تصدحي بصوتك كما تفعلين عندما ترمي المقاومة الفلسطينية بصاروخ لا يضرّ أيا كان من معشر الصهايينة؟ننتظر منك على الأقل استنكارالما يحدث باليمن من مظالم و اعتداء على براءة الطفولة ؟ و هذا أضعف الايمان أم تنتظري إشارة من الممولين و ليسوا في الحقيقة إلا حاميها حراميها؟؟ كلامي أيضا موجه للمنظمات الاسلامية و العربية؟ أين المنظمة الاسلامية؟ أين جامعة الدول العربية ؟ و أين..؟ و أين..؟ لماذا هذا الصمت المدقع؟ هل من يموت في اليمن و من يجوع في اليمن و من يمرض باليمن و من يهجّر باليمن ليسوا عربا و مسلمين..؟ بالله عليكم أرشدونا إلى أين تشير بوصلتكم حتى نعي أفكاركم و توجهاتك و برامجكم و ميادين تدخلاتكم و..و..فلماذا كلّ هذا الصمت؟؟؟ هكذا هو العالم اليوم، تماما كالبحر حيتان تصارع حيتانا أو كالغابة البقاء فيها للأقوى و لا مكان للضعيف؟.و السؤال إلى أين نحن ذاهبون بصلفنا و عدم تبصرنا و كبريائنا و عيوبنا؟. فقط نقول لكل هؤلاء الذين يصمتون اليوم عن كلّ ما يجري في اليمن من مآسي انسانية و لكلّ من يصبون الزيت على النيران باليمن و لكلّ من يصفّون حساباتهم الحمقى على حساب أن يصلى أبناء اليمن على صفيح ساخن، لكلّ هؤلاء نقول ستحاسبون أمام اللّه في كل ما ارتكبتم من آثام في حق اليمنيين في اطار هذه الكوليرا السياسية و الأخلاقية التي أصابت كلّ هذه الأطراف...