تفاجأت الدكتورة الجامعية زينب الدراجي بما كتبته ونشرته في هذا الموقع بتاريخ 22 أوت الجاري تعريفا بكتاب أصدرته مؤسسة التميمي أخيرا تعلق بحوارات عدة اهتمت بفترة تاريخية حرجة مرت منها تونس في زمن الكفاح وما تلاه من الخلاف اليوسفي البورقيبي ومحاولة الانقلاب الفاشلة على الحكم البورقيبي واحداث القيروان التي كان محورها الشيخ عبد الرحمان خليف عليه رحمة الله. لقد كتبت على هذا الموقع بالذات قائلة: (فاجأني الطاهر بوسمة مرة أخرى بمدحية مطولة لعبد الجليل التميمي الذي فتح مركزه لكل من هب ودب بينما كثيرا ما تغافل عن الجامعة التونسية التي أنا استاذة درست فيها بكل شرف واعتزاز...ولم يسلط الاضواء على ما قامت به من ادوار تنويرية وبحثية ومعرفية منذ تأسيسها الى اليوم ..) وانا أقول بكل احترام وتقدير للدكتورة الجامعية بان ما تفضلت به علي سرني كثيرا وازددت به اقتناعا بأن البعض من النخبة الجامعية عندنا باتت تهتم بما أكتبه وامثالي من حين لآخر في الصحافة المكتوبة أو بالواقع الافتراضية لمواضيع باتت تحيير التونسيين. انه تحول محمود لبعض الجامعيين الذين بقوا متقوقعين بين أسوار الكليات والمعاهد العليا وكأنه لا علاقة لهم بما يجري حولهم من الأحداث وكان واجبهم يفرض عليهم التواجد المستمر في الساحة الوطنية لإبداء رأيهم العلمي فيما ينفع الناس ويقينا من الانحرافات المكلفة التي كثيرا ما وقعنا فيها. اما تعجب الدكتورة من تعمدي كيل المديح لزميلها الدكتور التميمي الذي أصدرت بخصوصه احكاما لم ترضها او تعهدها فيه واتهمته باستغلال مؤسسته لأغراض شخصية ودعوة من هب ودب للحديث فيها واقصاء الكفاءات التي تراها هي. اعترف لها بصراحة بأني غير متفق معها فيما ذهبت اليه لأني ممن تتبعت مسيرة الدكتور التميمي شخصيا ومنذ أكثر من خمسين سنة مضت وفِي زمن تقلدي لمسؤوليات جهوية عليا في الدولة لنحو عشرين سنة سواء لما كنت وال على الكاف أو قفصة أو القيروان أو حتى نائبا في مجلس الامة او محام لنحو أربعين سنة تقريبا وازددت قربا منه لما انتقل بمؤسسته من زغوان الى تونس العاصمة وبت من المواظبين على حضور الندوات التي تعددت واصبحت أسبوعية بالإضافة للملتقيات المختصة التي تنظم إقليميا أو دوليا والتي يعتنى فيها بالمواضيع المهمة كمستقبل العلاقات المغاربية او ما بقي من علاقتنا بالإمبراطورية العثمانية او بالتذكير بالمظالم التي سلطت على المورس كيين المطرودين من اسبانيا. كانت تلك الندوات كلها فكرية وعلمية شاركت فيها قامات تونسية وعربية واجنبية وخرجت بدراسات قيمة مفيدة لكنها بقيت محفوظة في ادراج المؤسسة بدون ان يتجاوب معها اغلب الجامعيين خلافا لما كان مفروضا عليهم علميا. سيدتي الفاضلة وصفت المشاركين في تلك الندوات التي انتظمت بالمؤسسة بمن هب ودب، وأنا آسف لذلك لأنَّك نسيت أن فيهم من الرجال النساء من تفتخر بهم تونس وما زالت، كان أكثرهم من امثالك من الجامعيين والسياسيين المرموقين ولا يليق بك وصفهم بتلك الاوصاف المشينة. انهم من أفضل من خدم البلاد لسنين وسأذكر لك منهم البعض واعتذر للبقية. فعلى سبيل الذكر منهم السادة محمد مزالي، محمد المصمودي، محمد الصياح، الشاذلي العياري، مصطفى الزعنزني، محمد كريم، عَبَد العزيز بوراوي، رشيد صفر، الهادي البكوش، نور الدين بن خذر، فؤاد المبزع، الباجي قائد السبسي، منصف المرزوقي، راشد الغنوشي، حمادي الجبالي، البشير بن سلامة، الصادق بن جمعة، عَبَد الحميد بن مصطفى، والسيدة فتحيه مزالي والقائمة تطول الى العشرات الآخرين ممن تعذر علي ذكر أسمائهم في هذه الورقة القصيرة. سيدتي الفاضلة هل في علمك بانني من القلال المشتركين في المجلة التاريخية المغاربية منذ نشأتها في بداية سنة 1974 الى اليوم الذي بلغ سنها 45 سنة بأصدر عدديها الأخيرين لشهر جوان 2018 تحت رقم 171 في اكثر من 800صفحة بالعربية والفرنسية والإنجليزية وحتى الاسبانية في بعض الاحيان، إنها ما زالت تصدر الى اليوم واحتفظ في مكتبتي بأعدادها كاملة مع كشوفات في المواضيع المنشورة فيها، إنها لم تتخلف عن الصدور ابدا وضربت الرقم القياسي بالنسبة للنشريات التونسية، مع الإشارة بانني ملتزم بدفع اشتراكي فيها مثل غيري لأن صاحبها لا يهديها لاحد مجانا مثلما يفعله مع المنشورات الاخرى بما في ذلك الكتاب الذي علقت عليه سبب هذا الحوار بيننا المفيد جدا! ماذا تريدني سيدتي الكريمة أن اقول في هذا الرجل الذي تتبعت نشاطه واستفدت من ذلك كثيرا، فهل من الأخلاق ان أتجاهله او أروج الاكاذيب عنه. لقد شدني ذلك الكتاب واثار في فضولا، لكنه ادخل فيك شكا في نواياي بما خصصته من حيّز في تعليقي عن صاحب المؤسسة وبما رايته فيه وكنت أتمنى عليك ان تقتني مثلي ذلك الكتاب وتفتح الرموز التي بقيت معلقة فيه وخاصة فيما قاله المرحوم مختار بن سعيد الحامي عن اليد الحمراء وقد عاجلته المنية قبل ان ينشر كتابه الذي وعدنا بان يكشف فيه المزيد عن ذلك التنظيم السري الذي تسبب في قتل خير الرجال فينا ومنهم فرحات حشاد واولاد حفوز والهادي شاكر رحمة الله عليهم جميعا. أما كان عليك وانت الاستاذة الجامعية المختصة ان تسعى معي لفك الطلاسم التي ادلى بها المدعو أحمد التليسي الذي اختفى بعد إدلائه بتلك الاسرار المهمة عن تصفية المقاومين لبعضهم ولم يستجب بتاتا لدعوة المؤسسة لإكمال ما وعدنا به خوفا او تراجعا فيما قاله وتم تسجيله عليه صوتا وصورة قبل ان ينشر في ذلك الكتاب الذي بات مرجعنا الوحيد. وقبل ان انهي حديثي لك سيدتي الكريمة اصرحك باني اصبحت في خشية حقيقة على مصير تلك المؤسسة التي تقوم على كاهل صاحبها وما هو مصيرها بعد عمر يطول او يقصر لمن لمتني عليه. اما كان علينا ان نفكر في ذلك الامر ونسعى جميعا لأحداث مؤسسات ثقافية وبحثية تدوم الى أبد الابدين وحتى تصبح مخلفاتها مكسبا للحماصين. كتبت عن مرات واقترحت اعادة النظر في الأوقاف وتخصيص ريعها للبحث العلمي والصحة ورعاية المسنين ولكن ذلك لم يثر اهتماما من أحد فينا وخاصة الطبقة المثقفة التي باتت تنسب ذلك للإسلاميين بينما هم الان أكثر المستفيدين من عطايا المؤسسات الأوربية مثل مؤسسة كرناد ادناور الالمانية. انه النفاق بعينه الذي بتنا نعيش فيه. وختاما اعتذر لك سيدتي على الاطالة التي وجدت نفسي مضطرا اليها.