سرى بين عديد الأطراف السياسية هلع تحوٌل إلى ما يشبه الوسواس القهري بسبب عرض الحكومة على مجلس النواب مشروع قانون يرفٌع العتبة الانتخابية إلى 5%بعد ان كانت 3%.ومعلوم انٌ العتبة الانتخابية حيلة قانونيٌة لا تخلو من خبث والتفاف على الشرعيٌة الانتخابيٌة، تمكٌن بعض الاحزاب والكائنات السياسيٌة “المجهريٌة”، من فرصة التدارك ونيل المقاعد بالقانون بعد ان تعذٌر ذلك بالوسيلة الشرعيٌة الوحيدة وهي الانتخابات.لكن لنتكلٌم بكلٌ صراحة لماذا تبدي بعض الأحزاب كلٌ هذا الهلع والخوف من عتبة 5%؟؟ اليست الانتخابات عمليٌة فرز ديمقراطي وشرعيٌ تكتسب من خلالها الاطياف السياسيٌة المتنافسة اهليٌة الحكم بتفويض مباشر من الشٌعب صاحب السلطة الفعلية؟؟؟إذن ليكن الفوز لمَنْ تمكٌن من نيل الثقة كائنا مَنْ كان..وليتولٌ الحكمَ المركزيٌَ أو المحلٌي ، الحزبُ الحائزٌ على اكثر الأصوات بكلٌ جدارة بعيدا عن الحيل والألاعيب القانونيٌة التي مكٌنت بعض الظواهر الصوتيٌة من نيل مقاعد في المجلس النيابي أو في المجالس البلديٌة .تلك هي قوانين الديمقراطية بعيدا عن الحيل القانونيٌة .فهل يعقل ان يوجد في المجلس حزب فاز نوٌابه بأكبر البواقي أي بهديٌة قانونيٌة لا بشرعيٌة انتخابيٌة ؟؟؟ ولماذا يتقدٌم حزب إلى الانتخابات إذا كان غير قادر على ترشيح نواب في كلٌ الدوائر ؟؟؟ وإذا كانت الحكومة تعرض تعديلا للعتبة الانتخابية رأى فيها البعض حرمانا للاحزاب الصغيرة ولبعض المستقلين من فرصة المشاركة في الحكم المركزي أو المحلٌي، فمن باب أولى وأحرى إلغاء العتبة الانتخابيٌة، وتمكين الحزب الحائز على اعلى نسبة من الأصوات من اغلبية مريحة تؤهٌله للحكم ولتنفيذ برامجه على غرار ما يقع في أعتى”الديمقراطيات.فعندما فاز “ترامب” او “ماكرون” او “ميركل” لم ينتبهوا إلى دموع منافسيهم ،ولم يعمدوا إلى سياسة التٌرضية بل مرٌوا إلى السٌرعة القصوى لممارسة الحكم معوٌلين على حزبهم وعلى بعض التحالفات التي لا تفقدهم القدرة على تنفيذ برامجهم الانتخابيٌة …لقد عشنا في تونس سياسة توزيع السلطة على القبائل السياسية بمنطق “خذ وهات”وما افرزه من جدال عقيم،وتحلٌل لمركزيٌة القرار .،وغياب لجهة معلومة تتحمٌل مسؤوليته ..وهذا طبيعي في مرحلة الانتقال الديمقراطي التي يجب ان يساهم من خلالها الجميع في وضع أسس النظام السياسي الجديد بعد سنوات من الحكم الفردي..لكن بمرور الأيام تحوٌل تشتيت السٌلطة إلى عائق جعل الحزب الفائز يبحث وجوبا عن تحالفات ميكيافيليٌة كي يضمن تشكيل الحكومة.وأبان الوضع عن سلطة لا تحكم ،لا يكاد يتبيٌن فيها المتابع الحزب الحاكم من المعارض.. بل وصل الأمر إلى حدٌ امسى فيه مًنْ في السلطة معارضا والمعارض متحكٌما. آن اوان الحسم بعد سنوات عجاف لم يساير فيها نموٌ الاقتصاد وخلق الثروة، التحوٌل الديمقراطي في تونس إذ ظلٌ النموٌ بطيئا مقارنة بالقفزة في مجال التنظيم السياسي. إن الممارسة السياسيٌة لا تؤدٌي وظيفتها ولا يتحقٌق لها النجاح إذا خاضها السياسيٌ بمنطق الجمعيٌة الخيريٌة او المنظمة الاجتماعيٌة حيث يشترك الجميع في اتٌخاذ القرار.ذلك انٌ الهدف الطبيعي و المشروع لكلٌ حزب، هو الوصول إلى السلطة فإذا ما بلغها بالانتخاب المباشر عبر تفويض من الشعب، عليه ان يتولٌاها وفق ما يمليه الدستور وان يتحمٌل وزر قيادة البلاد نجاحا او إخفاقا…وما على الأحزاب التي حكمت عليها إرادة الشعب بأن تكون في المعارضة،إلا ان تعمل على كشف مظاهر الوهن في ممارسة الفائز للسلطة بنيٌة استغلال فرصة فشله في استحقاق انتخابي قادم. تلك هي أحكام العمل السياسي وعلى هذا النحو وجب أن تسير الأمور في النظم الديمقراطية .وما الحديث عن “تغوٌل” الحزب الفائز في الانتخابات إذا ما وزٌع المناصب على انصاره إلا حجٌة واهية يتٌخذها الضٌعفاء لتبرير فشلهم في إقناع النٌاخب . ففي تونس فقط يُراد للحزب الفائز أن يتنحٌى ليوزٌع الحكم على فقراء الأصوات تكريسا لبدعة ديمقراطية “التسوٌل ” بالعتبة الانتخابية او بالابتزاز تحت مسمٌيات “ضرورة التوافق”و”مساهمة الجميع في الحكم” إنٌ الديمقراطيٌ الوفيٌ لمبادئه،هو الذي إذا دخل لعبة الانتخابات قبل بنتائجها ،وتصرٌف وفق أحكامها بتحمٌل مسؤولية الحكم إذا ما فاز أو خوض غمار المعارضة بشرف إذا فشل في إقناع الناخبين