اريد اولا ان استسمح صديقي صالح الحاجة في استعارة عنوان ركنه (تخربيشة) في عنوان تعليقي على ما قاله وصرح به سي نورالدين بن تيشة وذلك لسبب لا يخفى على سي صالح ولا على امثاله من ذوي الفكر وحسن الذوق والفهم الثاقب الراجح وبعد هذا الاستسماح وهذا التقديم فاني اريد ان اقول لسي بن تيشة الذي صرح فقال لا حافظ ولا عبو ولا الشاهد ولا الغنوشي قادرون على خلافة سي الباجي قائد السبسي لانهم عنده غير مؤهلين لهذا المنصب وهذا المقام. ولما كنت اكبر سنا من سي نورالدين فانني اعلمه او اذكره انني قد سمعت هذا الكلام منذ قديم السنين في الحديث عمن هو قادر على بلوغ منصب وكرسي رئاسة وقيادة التونسيين فلقد سمعنا وعلمنا ان كثيرا من التونسيين الصغار والكبار قد قالوا وتساءلوا منذ زمان وتحديدا في عهد الاستعمار : هل ان بورقيبة قادر على ملء منصب الأمين باي الذي ورث الحكم عن ابائه وجدوده الأولين ذات ليل او ذات نهار؟ وها ان التاريخ يشهد ان بورقيبة قد سفههم وكذبهم واجابهم بعد وصوله الى منصب رئاسة هذه البلاد وبعد ان اظهر قدرته وحنكته في حكم التونسيين لمدة ثلاثة عقود كاملة من السنين كما رأينا وسمعنا ان التونسيين قد قالوا وتساءلوا في عهد بورقيبة الطويل وهل في التونسيين من هو قادر على خلافة بورقيبة الزعيم في حكم التونسيين؟ ففاجاهم بن علي بانقلاب غير متوقع وغير مرتقب ووصل منصب بورقيبة من غير نصب ومن غير تعب وازاحه من الرئاسة وحكم التونسيين ما يزيد عن العقدين من السنين واراهم واذاقهم من سياسته كل غريب وكل عجب كما ان التونسيين قالوا وتساءلوا في زمن بن علي وهل هناك شخصية سياسية قادرة على خلافته في رئاسة البلاد التونسية؟ فلم نلبث غير قليل حتى سقط وانزاح حكم بن علي بثورة شعبية فجائية جاءتنا برؤساء اخرين لم يكونوا في الخاطر ولا في البال ولا في النية فهل كان التونسيون يتصورون ان فؤاد المبزع سيصل يوما الى منصب رئيس الجمهورية وقد كان في وقت من الأوقات منعزلا في بيته ونسيا منسيا؟ وهل كان التونسيون يتصورون او يحلمون بان المنصف المرزوقي سيصل يوما الى قصر قرطاج ويبلغ منصب الجمهورية ويكون حاكم التونسيين في يوم من الايام؟ وهل كان التونسيون يتصورون ان سي الباجي قائد السبسي الذي ترك في يوم من الايام الحياة السياسية وتفرغ لادارة شؤونه الشخصيه سيصل في يوم من الأيام الى منصب الرئاسة ويرى منه التونسيون ما راوه من الفطنة والذكاء والدهاء وقوة الذاكرة وعجيب الفراسة ؟ انني اريد ان اقول لسي نورالدين بالمختصر المفيد و باللسان العربي المبين ليس هناك مانع عقلي وليس هناك شيء من المستحيلات ان نرى يوما شخصا من الذين ذكرهم او لم يذكرهم وعدهم او لم يعدهم واعتبرهم غير قادرين على حكم التونسيين والتونسيات قد بلغ منصب الرئاسة وقيادة التونسيين فهذا المنصب حسب معلومتنا التاريخية المتواضعة وحسب ما فهمناه ورايناه في قاموس الحياة غير خاضع لمنطق معقول ومفهوم واضح ذي دلالة وذي مدلول وانما هو خاضع فقط لمشيئة وارادة الله العلي القدير الذي قال لاهل الفكر والفهم والتدبيرفي كتابه الخالد المعجز المنير(قل اللهم مالك الملك توتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير) ولا شك ان سي الباجي نفسه يعرف ويحفظ ويفهم هذا الكلام وغيره من ايات كتاب الله العظيم الكريم وانه قد خبر وجرب ما شاء له الله من ظروف وصروف وتقلبات شؤون الحياة بعد ان عاش فيها ما شاء الله من السنين وتعلم منها الحقائق والثوابت وميز بينها وبين التفاهات والسخافات والأوهام واضغاث الاحلام وهل بعد هذا البيان بيان وهل بعد هذا الفهم فهم وهل بعد هذا الكلام كلام؟