حين نقلتُ ونشرت قائمة لمن قد يتمّ لهم تعويض نضالاتهم، بصفحتي، راجعني بعض الأصدقاء ممن أجلّهم حقّ قدرهم لفكرهم الحرّ ونضالهم المستميت وسداد الرأي لديهم، مكذّبا/ لعلّه، أن تكون القائمة المنشورة صحيحة وقد لامني وها إني أنشر كلامه كما صدر: متأكد من مصادرك دكتور؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ومتأكد من صدقها ونزاهتها وأنت العالم العروبيّ الحصيف الذي نحترم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وهل مثل هذا النشر لوجه الله والحقّ والوطن ؟؟؟؟؟؟؟؟ لا حول ولا قوة إلا بالله ... إذا أمثالك ومن هم في مقامك ينطلي عليهم هذا الإفك الصُراح ... فماذا نقول عن عوام الناس ودهمائها؟؟؟ على الدنيا السلام. ها إني يا صديقي أنشر كلامك كما جاء... لم أحذف منه فاصلة ولا حرفا. وبعد؟ هل لك أن تسمع رأي مواطن بسيط ولن أكون العالم العروبي الحصيف، اللهم ابقني في ضيق مكنتي، واجعلني ممن يتواضعون لدرجة أن يتتطأطأوا حتى يظن بهم وهن...؟ وإن لم تبلغك حقيقة ما أقول وأكتب وحصافته، فلك أن تدلّني على حقيقة لم أتفطّن إليها.. لقد أضعنا مليارات من الدنانير في لجنة الحقيقة والكرامة كما لو كانت الكرامة بحاجة إلى لجنة يتقاضى أعوانها أجرة بالملايين من الدنانير... وكم كنت تمنيت لو كانوا تطوّعوا لهذا الوطن الجريح كما أعدّوا أنفسهم من بين الجرحى. لو كانوا قاموا بذلك تطوّعا لصدّقناهم.. وهاهم يقتنون السيارات الفخمة ويتطاولون على قصر الرئاسة ويهتكون قرار إنهاء أعمالهم... ويحاولن تغيير التاريخ. فهل من حقيقة أو كرامة في كلّ هذا؟ وهل يمكن أن نصدّق ما آلت إليه أعمالهم إن آلت لشيء معقول بعد اختراق اللجنة لأمر إنهاء أعمالها؟ وقد أضعنا معنى النضال في كلّ هذا... فهل رأيت يا صديقي نضالا يباع ويشترى كما يباع العبيد في سوق النخاسين. بالكلغرام وبالمدة المنقضية في الدفاع عن شيء ما؟ وهلا أضاع الشعب فرصة المصالحة مع ماضيه؟ فما قد نتج عن هذه اللجنة كان تمزيقا لصفحات من تاريخنا الموثق بوضوح في مجلدات التاريخ الكوني بعد الوطني. فأصبح بورقيبة الزعيم، مشكوكا في أمره ولعلّه تقلّب من ضيم في قبره. وها إن رياح فتنة تهبّ والحال أننا كنا ننتظر صلحا ومصالحة بين أبناء الشعب الواحد. وحلّت القائمة ولعلّ ما أزعجك، صديقي المحترم هو وجود أسماء أصدقاء لنا من اليسار والذين رفضوا في زمن ما أن يقال عنهم بأنهم باعوا نضالاتهم بالكيلغرام في سوق النضالات... وإن كان الخبر يحمل خطأ فلماذا لا يستنكرون أمر وجود أسمائهم في هذه القوائم المزيفة إن خملت أي تزييف؟؟ أبقى بانتظار تكذيب صارخ وصريح... كثرة الأحزاب والجمعيات: الأمر الآخر هو أن أحزابا بعينها كانت مقصودة بهذه القائمات. وبما أن لنا ما يناهز المائتين وخمس عشرة حزبا فلماذا لا تتحرك هذه الأحزاب لتطالب بنصيبها في هذه التعويضات..؟ لأنّه يوجد من بين هذه الأحزاب والجمعيات من سبق وأن تحصّل على تأشيرة قبل الرابع عشر من جانفي 2011 وهناك أحزاب وجمعيات أخرى لم تتحصل على تأشيرة أو ترخيص... يبدو لي في هذه الحالة أن الأحزاب والجمعيات التي لم تتحصل على تأشيرة هي أولى بالتعويض إن قبلنا بمبدإ التعويض ولست إلا بمقاطع قطعي لهذا الأمر... فالرفض كان مصدره برنامج حزبي أو جمعياتي يخلّ بالأمن العام.. وهي إذن أكثر معارضة لنظام بن علي.. وبالتالي فهي أولى بشهادة تقدير وأحقّ بأكبر نسبة تعويض. من هنا يبدو لي في نفس الوقت أن كثرة الأحزاب والجمعيات تمثل حالة مرضية.. هو أكبر سرطان بنقيلاته ينخر الجسد الوطني. فبمجرد الاطلاع على البرامج، تجد أن لا فرق بين هذا البرنامج والآخر إلاّ فيما ندر، أو لعلك تعثر أن تغيّرت جملة من موضع لآخر. وعن الأحزاب الوسطية دستورية أو غيرها فحدث ولا حرج... لا فرق في نظري عند قراءتها إلاّ عند الاطلاع على اسم المؤسس صاحب الفخامة، والرأي السديد، والنضال المرسوم بالدم تحت المشانق بالساحات العامة... هراء ليس مثله هراء. والحال أن في اتحادها قوة، وفي تشرذمها عين الفشل... والأيام بيننا. إن كتب لهذه الأحزاب أن ترى النور وتجد لها مكانا. من هو أولى بالتعويض؟ يبقى حسب رأيي أن الأولى بالتعويض، كلّ التعويض، هو الشعب التونسي. هو الوحيد الذي علينا تعويضه لما أصابه ممن كان حول بن علي يمتصّ دماء الشعب. هو الوحيد الذي، بصبره وجلده وتضحياته كان الضحية الحقيقية وكان أولى بأن تقال هذه الحقيقة وأن يؤتى من الكرامة ما لم ينله. فيكفي لبعض السياسيين أن اعتلوا عرش السياسة وعيّنوا أنفسهم بهذه الصفات والنعوت، وخرّبوا البلاد أيّما تخريب وأودعوها هبة إلى صندوق النقد الدولي ثم وفي نفس الوقت تطاولوا على صندوق النقد هذا ونقدوا يدا امتدت لتتسوّل من نفس الصندوق بل ومن دول مارقة لا تملك قبسا من ديمقراطية ثار لها وضحى الشعب التونسي من أجلها بالغالي والنفيس... هذا الشعب هو الذي ناضل... هو من طالب بالديمقراطية...هو وليس غيره من هؤلاء الذين هرولوا إلى الحقيقة والكرامة...!! هذا الشعب، يا صديقي، هو الأحقّ بأن ينال كلّ دعم من الداخل والخارج لما أصيب به من أعطاب وأضرار وظلم وقهر وتعنيف قبل الثورة وخاصة بعد الثورة المزعومة!! الشعب هو الأولى بكل التعويضات من أيّ فرد من المتحزبين ومن يسمون أنفسهم سياسيين من يمين ويسار... وسوف أعتذر لك، يا صديقي، ولكلّ من نشرتُ اسمه بعد نقل هذا الخبر، إن اتضح أنني أسأت له في شيء..