ها قد حل بين التونسيين المسلمين والمسيحيين عيد بابا نوال وها قد حلت بنا مناسبة الريفيون وعادة السهر الى اخر الليل بل الى الصباح وها قد راينا التونسيين المسلمين قبل المسيحيين يتسابقون ويسارعون ويتدافعون وينقضون على المرطبات الافرنجية المعروفة بالمرطبات اوبالقاتوات وينفقون فيها عشرات ومئات الدينارات ويخططون لقضاء اغلى وامتع انواع السهرات في البيوت او خارجها حسب الظروف وحسب القدرات وحسب الامكانات ولكننا لم نسمع اصواتا تنصح وتنادي المستهلكين بمقاطعة هذه الحلويات وهذه المرطبات الافرنجية والاقتصاد في مقدار مصاريف هذه الاحتفال وهذه السهرات للتخفيض من تكاليفها النارية وطلباتها الجنونية الهستيرية بينما سمعنا وما بالعهد من قدم ان اصواتا ودعوات كثيرة وعلى راسها صوت ودعوة منظمة الدفاع عن المستهلك قد نادت ونصحت حتى بح صوتها وشاح ريقها بمقاطعة عصيدة الزقوقوالتي يقبل عليها التونسيون المسلمون كل عام بمناسبة المولد النبوي الشريف باعتبار ان الزقوقو باهض ومرتفع الثمن وحتى يجبر التجار على التخفيض في سعره والحط من شانه ولما كانت المسالة مسالة اسعار واثمان فاننا نسال و نقول متعجبين من هذا الوضع وهذا الحال اليس ثمن اصغر خبزة من القاتو تساوي او تفوق في سعرها سعر الكيلو الواحد من الزقوقو؟ مع التذكير بان عصيدة الزقزقو قد يدوم استهلاكها اسبوع او اكثر بينما خبزة القاتو لا يدوم استهلاكها غير يومين او ثلاثة ايام في احسن الاحوال ثم يتغير حالها الى اسوا الاحوال فلماذا هذا الكيل بالمكيالين بين النظرالى الانفاق في المناسبتين ؟ففي الحين الذي ترتفع وتعلو فيه الاصوات والدعوات كل عام الى الاعراض عن عصيدة الزقوقو لارتفاع سعرها فاننا لا نسمع اصواتا مثلها تدعو الى مقاطعة قاتوات راس العام الاداري مهما كان ارتفاع سعرها ومهما كانت غرابة شانها وامرها؟ ومما يزيد الأمر غرابة في هذا المقام ان المثقفين او بالأحرى ادعياء االثقافة او ما يسميهم العامة بجماعة طز حكمة وخاصة من احزاب المعارضة السياسية اليسارية كثيرا ما ترتفع وتبح اصواتهم في مناداة الحكومة بمراقبة اسعار الزقوقو وكبح جماحها ولكنهم لا يقولون ولو كلمة واحدة في مسالة غلاء خبز القاتو وارتفاع اثمانها بل نراهم وربما قبل غيرهم يقبلون على شرائها وشراء لوازمها وهم صامتون ملتزمون بتقديرها وباجلالها وباحترامها ومهما يكن من يحال ومهما يكن من امر فانني اختم فاقول ان اغلب تصرفات واحكام التونسيين تذهل وتدهش اهل النظر واهل العقول الذين كثيرا ما يقولون اذا سمعوا ردود اهل الجهل والعناد ويرددون وهم في اسوا حال قول ذلك الحكيم من ذوي الرشاد والسداد(وافق والا نافق والا اخرج من البلاد) ولم يبق لي ان اقول قبل رسم نقطة النهاية الا انني قد احتفلت كغيري بهذه السنة الادارية ولكن باعداد عصيدة تونسية تقليدية باعتبار اني لست من الموافقين ولست من المنافقين ولست من الذين يفكرون في مغادرة البلاد حتى ولو بقيت وحدي ارى ما لا يراه غيري من الخادعين ومن المخدوعين في مسالة الاحتفال ببابا نوال وبمولد رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وخاتم المرسلين ولا حول ولا قوة الا بالله رب العالمين